بعد ظهور نوايا الفيفا… من سيكسر شوكة رونالدو وميسي؟

أحد, 2018-07-29 00:30

عادل منصور: تضاعفت فرصة التغيير الصحي «الضرورية» جدا لعالم كرة القدم، أكثر من أي وقت مضى، بإدخال معايير جديدة على نظام وشروط اختيار الفائز بجائزة أفضل لاعب في العالم من الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا)، الذي أعلن بدوره قائمة العشرة المتنافسين على جائزة «The Best» التي لم يجرؤ أحد على الاقتراب منها طوال العشرية الأخيرة المُدونة باسم الثنائي الأفضل في العصر الحديث، وربما في كل عصور الساحرة المستديرة، كريستيانو رونالدو وليونيل ميسي.

ما الجديد؟

اعتدنا على مدار السنوات الماضية، سواء قبل أو بعد انفصال «الفيفا» عن «فرانس فوتبول»، أن يبدأ السباق على الجائزة الفردية الأهم على مستوى العالم، بإيقاع بطيء جدا، بإعلان عريضة أولية وليست قائمة أولية، من 25 لاعبا تقلصت في ما بعد لـ23، وأحيانا أخرى الى 21 لاعبا، إلى أن يتم الاستقرار على العشرة الأوائل، ومعروف مُسبقا بنسبة تزيد على 90٪ أسماء القائمة النهائية المختصرة، بوجود رونالدو وميسي وأي لاعب آخر، علما أن العمل على اختيار لاعب العام، كان يبدأ في نهاية كل عام، وحفل توزيع الجوائز كان يُنظم في بداية العام الجديد، حتى الاختيار كان يتوقف على ما قدمه اللاعب على مدار عام (من يناير لديسمبر)، بخلاف العشوائية في نظام التصويت بدمج أصواب قادة ومدربي منتخبات العالم ومجموعة النقاد المُعتمدين وقدامى النجوم، أما هذا العام الأمر يبدو مختلفا 100٪ ، ببداية أقل ما يُقال عنها جادة، عكست ملامح اكتمال الخطة طويلة الأجل التي وضعها المدرب جاني انفانتينو منذ وصوله لسدّة حكم اللعبة الشعبية الأولى خلفا لمواطنه جوزيف بلاتر، وهذا يظهر بوضوح في التخلص من روتين عريضة الـ25 لاعبا، والاكتفاء بقائمة نارية من 10 لاعبين، منهم على الأقل خمسة يستحقون التواجد في القائمة المختصرة للثلاثي الذي سيستمر للنهاية.
ذاك الرجل المُبتسم دائما وأبدا بصلعته البيضاء، أراد ترك بصمته منذ يومه الأول في المؤسسة المتحكمة بكرة القدم، بعيدا عن الشفافية التي يتعامل بها بإدخال أفكار جديدة تتماشى مع العصر الحديث، كما فعل في نظام اختيار البلد المُنظم لكأس العالم، بتحويله من مُجرد قرار في يد اللجنة التنفيذية لقرار مصيري تُشارك فيه كل اتحادات العالم. أيضا نجح في إحداث ثورة هائلة في نظام اختيار أفضل لاعب في العالم، بتقسيم الأصوات بنسبة 25٪ موزعة بين قادة منتخبات العالم ومدربيهم والنقاد الصحفيين واللجنة الفنية (نجوم العالم) وأصوات الجماهير التي دخلت اللعبة العام الماضي، لكن الجديد هذه المرة، أن الاختيار سيتم بناء على ما قدمه اللاعبون مع منتخباتهم وأنديتهم منذ يوليو/ تموز الماضي وحتى وقت إعلان قائمة العشرة المُرشحين الأسبوع الماضي، ما يعني أن أي إنجاز سيُحققه أحد المُرشحين حتى موعد الحفل الذي ستستضيفه لندن في 24 من سبتمبر/ أيلول، سيكون مُجرد تحصيل حاصل، وهذه واحدة من التعديلات، التي لا تصب نهائيا في مصلحة رونالدو وميسي أكثر من أي لاعب آخر.

بالمنطق!

صحيح نظام التصويت سيتم بنفس طريقة العام الماضي، بالتوزيع بنسبة 25٪ ، لكن الفارق هذه المرة، أن الفيفا وضع الفترة الزمنية المُحددة التي يتم من خلالها التصويت، على عكس الوضع في 2017، حيث كان المجال مفتوحا نوعا ما، لضيق الوقت لتنفيذ خطة انفانتينو من أجل تعديل موعد الحفل السنوي لتوزيع الجوائز، ليكون التقييم بداية من 2018 كما تقضي الخطة، بناء على ما قدمه اللاعب طوال الموسم الكروي وليس العام الميلادي، والدليل على ذلك إقامة الحفل مرتين العام الماضي، بتسلم رونالدو الجائزة الخاصة بعام 2016 في يناير 2017 وجائزة العام الأخير في اكتوبر! وهذا ساعد الدون كثيرا للظفر بجائزته الشخصية الخامسة، بفضل أهدافه الحاسمة في دوري الأبطال والمباريات الكبرى في الليغا وكأسي السوبر الأوروبية والمحلية، وليس بثبات المستوى لأنه قضى بداية العام في اجازة. أما بعد اكتمال خطة انفانتينو هذا العام، ودعمها بشروط جديدة مثل ضرورة التألق فرديا وجماعيا مع النادي والمنتخب على مدار موسم كامل، والتشديد على أهمية سلوك اللاعب داخل الملعب وخارجه، جعل فرص رونالدو وميسي بالكاد متساوية مع خصومهم وربما أقل من واحد أو اثنين على أقل تقدير… كيف؟ دعونا نستعرض ملف كل مُرشح من قائمة العشرة على حدا بنظرة سريعة على أرقامه وموسمه بوجه عام سواء مع ناديه أو منتخب بلاده.

العائد من بعيد

أقل وصف للمدافع الفرنسي رافاييل فاران، عشاق الريال يعرفون جيدا أن موسمه مع الفريق لم يكن مثاليا، حتى أن بعض جماهير الميرينغي اعتبرته الحلقة الأضعف في دفاع النادي في أغلب فترات الموسم الماضي، لكن فجأة، تّحول لوحش كاسر عندما لعب إلى جانب صامويل أومتيتي بقميص فرنسا في نهائيات كأس العالم، ولم يكتف بمساعدة الديوك على الخروج بشباك نظيفة أمام أوروغواي وبلجيكا في مراحل خروج المغلوب، بل تكفل بتسجيل هدف حاسم أمام منتخب الثعالب، الذي يملك أقوى خطوط الدفاع في العالم، وبوجه عام، كان أحد أفضل لاعبي فرنسا في المونديال، وبجانب فوزه بدوري أبطال أوروبا، لن تكون مفاجأة إذا فاز بالجائزة، على غرار ما فعله فابيو كانافارو في عام تتويج إيطاليا بكأس العالم 2006.
الانكليزي الجلاد

قدم هاري كاين موسما جيدا مع توتنهام، ورغم نجاحه في الوصول لأعلى معدل أهداف في موسم واحد في البريميرليغ، بتسجيل 30 هدفا، إلا أن جائزة الحذاء الذهبي للدوري ذهبت للفرعون المصري محمد صلاح بفارق هدفين، مع ذلك حصل على تعويض أفضل، بالفوز بجائزة هداف كأس العالم بستة أهداف، مع رد عملي على كل من ينتقده بالتسجيل من ركلات جزاء وكرات ثابتة، بتسجيل هدفين من هجمات ولعب مفتوح، لكن يُعاب عليه أنه لم يستكمل المونديال بنفس القوة التي بدأها، خاصة بعد الخروج المُبكر لرونالدو وميسي، لذا يُعتبر من الفئة الأقل حظًا.

السهم الأشقر

بدون كيفن دي بروين، كان من الصعب جدا أن يُحقق مانشستر سيتي كل هذه الأرقام القياسية التي خرج بها بيب غوارديولا من موسمه الثاني في بلاد الضباب، فقط سجل ثمانية أهداف وقدم لرفاقه 16 تمريرة حاسمة ساهمت في حصول السيتي على اللقب بـ100 نقطة، ولولا انفجار محمد صلاح بشكل لا يُصدق في نهاية الموسم، لفاز الدولي البلجيكي بجائزة لاعب العام في إنكلترا، حتى في كأس العالم، لعب دورا مهما في حصد الشياطين الحمر أول ميدالية في المونديال، وشاهدنا ما فعله في ليلة القبض على البرازيل، ليقود بلاده للدور نصف النهائي، ثم بعد ذلك الفوز على الإنكليز في مباراة تحديد المركز الثالث والميدالية البرونزينة، ووجوده في القائمة المختصرة، لن يكون مفاجأة.

