موريتانيا: الوضع يتجه نحو التصعيد بعد تفريق تظاهرتين غير مرخصتين للمعارضة

جمعة, 2017-07-28 01:36

 تتجه الأوضاع السياسية في موريتانيا نحو التصعيد أسبوعا قبل الاستفتاء المقرر في الخامس من أغسطس/ آب المقبل حول تعديلات الدستور، وذلك حسب استقراءات لأحداث اليومين الأخيرين.

فقد فرقت الشرطة الموريتانية بعنف كبير تظاهرتين غير مرخصتين نظمتهما تنسيقية المعارضة بمقاطعتي السبخه وعرفات جنوب العاصمة مستخدمة القنابل المسيلة لدموع والهراوات، وأسفر هذا التفريق عن إصابة قادة المعارضة محمد جميل منصور رئيس حزب التجمع، والسيناتور محمد ولد غده، ومحمد محمود لمات نائب رئيس حزب التكتل بجروح ورضوض واختناقات.
ودعا تيار «موريتانيا الغد» (شبابي معارض غير مرخص)، أمس «جميع مناصريه وكافة أحرار موريتانيا إلى عصيان مدني شامل، متواصل حتى يوم الخامس أغسطس».
وأكد التيار في بيان له أمس «أن هذا العصيان ردة فعل على استخفاف النظام بعقول الموريتانيين وهدر أموال طائلة قد تصل إلى قرابة 20 ملياراً من الأوقية خصصت لتنظيم استفتاء عبثي سيقوض في النهاية جميع مكتسبات الموريتانيين الديموقراطية في وقت يعاني فيه المواطنون من الفقر والعطش وغلاء الأسعار». 
وقوبلت عمليات التفريق العنيف لتظاهرات المعارضة بموجة تنديد وإدانة واسعة من مدوني المعارضة ومن مؤسسة المعارضة الديموقراطية التي أدانت في بيان وزعته أمس «ما تعرض له ائتلاف قوى المعارضة من قمع ومضايقة ومنع من الترخيص والتظاهر».
وأكد البيان «أن إجراءات المنع والمصادرة ولى زمنها وأن الشعب الموريتاني وقواه الحية لن تسمح بالعودة بالبلد لعهد الدكتاتورية وحكم الفرد».
وشددت المؤسسة على «قناعتها بأن هذا المسار الأحادي الذي يسعى النظام لفرضه في ظل غياب الاجماع والتوافق الوطني لن يؤدي إلا إلى تفاقم الأزمة السياسية وزيادة التجاذب الداخلي».
وأضافت «يأبى النظام إلا أن يؤكد يوما بعد يوم ضيقه بالرأي المخالف ومصادرته لكافة أشكال التعبير السلمي، فقد منع قبل أيام تنسيقية قوى المعارضة من تنظيم تجمع في فندق الخاطر للتعبير عن موقفها من الاستفتاء، كما تم منع الترخيص لمسيرتي عرفات والسبخة رغم تقديم الإشعار للجهات المعنية وفي الآجال المحددة، ليصر قادة المعارضة عن ممارسة حقهم في التظاهر السلمي وهو ما جوبه بقمع وحشي تمثل في الضرب بالهراوات والاعتقال وإطلاق مسيلات الدموع في مواجهة قادة الرأي وممثلي الشعب الذين جاؤوا للتظاهر بشكل سلمي».
وأدن المنتدى الوطني للديمقراطية والوحدة في بيان وزعه أمس ما سماه «القمع الوحشي والتضييق على الحريات الذي أصبح النظام يتخذه أسلوبا ممنهجا لإسكات خصومه وفرض إرادته».
وأعلن عن «إرادته الراسخة في التصدي بقوة، للسياسة القمعية التي ينتهجها النظام ومواجهتها بحزم وثبات»، داعيا «كافة الموريتانيين الشرفاء وكافة القوى الوطنية الرافضة لطغيان الحكم الفردي واستمراره الى مقاومة الاستبداد، وإنقاذ البلاد من الهاوية التي يقودها النظام نحوها».
وأضاف البيان: «أن موريتانيا تشهد حاليا وضعية خطيرة لم يسبق أن شهدت مثلها في أي حقبة من تاريخها: رئيس الدولة يجوب البلاد في حملة قوامها التهديد والهجوم على الخصوم السياسيين والتأكيد على بقاء حكمه، والولاة والحكام الذين يفترض حيادهم في مثل هذه الاستحقاقات يلعبون دور رؤساء الحملات الانتخابية وأخذوا يعبئون للمسيرات القبلية ويشجعون التنافس القبلي بصورة مكشوفة، ومخصصات رؤساء الحملات تم صرفها مباشرة من ميزانية الدولة، كما تم تجنيد كافة الموظفين وعمال الدولة ووضعت آليات لمراقبة تسجيلهم وتصويتهم، ووسائل الإعلام العمومية محتكرة لتغطية التظاهرات والمهرجانات الجهوية والقبلية وتمجيد الفرد، وأصبح الجنرالات يتنافسون في تنظيم التجمعات القبلية والسياسية العلنية ويقحمون الجيش في السياسة في خرق سافر للقانون، كما تم شل الإدارة وتعطيل جميع مصالح المواطنين».
