موريتانيا: الحكومة تنفي إشاعة رفضها اعتماد السفير المغربي المقترح

أربعاء, 2017-09-27 02:00

نفى محمد الأمين ولد الشيخ وزير الثقافة الناطق الرسمي باسم الحكومة الموريتانية أمس إشاعة تدوولت مؤخرا حول رفض موريتانيا قبول حميد شبار المعين من طرف الحكومة المغربية في 25 حزيران/ يونيو الماضي، سفيرا للمملكة لدى موريتانيا خلفا للسفير الراحل عبد الرحمن بن عمر.

وأشاعت وسائل إعلام مغربية وموريتانية خبرا عن هذا الرفض بعد التأخر اللافت الذي شهدته إجراءات قبول أو رفض عرض الاعتماد من طرف الحكومة الموريتانية.
وأكد الوزير الموريتاني في مؤتمره الصحافي الأسبوعي «»أن السفير المقترح لم يرفض، مبرزا «إن ما يشاع حول رفض اعتماده غير صحيح».
وقال «تقدمت المملكة المغربية باعتماد سفير وهو طلب يسير حسب الإجراء العادي وسيكون الرد عليه قريبا إن شاء الله».
وردا على سؤال آخر في سياق غير بعيد، تحدث الوزير الموريتاني عن قضية أخرى أشيعت مؤخرا تتعلق بفتح موريتانيا معبرا حدوديا مع الجزائر، بديلا عن معبر الكركرات بين موريتانيا والمغرب. 
وأضاف الوزير الناطق الرسمي الحكومي «الجزائر دولة شقيقة وصديقة والحدود معها كانت دائما مفتوحة وكل ما في الأمر أن المنطقة الحدودية مع الجزائر أصبحت منطقة عسكرية محظورة، ولذلك كان لا بد من فتح ممر بين موريتانيا والجزائر يكون مؤمنا ومسيرا بطريقة نظامية للمحافظة على تنقل الأشخاص والبضائع والتنقل المتبادل في تلك المنطقة الحساسة».
وتسهم هذه التوضيحات التي قدمها الوزير الموريتاني في تسليط الضوء على العلاقات المغربية الموريتانية التي تشهد منذ فترة توترا مستمرا مجهول الأسباب.
ومن مظاهر هذا التوتر أن الحكومة الموريتانية لم تعين سفيرا جديدا في الرباط منذ أن تقاعد سفيرها السابق محمد ولد معاوية سنة 2012.
وأرجع مراقبون ذلك كله إلى توتر غير معلن في العلاقات بين البلدين، في ظل غياب مبررات أخرى؛ وبدأ توتر العلاقات بين البلدين الجارين في الظهور إلى العلن في إثر قيام حكومة نواكشوط سنة 2011، بطرد مدير مكتب وكالة المغرب العربِي للأنباء من البلاد، وأمهلته 24 ساعة لمغادرة أراضيها، وهو القرار الذي اعتبره المغرب آنذاك، غير ملائم.
وعرفت العلاقات الموريتانية المغربية نهاية 2015 توترًا آخر زاد الطين بِلّة، حين قامت موريتانيا برفع علمها فوق مباني مدينة الكويرة التي يعتبرها المغرب جزءًا من ترابه، وتصاعد هذا التوتر بعد اتهامات وجهتها الأوساط المغربية للحكومة الموريتانية بتخليها في نزاع الصحراء عن موقف الحياد وميولها نحو دعم مواقف جبهة البوليساريو.
وقد ظلت الحكومة المغربية تتعامل بكثير من الهدوء مع ملف تطور علاقاتها مع موريتانيا، وهو ما أرجعه متابعو هذا الشأن لاضطرار المغرب لذلك حيث أن مصالحه تفرض عليه عدم التفريط في موريتانيا التي تمثل خاصرته الجنوبية، برغم تمكن موريتانيا من خلق توازن مستمر في العلاقات بين جاريها المتخاصمين، المغرب والجزائر. 
ولا تملك موريتانيا من أوراق الضغط على المغرب سوى ورقتي الموقف من الصحراء الغربية، والعبور البري نحو أفريقيا الذي تهتم به المغرب كثيرا من الوجهتين السياسية والتجارية، وتعتبر ورقتا «البوليساريو» و«العبور»، ورقتي ضغط مهمتين، خصوصا إذا لجأت موريتانيا إلى مسايرة أنشطة البوليساريو في مجالات التنقيب عن المعادن وفي مجال الاستثمار التجاري، أو غامرت بإغلاق المنفذ البري للحدود.
وفي مقابل هذا، تملك المغرب أوراق ضغط كبيرة على موريتانيا وإنْ كان الرئيس محمد ولد عبد العزيز الذي يوصف بأنه «تلميذ الرئيس معاوية»، لا يخضع للضغوط. 
ومن أبزر الأوراق التي تملكها المغرب في هذا الشأن، العلاقات الاجتماعية الوطيدة جدا بين المغرب ومحيط الرئيس محمد ولد عبد العزيز، وورقة الثقل الروحي الذي تمثله المغرب باعتبارها مركزا للطريقة التجانية ذات الأتباع الكثيرين في موريتانيا، ومن أوراق المغرب تأثيرها الكبير في الدول المجاورة لموريتانيا، خاصة جارتيها السنغال ومالي اللتين تتبعان الإشارة المغربية في كثير من مواقفهما الإقليمية.
ويتوفر المغرب كذلك على ورقة المنح الدراسية المقدمة للطلاب الموريتانيين في المغرب وورقة التبادل التجاري مع المغرب الذي تعتمد سوق الفواكه والخُضَر الموريتانية على منتوجاته الزراعية الرخيصة.
وقد حولت هذه الأوراق مضافة لاستمرار نزاع الصحراء ولانعكاسات التوتر المزمن بين المغرب والجزائر على موريتانيا، العلاقات الموريتانية المغربية إلى «أسنان منشار».
يذكر أن المغرب والجزائر لم يتمكنا في المرحلة التي أعقبت استقلال موريتانيا عام 1960، من بناء تحالفات استراتيجية ثابتة وغير قابلة للاهتزاز مع هذه الدولة ذات الموقع الاستراتيجي في المنطقة التي تعتبر جسرا بين المغرب العربي وأفريقيا، ولا يُرجَّح أن يقع ذلك على الأقل في المستقبل القريب، وذلك بسبب التغييرات السياسية المتتالية التي عرفتها موريتانيا خلال الأربعة عقود الماضية، مع ذهاب أنظمة ومجيء أخرى، وهو ما يضطر السياسة الخارجية للمملكة المغربية والجزائر إلى تغيير أدوات التعامل الدبلوماسي مع موريتانيا بشكل متواصل، بسبب المتغيرات الداخلية في موريتانيا وما يتبعها من مواقف في سياساتها الخارجية.

عبدالله مولود/نواكشوط – «القدس العربي»: