العاهل المغربي يؤكد على الأهمية الإستراتيجية لمنطقة الساحل الإفريقي

ثلاثاء, 2019-02-26 00:48

 قال الملك محمد السادس؛ عاهل المملكة الغربية، إن منطقة الساحل الإفريقي تشكل صلة ربط بين شمال القارة السمراء وجنوبها؛ لكنها اليوم تعاني تأثير التقلبات المناخية وتبعاتها الوخيمة؛ مبرزا، في خطاب ألقاه نيابة عنه وزير الشؤون الخارجية والتعاون الدولي المغربي، ناصر لوزيرة، أمام القمة الأولى للجنة المناخ بمنطقة الساحل؛ التي انطلقت أعمالها اليوم (الاثنبن) في نيامي؛ عاصمة النيجر، أن واقع الوضع المناخي والتحديات البيئية في هذا الجزء من كوكب الارض واضح جلي، والجميع يدرك حجم المخاطر التي تتهدد منطقة الساحل إذ تمس حياة السكان اليومية وتؤثر سلبا على التنمية الاجتماعية والاقتصادية، وعلى الاستقرار الإقليمي.

 

وأضاف العاهل المغربي، الذي اختارته اللجنة الخاصة بالمناخ في منطقة الساحل وحوض الكونغو ضيف شرف على قمتها الاولى بنيامي:

 

“الحمد لله، والصلاة والسلام على مولانا رسول الله وآله وصحبه. أصحاب الفخامة والمعالي رؤساء الدول والحكومات، السيد رئيس مفوضية الاتحاد الإفريقي، حضرات السيدات والسادة، (...) لا يفوتني، بهذه المناسبة، أن أعرب لأخي فخامة الرئيس محمادو إيسوفو، عن خالص تهانئي على كل الأشواط التي تم قطعها على درب تفعيل لجنة المناخ، الخاصة بهذه المنطقة.

فجمهورية النيجر، بحكم موقعها الجغرافي، تحظى بأهمية محورية تؤهلها للإسهام في تعزيز الاستقرار والأمن والتنمية في منطقة الساحل، بل في القارة الإفريقية بأكملها.

 

أصحاب الفخامة والمعالي، حضرات السيدات والسادة، إن واقع الحال واضح للعيان، والمخاطر المناخية التي تتهدد منطقة الساحل معروفة ويعلمها الجميع. فهي تمس حياة السكان اليومية، وتؤثر سلباً على التنمية الاجتماعية والاقتصادية، وعلى الاستقـرار الإقليمي.

فهذا المجال الاستراتيجي، يعكس، أكثر من غيره، ما للبيئة من تأثير مباشر على ظروف العيش. فنقص الغذاء، وانخفاض احتياطيات المياه والتصحر، كلها نتائج مرتبطة بالتغيرات المناخية، ستواصل دفع شبابنا إلى الهجرة، مما يحرم قارتنا الإفريقية من جزء مهم من قواها الحية.

إنها مخاطر تتطلب منا ومن شركائنا استثمارا كبيراً وانخراطا كلياً من أجل الاستجابة لتطلعات الشعوب وتحقيق أهداف التنمية الشاملة"؛ مبرزا أن "الكفاح من أجل تحقيق العدالة المناخية يعد، بالنسبة لشعوب القارة، معركة من أجل تحسين ظروف العيش، وضمان حياة كريمة ومستقبل واعد".

 

وتابع رئيس الدبلوماسية المغربية في معرض قراءته للخطاب الملكي أمام قادة دول وحكومات المتسمة الإقليمية:

 

"إن العدالة المناخية ينبغي ألا تظل مجرد شعار أجوف، بل يجب أن تصبح مطلباً أساسياً بالنسبة إلينا جميعاً، بما يتيح لشعوبنا الاستفادة الآمنة من الموارد الأساسية، وهو ما سيجنب شبابنا أسباب اليأس، ويقيهم من الوقوع في شرك المنظمات الإجرامية والإرهابية.

