الزبونية والانتقائية تقف أمام مشاركة فعالة للشباب في الحزب الحاكم (تدوينة)

أحد, 2018-03-18 14:50

موسى إسلمو

لم تكن الأيام التشاورية التي أطلقتها اللجنة المكلفة بإصلاح الحزب الحاكم مجرد منتديات للاستماع لمختلف الآراء المتعلقة بتشخيص واقع الحزب من جهة، ووضع التصورات المناسبة لحل المشاكل التي أعاقت الحزب عن تأدية المهام السياسية والاجتماعية التي تأسس من أجلها من جهة أخرى. بل كانت أيضا مناسبة لنفض الغبار عن هم طالما كان موضوع نقاشات الشباب البينية، وفي كل اللقاءات الفكرية والسياسية ألا وهي "المشاركة السياسية للشباب".

هذه المشاركة رغم أنها كانت في السابق مجرد هم شبابي بحت إلا أن الأمر تغير في السنوات الأخيرة حيث لم تعد شأنا خاصا، بل تحولت لتصبح مطلبا أساسيا، خاصة لدى  رئيس الجمهورية محمد ولد عبد العزير. فالرجل نادى و ألح بضرورة إشراك الشباب .كما تعهد أيضا بإزالة كل العقبات التي تقف أمامها (أي المشاركة الشبابية) و فتح الباب لولوجهم في مختلف المناصب السياسية والإدارية، لكن الإرادة الصادقة لدى الرئيس اصطدمت بعقبات كثيرة من أبرز هذه العقبات تكتل نخبة سياسية وحكومية ضد أي مشاركة للشباب.

هذه النخبة رغم أنها تعلن مساندتها لتوجهات الرئيس ، إلا نها في الحقيقة تبطن الرفض المطلق لها وتسعى جاهدة لوأد كل محاولة جادة لأي شاب لبى  بصدق نداء الرئيس.

سعي هذه النخبة و الرافض كما أسلفت لمشاركة الشباب في العمل السياسي تجسد بشكل أكثر خبثا خلال التحضير للأيام التشاورية و أثنائها .  فكانت الزبونية في اختيار اللجان و  المتدخلين فقد تم انتقاؤهم على أساس الولاءات الشخصية.من  أجل السيطرة على النقاش ، وهو ماتم بالفعل حيث كانت جل المداخلات مجرد تلميع لوزراء وساسة بالشكر والثناء ، أو لتصفية الحسابات من خلال تركيز الهجوم بالهجاء على المنافسين.

فلم يكن اختيار المتدخلين مجرد صدفة، بل كان  نتاجا لخطة محكمة لسد الباب أمام كل رأي شبابي هادف ينصب حول بناء حزب قوي يلبي تطلعات المواطنين . ويسعى لبناء مؤسسة حزبية قوية قادرة على البقاء مهما كانت الظروف.

كل هذه العوامل السالفة الذكر وغيرها هي ماجعلت الشباب بين مطرقة حاجة الوطن الملحة للمشاركة السياسية له ، وسندان الرفض المطلق لهذه المشاركة من طبقة دأبت على احتواء الشباب وجعلهم مجرد سلم يستخدمونه للوصول لمصالحهم الشخصية.

إن عقلية الاقصاء التي مازالت تعشعش أذهان البعض هي ما  حدا بالكثير من الشباب الصادقين و أصحاب المؤهلات العلمية النأي بأنفسهم عن صف الأغلبية الحاكمة. أو الوقوف حائرين تساورهم أحلام بالمشاركة متحفزين بنداءات متكررة تناشدهم بضرورة الإلتحاق بركب البناء و تغيير العقليات السائدة و التي هي أكبر عائق أمام تقدم أمتنا ، لكن أحلام هؤلاء سرعان ما تتبخر مع أول خطوة نحو الأمام، حيث سرعان ما ينكشف الواقع المر بما يحويه من مؤامرات و زبونية ترسخت في ذهن طبقة سياسية جعلت من نفسها سورا قويا بين الرئيس وبين كل شاب وطامح ومقتنع بالنداءات المتكررة لرئيس آمن بقدرات الشباب لإنقاذ وطنهم من سيطرة المفسدين المتمترسين خلف تجربة طويلة من التحايل على الأنظمة المتعاقبة على حكم البلاد. من خلال. استخدام  المال العام وسيلة لتكريس نفوذهم على حساب تقدم أمتهم . ليبقي المواطن بصفة عامة و الشباب بصفة خاصة الضحية الاولى . وتظل  فاتورة تغيير هذا الوضع في ارتفاع إلى أن يقضي الله أمرا كان مفعولا.