وقال: «في هذا الوقت بالذات تعمل السلطة على إسكات كل صوت معارض وتواجه التجمعات والمسيرات السلمية التي تنظمها أحزاب سياسية شرعية بالقمع الوحشي والقنابل المسيلة للدموع والضرب وشتى أنواع العنف، وهكذا تعرضت مسيرات سلمية نظمتها مساء الأربعاء المعارضة الديمقراطية الرافضة للاستفتاء في بعض مقاطعات العاصمة لقمع وحشي أسفر عن جرح عدد من قادة المعارضة والمناضلين واختناقهم ونقلهم الى الحالات المستعجلة».
وزاد البيان «إن هذا التصرف الهستيري، يشكل تعبيراً حياًعن فشل النظام وعزلته وعجزه عن تمرير تعديلاته بدون الإكراه وقمع الخصوم، إنه تعبير حي عن الفشل السياسي الذي مني به الاستفتاء حتى قبل أن تظهر نتائجه، فإمعان السلطة في خرق كل القوانين والنظم والأخلاق من أجل الاستغلال الفج لسلطة الدولة ووسائلها ومن أجل قمع المعارضة الديمقراطية والحركات الشبابية وكل الأصوات الرافضة، قد أدخل البلاد منعطفا خطيرا كشف عن الطرق والوسائل التي يصر النظام على استخدامها، والمتمثلة في العنف والقمع، ليس فقط من أجل تمرير تعديلاته الحالية، بل من أجل تمرير التعديلات الدستورية التي وعد بها والمتمثلة في ضمان بقائه وبقاء البلاد رهينة لديه، مما سيقود البلاد الى هاوية القلاقل وعدم الاستقرار التي تردت فيها بلدان بفعل تعنت قادتها وإصرارهم على البقاء في السلطة مهما كلف الثمن».
وحدث كل هذا بينما الرئيس محمد ولد عبد العزيز يجوب الولايات الداخلية قائداً للحملة السياسية والإعلامية الممهدة للاستفتاء وشارحا لمضامين التعديلات المقترحة.
وأكد الرئيس الموريتاني في خطاب أمس ألقاه في مدينة العيون (شرق البلاد)»أن نظامه باق مهما كانت الوضعية»، مضيفا قوله: «سنواصل هذه المسيرة، هذا هو تصميمنا وهذه هي عزيمتنا وتلك هي إرادتنا بحول الله». وهاجم معارضي التعديلات الدستورية وقال: «الذين يقفون ضد تعديل العلم لا يحملون تطلعات الشعب الموريتاني ولا يريدون له الخير ويشككون في كل شيء حتى في المدن العصرية التي أنشأناها خدمة للمواطن وتأمينا له وتقريبا للخدمات منه ووصفوها بأنها مدن أشباح وذلك ضمن أجندة التشكيك والإرجاف والأكاذيب التي دأبوا على تبنيها». وقال «منذ الاستقلال تمت مركزة جميع القطاعات في العاصمة نواكشوط، مما سبب خللا بنيويا في هذه المدينة وضغطا غير مسبوق على منشآتها وأفرغ المدن الداخلية من ساكنتها وأصبحت العاصمة قبلة للجميع»، مؤكدا «أن من شأن المجالس الجهوية (سيعوض بها عن مجلس الشيوخ الملغى)، أن تصحح ذلك الخلل وأن تعزز اللامركزية وتضمن توفير الأمن في كل ولاية». وأعلن الرئيس الموريتاني عن تراجعه عن عرض إلغاء محكمة العدل السامية على الاستفتاء، نافيا «الإشاعات بشأن محكمة العدل السامية»، وموضحا «أن ما كان مقترحا في هذا الصدد هو إناطة مهامها بالمحكمة العليا حفاظا على فصل السلطات إلا أنه بعدما أشيع في هذا الشأن تم صرف النظر عن ذلك التعديل».
وفند الرئيس الموريتاني «الإشاعات التي يطلقها بعض أطياف المعارضة حول تفشي الرشوة والفساد»، معتبرا «أن ذلك كله يدخل في إطار كذبها المعهود الذي لم يعد ينطلي على أحد».

القدس العربي