انواكشوط في رمضان .. المدينة التي لا تنام

جمعة, 2017-06-09 12:25

في الأصل رمضان شهر عبادة إلا أن هذه العبادة لدينا امتزجت بالعديد من العادات ولا شك أن لكل عادة – في الغالب- جانبين جانب إيجابي وآخر سلبي، ومن أبرز العادات التي خالطت رمضان انواكشوط في الآونة الأخيرة هي: ظاهرة قلة النوم، فما هي أضرار قلة النوم على الصائم؟ وهل له من فوائد؟

بفعل عوامل مختلفة تكثر قلة النوم لدى صائمي رمضان في موريتانيا في الفترة الأخيرة، فالنوم في الليل (الوقت الطبيعي للنوم) شبه معدوم لدى عامة الناس، فينشغل أغلب الشباب بقضاء ليل رمضان في لعب كرة القدم أو لعب الورق، أو ممارسة الرياضة أو الاستجمام والتفرج على الشوارع الحيوية وضواحي العاصمة لساعات متأخرة من الليل، بينما تقضي أغلب الفتيات ساعات الليل في وسائط التواصل الاجتماعي، أو في مشاهدة ما جادت به شاشات الدراما العربية أو الهندية أو التركية، بينما يقضيه الكبار في متابعة نشرات الأخبار أو زيارة الأقارب والجيران.

فمعظم أهل انواكشوط إذن لا يخلد إلى النوم إلا بعد تناول وجبة العشاء وعادة ما تكون متأخرة (ما بين الواحدة والرابعة صباحا) وبعضهم لا ينام إلا بعد التسحر.

ومع كل هذا هناك طرف آخر يفضل أن لا ينام حتى يؤدي صلاة الفجر لأنه يعلم أنه لن يستطيع الاستيقاظ في حال نومه قبلها لشدة تعبه وأرقه وبطبيعة الحال فإنه سيضطر إلى الاستيقاظ ما بين الساعة الثامنة والتاسعة صباحا لمزاولة أعماله اليومية الطبيعية.

بالإضافة إلى انعكاس قلة النوم على النشاط اليومي وما ينتج عنه من تثاقل وتكاسل فلقلة النوم أضرار صحية عديدة منها:

– تقليل الكفاءة العضلية للجسم وقد ثبت ذلك من خلال التجارب التي أجراها بعض علماء التربية البدنية.

– يتسبب السهر في خلل في جهاز المناعة مما يجعل الجسم فريسة سهله للعديد من الأمراض لأن هذا الجهاز مبرمج على ساعات اليقظة و النوم التي يحتاجها الإنسان، وعند حدوث تغيير في هذه الدورة اليومية يصاب جهاز المناعة بالتشويش والاضطراب.

– كما يتسبب الأرق و انعدام النوم, فإن امتد الأرق لفترات طويلة تنحط قوى الإنسان، ويتوقف عقله عن الإنتاج، ويسيطر عليه التشاؤم والميل إلى الوحدة؛ فيكره نفسه ثم يكره الحياة، لأن الجسم يحتاج إلى نوم هادئ وطويل، حتى يتمكن من التخلص من السموم والمواد التي تراكمت فيه نتيجة للأعمال الحيوية.

– زيادة معدل الوفيات حيث يكون الشخص عرضة للموت المفاجئ , كما تشير دراسة طبية إلى أن الأشخاص الذين لا ينامون بالقدر الكافي تزيد لديهم احتمالات الوفاة بسبب أمراض القلب بأكثر من ضعفين.

ولا شك أن للسهر في رمضان بعض الفوائد كالإكثار من شرب السوائل الذي يحتاجه جسم الصائم كثيرا وله فوائد أخروية كقيام الليل ففي رمضان من عظيم الأجر ما لا يكون في غيره، فالشهر شهر عبادة كما أسلفنا والأعمال فيه مضاعفة وعلينا التزود منها ما استطعنا، إلا أن قيام الليل ليس السهر ففي الأثر: (من صلى العشاء والصبح في جماعة فكأنما قام الليل) وصلاة التراويح قيام لليل، وقديما تغنى الشعراء بالسهر وما له من فوائد في تحصيل التعلم يقول أحدهم: يغوص البحر من طلب اللئالي ومن طلب العلى سهر الليالي.

وتبقى فرصة استغلال ليل رمضان ممكنة مع العلم أنه من الممكن أيضا تفادي الأضرار الجانبية للسهر والاستفادة من جوانبه الإيجابية، فبوضع خطة محكمة لتنظيم ليل رمضان نحس في فترة قياسية أننا خرجنا من انواكشوط التي لا تنام لعاصمة أخرى قوامها صوم صحي وليل طبيعي لا إفراط فيه ولا تفريط.

المصدر