كرويف الشرق

لوكا مودريتش أحد أهم القطع الثابتة في مشروع زين الدين زيدان الذي كلل نجاحه بالاحتفاظ بالكأس ذات الاذنين ثلاث مرات متتالية، وحتى نعرف قيمته، فقط علينا مشاهدة مباريات الريال بدونه، ستُلاحظ مدى معاناة اللاعبين لإخراج الكرة بسهولة وأريحية من منتصف الملعب للثلث الأخير من مناطق الخصوم، ومودريتش، قادر على فك طلاسم الدفاعات بتمريرة واحدة، لرؤيته وموهبته العبقرية في التمرير، لكن واقعيا، من الصعب اعتباره مٌرشحا قويا أو منافسا حقيقيا لرونالدو أو ميسي، بعد عودته إلى وطنه بدون كأس العالم.

الجناح العجيب

فرص ايدين هازارد لا تقل كثيرا عن دي بروين، الاستثناء الوحيد بينهما، أن موسم هازارد مع تشلسي لم يكن جيدا بما فيه الكفاية باستثناء الفوز بكأس إنكلترا على حساب اليونايتد في نهائي «ويمبلي»، أما في كأس العالم، فنجح في التعبير عن نفسه كما ينبغي، وكأنه يقول لفلورنتينو بيريز لا تُكلف نفسك عناء البحث عن خليفة رونالدو، بتسجيل ثلاثة أهداف والقيام بأكبر عدد مراوغات بواقع 40 مراوغة ناجحة، فقط مارادونا هو من تخطى حاجز الـ40 مراوغة في مونديال واحد، عام 1986، لكن مشكلته الوحيدة، تكمن في ابتعاده عن الأضواء وقلة وضعف نشاطاته التجارية والتسويقية مثل نيمار ورونالدو وميسي ومؤخرا صلاح، وهذا في حد ذاته، يُقلص فرص تواجده في القائمة المختصرة، على الأقل لحين أن تتوسع أعماله وشهرته واسمه كعلامة تجارية إذا قُدر له الذهاب لريال مدريد هذا الصيف.

القاتل الأنيق

العقل المُدبر وحامل أختام الحملة الفرنسية في مونديال روسيا، أنطوان غريزمان الذي كان أشبه بالكابوس في دفاعات منافسي الديوك، بتحركاته ونشاطه في الثلث الأخير، وإبداعه في التصرف بالكرة في الهجمات المعاكسة مع الاستغلال المثالي لركلات الجزاء التي صنعت الفارق لفرنسا في البطولة، وبخلاف دوره الكبير في فوز بلاده بكأس العالم، فهو أيضا صاحب الفضل الأكبر في تتويج أتلتيكو مدريد بالدوري الأوروبي بالفوز على مارسيليا في النهائي بهدفيه، ليُنهي موسمه مع الهنود الحمر بـ29 هدفا ومع فرنسا سجل 4 أهداف وصنع اثنين في المونديال، علما أنه حافظ على مستواه في القمة في أغلب فترات الموسم، ويُسانده إعلام مؤثر في أوروبا وملايين المتابعين عبر صفحاته على مواقع التواصل الاجتماعي، على عكس وضع إنييستا وشنايدر عام 2010، لذا إن لم يفز بالجائزة وهذا أمر مُستبعد، فعلى الأقل سيكون أحد الأضلاع الرئيسية في القائمة المختصرة.

