هل تكون التغييرات الدبلوماسيةالأخيرة بداية لتنفيذ خطة الرئيس(قراءة)

جمعة, 2020-03-13 09:52

رئيس الجمهورية محمد ولد الشيخ الغزواني أثناء لقائه الأخير مع الصحافة

أجرت السلطة الموريتانية أمس تغييرا كبيرا في السلك الدبلوماسي شمل أحد عشر سفيرا. التغيير هو الأول في البعثات الدبلوماسية بعد تصريحات الرئيس الموريتاني خلال حفل العشاء الذي نظمه على شرف الصحافة الموريتانية خلال الاسابيع الماضية. تلك التصريحات التي ركز فيها على عزمهم وضع استراتيجية جديدة لتفعيل الدبلوماسية الموريتانية وجعلها تساير التحديات والطموحات الدولة الموريتانية . فهل تكون هذه التغييرات الدبلوماسية بداية لتنفيذ خطة الرئيس الرامية إلى تمهين الدبلوماسية الموريتانية ؟ بالعودة إلى التعيينات التي أقرتها الرئاسة الموريتانية أمس نجد أنها خلطت ما بين الدبلوماسي المهني و البعد الترضوي إن صح التعبير, فالتعيينات شملت أحد عشر سفيرا أغلبهم ما بين سفير سابق ومدير في الخارجية قبل تعيينه, أما الباقي فهم وزراء سابقون في عهد ولد عبد العزيز . ومن جانب آخر نجد أن هذه التغييرات شملت محور الدبلوماسية الموريتانية الحي . فمثلا شملت التعيينات سفراء في الأمم المتحدة والإتحاد الإفريقي وهذا ما يدل على أن السلطة تريد تفعيل دبلوماسيتها الخارجية بما تعنيه الأمم المتحدة والإتحاد الإفريقي من أهمية دبلوماسية عالمية وقارية. أما على مستوى تحسين العلاقات البينية بين موريتانيا والدول الشقيقة فقد شملت التغييرات تعيين السفير ولد حناني بالمملكة المغربية وهو ما يرى فيه بعض المراقبين، نظرا لكفاءة الرجل، محاولة لتطبيق رؤية الرئيس في قضية الصحراء الغربية والتي عبر عنها في لقائه مع الصحافة بتأكيده على الموقف التاريخي لموريتانيا وهو الحياد الإيجابي ، موضحا أنه الحياد الذي يساهم في حماية المصالح الموريتانية وحل الأزمة "المزمنة" ويضمن الوقوف على مسافة واحدة من أطراف الصراع . بلد آخر يشكل محورا رئيسيا في الدبلوماسية الموريتانية لما يضم من جالية موريتانية وبما يرتبط به مع بلادنا من علاقات تاريخية ثقافية واقتصادية تعززت أخيرا بعد الزيارة التي نظمها له الرئيس محمد ولد الغزواني ألا وهوالإمارات العربية المتحدة , فقد اختير لسفارة موريتانيا بها أحد أعرق الإداريين خبرة وكفاءة وهو محمد ولد محمد راره، وهي رسالة واضحة الدلالة والأهمية. تلك معالم قد يرى فيها البعض بداية لتنفيذ الاستراتيجية الدبلوماسية الجديدة لموريتانيا في عهد ولد الغزواني ، او على الاقل في جانبها المتعلق بالكادر البشري الذي يتولى التمثيل, اما على مستوى التكوين والتاطير الذي يمكن الدبلوماسي الموريتاني القيام بدوره المنوط به بكفاءة وخبرة، فقد خصصت الاستراتيجية له اكاديمية دبلوماسية يعهد لها بالتكوين والتأطير للدبلوماسيين الموريتانيين. لكن كل هذه الإجراءات يرى البعض أنها ستظل محدودة التأثير مالم تقلع الجهات المختصة عن إغراق السلك الدبلوماسي بأشخاص لا تربطهم به صلة ، في حين أن عشرات الكوادر من الدبلوماسيين الشباب خريجي المدرسة الوطنية ما زالو حبيس مكاتب الوزارة، حيث النسيان والتهميش والتعطيل المقنع. عائق آخر وهو عدم قيام البعثات الدبلوماسية بدورها المكلفة به والذي من ضمنه التعريف بالبلاد وتمثيلها أحسن تمثيل وحصر دور بعض السفارات الموريتانية في الخارج بتسيير مهام الأفراد في السفارة من عمال فقط . ويُرجع بعض المختصين هذا العائق لعوامل عدة منها غياب الكفاءة والتخصص لبعض ممثلي البعثات في الخارج، لاختيارهم على أساس سياسي بعيد كل البعد عن التخصص الدبلوماسي. عموما تعتبر التعيينات الأخيرة لدى بعض المراقبين بداية مبشرة لتنشيط الدبلوماسية الموريتانية على أساس من المهنية والكفاءة، لكنها في نظر الكثيرين تظل انطلاقة خجولة ما لم تصاحبها إجراءات عملية سريعة تشمل ضخ دماء شابة في العمل الدبلوماسي ووضع حد للعقلية الماضية التي كانت تعتبر السفارات مجرد وسيلة تشغيل فقط تمنح ترضية لبعض السياسيين ممن أقيلوا من مناصبهم التنفيذية في الحكومة.