تلاشى آخر أمل لانهيار المنظومة التربوية (افتتاحية)

اثنين, 2017-05-15 09:31

افتتاحية حزب الصواب الاثنين 15/05/2017

(الشعار المرفوع والتصرف المتبع)

أعلنت الدولة قبل عامين أن عام 2015 سيكون سنة تعليم، تفاءل الموريتانيون خيرا ببروز هذه الإرادة السياسية النازعة لمعالجة قطاع تعتمد عليه مجتمعات العالم في تحسين قدرات إنسانها ورفع مستواه، وانتظروا تفاصيل مخطط الاستراتيجية الجديدة والخطوات اللاحقة التي يتطلبها الشروع في تنفيذ الإعلان، مدركين صعوبة معالجة اختلالات ميدان يستدعي الانعطاف به نحو المسار السليم إجراءات فعلية تمس بنية الدولة والمجتمع بشكل عميق، بعد أن ظل منذ ننهاية القرن الماضي يقسمهما إلى وسطين يتوفر أحدهما على تعليم متوسط أو جيد من خلال تدريس أبنائه في المدارس الخاصة أو إرسالهم إلى الخارج، و تجبر الظروف الاقتصادية الثاني منهما إلى دفع أبنائه نحو مدرسة عمومية تم الإجهاز التدريجي عليها حتى أصبح مرتادها يجتاز ثلاثة أرباع مراحلها دون إتقان القراءة ولا الكتابة ودون الحصول على مهارات غير جرائم الشارع وما يقدمه أصدقاء العوز والتسرب والجنوح. ..

بسرعة وجد الجميع أنفسهم أمام مشهد يمثل حالة غير طبيعية تعيشها البلاد في السنوات الأخيرة وهي عدم الانسجام بين التطلعات الملفوظة والمناهج المسلوكة، بين الشعارات المرفوعة والتصرفات المتبعة : ففي مستهل السنة نفسها تم التخلص من أقدم مدارس نواكشوط و تحويلها الي أسواق ومحلات تجارية، وفي نهايتها سربت مواد الباكلوريا، وفي وسطها شرع في تخلص الدولة مما كانت تساعد به الحاصلين بوسائلهم على تسجيل في جامعات ومعاهد خارجية، لا توجد تخصصاتها في البلاد سواء بعد حصولهم على شهادة الثانوية العامة، أو شهادة المتريز، وقبل أيام دخلنا في حلقات متقدمة من مسلسل احتقار المدرسين والتلاعب بعلاواتهم وامتيازاتهم الهزيلة أصلا ورفض التعاطي مع كل ما تتقدم به هيئاتهم النقابية من عرائض، والدفع بأعداد كبيرة منهم باستمرار إلى مزاولة مهن لا تناسب ما يطلب منهم تقديمه للمجتمع وهو تكوين الإنسان الواعي ذي الثقافة المتخصصة و الفكر المستنير، وأخيرا وصل الأمر إلى ممارسة الجرم المشهود في حقهم باعتماد العصي والقبضات الفظة لمواجهتهم وهم يتظاهرون سلميا ويحتجون على أوضاعهم المزية... ممارسة يراد لها أن تزيل من أذهانهم جميع المطالب والرغبات والأفكار والاكتفاء بحماية اجسادهم المكدودة من الركلات ووقع العصي المعدنية ولسع السياط .

 

ما حدث أمام وزارة التعليم ايوم الأربعاء 10 مايو من قمع وحشي لأساتذة يحتجون سلميا على امتناع الدولة عن صرف بعض العلاوات المستحقة : الامتياز، البعد، الازدواجية، التجهيز... يؤشر لمرحلة جديدة تعيد انتاج أسوء كاتلوكات التعاطي مع المطالب الاجتماعية، ومقدمة لمسار تلاشي آخر رمق وأمل في تدارك انهيار منظومة البلاد التربوية التي هي اساس بقائنا. فمن المؤكد أن اوضح أعراض انهيار امة ما هو انهيار منظومتها التربوية ، ولا توجد علامات انهيار أكثر وضوحا لقطاع التربية والتعليم من تجويع الاستاذ وظلمه وعرضه في الشوارع تحت رحمة الجلادين وسياطهم .