ملك مصر

لم يتوقع أكثر المتفائلين أن يتوهج محمد صلاح بهذه الصورة مع ليفربول، يكفي فقط أنه منذ بداية البريميرليغ بنظامه ومسماه الحديث، لم يُسجل أي مهاجم أكثر من 31 هدفا في 38 مباراة، فقط آلان شيرر وكريستيانو رونالدو ولويس سواريز سجلوا 31 هدفا، إلى أن جاء صلاح ليُصبح الهداف التاريخي بـ31 هدفا، هذا ولم نتحدث عن عشرات الجوائز التي احتكرها طوال موسمه الاستثنائي، منها على سبيل المثال أفضل لاعب في الدوري من رابطة اللاعبين، والنقاد والشركة الراعية للمسابقة، أمر لم يفعله أي لاعب من قبل، فضلاً عن الدور الكبير الذي لعبه في وصول ليفربول لنهائي دوري أبطال أوروبا للمرة الأولى منذ 11 عاما، ولولا إصابته في الكتف، لما فاز الريال بكل هذه السهولة على الريدز في نهائي «كييف»، حتى وهو مُصاب تكفل بتسجيل هدفي منتخب بلاده في المونديال. لذلك أبسط شيء يُمكن قوله وفقا لمعايير الفيفا والشروط الجديد، ان صلاح وغريزمان أقوى وأبرز مُرشحين لإنهاء زمن احتكار ميسي ورونالدو.

البرغوث

على أرض الواقع وبلغة الأرقام الفردية، فميسي هو الأفضل بدون منازع، نتحدث عن هداف الدوريات الخمس الكبرى صاحب جائزة الحذاء الذهبي، وعلى المستوى الجماعي، فاز مع البارسا بالليغا بدون هزيمة واحدة، بجانب اللقب المُفضل في السنوات الماضية كأس إسبانيا، في المقابل، ودع دوري الأبطال من الدور ربع النهائي، ومع منتخب الأرجنتين قدم كأس عالم للنسيان، لذا، فرصه هذه المرة أقل من أي وقت مضى في العقد الأخير.

الفونومينو

كيليان مبابي نسخة طبق الأصل من الظاهرة رونالدو في منتصف التسعينات، ربما موسمه الأول مع باريس سان جيرمان كان جيدا إلى حد ما بتسجيل 21 هدفا، لكن على المستوى الدولي كان وضعه مختلفا، بومضات التألق التي جعلته يُذكر العالم بالأسطورة بيليه عندما كان في نفس سنه وقاد البرازيل للفوز بكأس العالم 1958، وإن كان صلاح وغريزمان من أقوى المُرشحين للفوز بالجائزة، فحظوظ مبابي لا تقل عنهما، بل ربما تزيد.

صاروخ ماديرا

أحد العقبات التي تواجه كريستيانو رونالدو بدايته البطيئة مع ريال مدريد، بعد معاقبته بالإيقاف 4 مباريات، وضعف معدله التهديفي، لدرجة تسجيل هدفين فقط في الليغا حتى أعياد الميلاد، وهناك عقبة أخرى قد تكون سببا في حرمانه من الجائزة السادسة في مسيرته، وهي قضايا التهرب من دفع ضرائب بأكثر من 14 مليون يورو، والتي يُقال أنها من أسباب رحيله عن الريال، وهذا استنادا لمعيار سلوك اللاعب خارج الملعب، أما داخل الملعب، فحدث ولا حرج عن أرقامه التي تتحدث عنه، منها على سبيل المثال اعتلاء صدارة هدافي دوري أبطال أوروبا للعام السادس على التوالي، وتسجيل 15 هدفا في موسم التتويج بالكأس ذات الاذنين للمرة الثالثة على التوالي والرابعة في آخر 5 سنوات، كما أنه عاد بقوة لمنافسة ميسي على الهداف في نهاية الموسم، وأيضا أبلى بلاء حسنا مع البرتغال في كأس العالم، بتسجيل 3 أهداف هاتريك في أول مباراة ضد إسبانيا وهدف آخر في المغرب، لكن في النهاية خرج مُبكرا من الدور ثمن النهائي، وقبلها خرج خالي الوفاض مع الريال على مستوى الألقاب المحلية، فقط اكتفى بالأبطال، مع ذلك لا يُمكن الاستهانة بحظوظه وعلى الورق يبدو مُرشحا فوق العادة جنبا إلى جنب مع الثلاثي مبابي وغريزمان وصلاح أو فاران… فهل سيتغير وجه الفائز بالجائزة للمرة الأولى منذ عام 2008؟ أم ستستمر سطوة ليو والدون؟

لندن ـ «القدس العربي»