التنافس السياسي بشرف

اثنين, 2019-04-15 19:09

بقلم: عثمان بن جدو

يختلف التنافس في مجال السياسة عن غيره من مجالات الحياة، ففي الوقت الذي يكون فيه التنافس في مجال الصناعة والاقتصاد مبني على جودة المنتج وجدوائية التخطيط وفاعلية التنسيق والتسويق، وفي المجال الاجتماعي يكون التنافس من أجل حصول الإيجابية.. يتنافس الطلاب لاكتساب المعارف وحيازة مفاتيح النجاح، يتنافس رجال المجتمع في التمثل بالخلق الحسن، ونثر شناشن الخير، وطباع الفضلاء؛ في ذات الوقت يأخذ التنافس السياسي شكلا آخر، وبعدا مختلفا، ومسلكا عكسيا.
صحيح أن التنافس السياسي على مر التاريخ لم يقم -في أغلب حالاته- على النقاء والتنافس الشريف، ففي حين يكون الانزعاج بالغ مداه، والاستنفار في أعلى مستواه؛ ضد الاستبداد بالحكم، والتحكم المطلق، في مقارعة جلية للأنظمة التي عمرت، بغض النظر عن طبيعة نهجها، أهو إعماري، إرشادي، عدلي؟، أم هو استبدادي، ديكتاتوري؟، تكون وسائل التنافس وأدوات النزال أقرب إلى التنازع منه إلى التنافس؛
عندما تظلنا المواسم السياسية، تخرج الفضائح، وترتب المؤامرات، وتكثر التهم، وتنصب الأفخاخ، في تعريف واضح للعبة السياسية؛ يحيل إلى السوء، والمكر، والخداع، والمغالطة.
لا يحتاج المنصت للتسجيل *المفبرك* الذي يستهدف مرشح الإجماع الوطني بغرض الإضرار بمساره السياسي، ونهجه الأخلاقي، الذي تزينت به كل تحركاته الميدانية، وخرجاته الإعلامية، التي ظهر فيها؛ خطيبا رزينا، قائدا منصفا، متصالحا مع الجميع، مهذبا للسلوك، ناصحا للأتباع، وموجها للمناصرين بضرورة الابتعاد عن نقد الآخر أو النيل منه، بل دعا بكل حذاقة وصراحة في بيانه المنشور بعد انتهاء جولته الاتصالية بالمواطنين إلى عدم الإساءة لأي مرشح؛ في رسالة واضحة الدلالة عميقة المعنى إلى أولئك الذين ينشطون على شبكات التواصل، ويتخذون من الإساءة مطية، ومن التجريح والبذاءة سلم، لا يحتاج المنصت لهذا التسجيل وسيلة مساعدة في كشف زيفه وفبركته عند سماعه لمرة واحدة دون إعادة، فالصبي يدرك ذلك بداهة، والغبي يستوعبه دون انطلاء.
من غباوة الفبركة في هذا التسجيل أن تسأل هذه الفتاة هذا الرجل الذي يفترض عندهم انه هو المرشح، او أرادوا ذلك في هذا التسجيل-على الأقل- كيف يخبرها أنه في زيارة منذ عشرة أيام وهي تسأل للتأكيد! وكأن زيارة المرشح جرت في السر! او كانت مطيته فيها وسيلة مخفية، كل سكان موريتانيا، مواطنين وأجانب على علم تام بتفاصيل هذه الزيارة، كيف لمن يفترض قربه من الرجل لهذا الحد ان يفوته الاطلاع عليها؟، وهي التي يستيقظ كل مواطن على تفاصيلها وينام على وقع ذلك، سواء كان مؤيدا أو مناوئا، سواء كان صدى هذه الزيارة له محمودا، أو كان عنده محل الامتعاض والتندر، كلنا يعلم أن هواتف الجميع تعج بأخبار هذه الزيارة ترحيبا أو نقيضه.. هذه الجزئية لوحدها كفيلة بنسف *المنتج السيء* من زوايا ارتكازه ورهان إنتاجه.
ثم إننا لو تتبعنا فحوى التسجيل لوجدنا قرائن أخرى ودلائل تؤكد ما نقول وتنفي ما زعموا، كيف لفتاة في العاصمة انواكشوط تتجول في سيارتها أن تجد مشكلا في الخروج وفي من يرتب لها مغادرة المنزل الذي يحتاج الخروج منه إذن الوالد! كيف تتحرك في السيارة إذا؟ هل لها سائق؟ ما ضرورة وجودها أصلا؟، و أنتم تعرفون أن العاصمة انواگشوط تعج بالشقق المفروشة وبها من العشوائيات القدر الذي مازال تشكل الوجهة المفضلة والآمنة لكل من لم يسعهم الإطار الشرعي، أو وسعهم واختاروا له رداء ستر ونهج سر.