أصحاب الفخامة والمعالي، حضرات السيدات والسادة، ينبغي ألا ينحصر حشد طاقات مختلف الفاعلين لمواجهة الآثار المدمرة للتغيرات المناخية في نطاق الحدود الوطنية، بل يجب أن يتجاوزها. ولذلك، فقد شكلت قمة العمل الإفريقية، التي انعقدت بمبادرة منا في نونبـر 2016 بمراكش، على هامش الدورة الثانية والعشرين لقمة المناخ، عملا سياسياً قويا من لدن القادة الأفارقة. فقد أطلقنا بذلك، نحن رؤساء الدول الإفريقية، دينامية جديدة تتمحور حول مشاريع طموحة وملموسة عابرة للحدود، تديرها ثلاث لجان يعد المغرب شريكاً مؤسساً لها،

 

وهي:

 

• لجنة حوض الكونغو، التي ترأسها جمهورية الكونغو؛

• لجنة منطقة الساحل، برئاسة جمهورية النيجر؛

• لجنة الدول الجزرية، التي ترأسها جمهورية السيشل.

 

وقد أنهينا المرحلة الأولى في السنة الماضية، مع أخينا فخامة الرئيس ساسو نغيسو، في برازفيل، خلال القمة الأولى للجنة المناخ لحوض الكونغـو. وتم حينها إرساء الأسس اللازمة لضمان تعبئة الأطراف المعنية، وبلورةِ مقاربة خلاقة وجريئة، بما يمهد السبيل لتدابير مستقبلية، تحمل الأمل والحلول الملموسة للساكنة، على المستويين المحلي والإقليمي.

 

وها نحن اليوم، نجتمع هنا في نيامي، تحدونا الرغبة نفسها في تقويـة تدابيرنا، وتعزيز اتساقها، من خلال مقترحات جديدة. فبإطلاق خطة الاستثمار المناخي لمنطقة الساحل وبرنامجها الإقليمي ذي الأولوية، سيكتمل عقد المشاريع الحيوية بل والضرورية، التي شُرع فعليا في تنفيذها". خطاب الملك محمد السادس تضمن أهم إعلان يجسد مقررات وتوصيات قمة المناخ العالمية بمراكش، ويقدم دعما أساسيا لخطة العمل الإستراتيجية التي تعتمدها لجنة المناخ بمتطقة الساحل، وذلك من خلال تأكيد الخطاب الملكي "التزام المملكة المغربية بالتكفل بدراسات الجدوى اللازمة لاستكمال خطة الاستثمار المناخي هذه"؛ كما تضمن الإعلان عن دعم جوهري تمثل قي التأكيد على أنه "للجنة أن تعول على دعم مركز الكفاءات للتغير المناخي في المغرب، لاسيما فيما يتعلق بتعزيز قدرات أعضائها. فهذا المركز الذي أنشئ سنة 2014،

 

يعد فضاء للتميز الوطني والقاري في مجال تطوير ونشر المعارف والممارسات الفضلى المرتبطة بالتغيرات المناخية". وختم العاهل المغربي خطابهه بالتأكيد على أنه "يمكن لمنطقة الساحل، التي تضم بلداناً من شرق إفريقيا ووسطها وغربها، أن تتحول إلى نموذج متقدم للتكامل الإقليمي، على المستويات الاقتصادية والبيئية والسياسية والبشرية.

 

وتشكل لجنة المناخ لمنطقة الساحل إحدى الركائز الكفيلة بتمكينها من بلوغ هذا الهدف"؛ مذكرا بأن "التاريخ نشأ هنا في هذه الربوع، وها هنا يَكمُن مستقبلها. وبالتالي، فمن واجبنا تجاه الأجيال القادمة، أن نتبنى لصالحها التـزاماً سياسياً، مدعوما بعمل جماعي تضامني، من أجل التصدي للتغيرات المناخية وآثارها".

 

جرى حفل افتتاح قمة نبني تحت رئاسة محمادو إيسوفو؛ رئيس جمهورية التيجر، الرئيس الدوري لمؤتمر رؤساء ذول وحكومات لجنة المناخ بمتطقة الساحل؛ بحضور رؤساء كل من تشاد والكونغو لزازافيل، وغينيا بيساو، وبوركينا فاسو، ونائب الرئيس السوداني ورئيس وزراء مالي؛ إضافة لوفد المملكة المغربية.