يوميات مصابة بالكوفيد في موريتانيا

اثنين, 2020-05-18 23:39

الأولى

أنا شابة موظفة أتقن لغات عديدة فقدت والدتي مبكرا ولي مع الموت علاقة وطيدة،أمقته ويحب محيطي ويتربص بي لاشك.

منذ أمس وأنا في الحي الجامعي الذي تحول الى مشفى، لكن قبل الوصول الى هذا المكان عشت يومين من الرعب،فقد اتصل أحد أقاربي وكان أفطر معنا ليخبرني بأنني خالطته وبأنه أصيب..فزعت وازددت فزعا حين فكرت ان خالتي المسنة وهي آخر أم لي على قيد الحياة قد تكون أصيبت بحكم ارتباطي بها، اتصلنا على السلطات،حضروا بلبسهم المرعب وتنادى أهل الحي بنسائهم وأطفالهم للفرجة،كأن شرطة الآداب ستعتقل سيدات ماخور، على أصوات وجلبة الحشد شربوا من دمي ودم خالتي وانصرفوا..الثانية صباحا اتصلوا واخبروني بأنني والخالة مصابتان..اجهشت بالبكاء أمامها وضمتني الى صدر ساخن محموم، وبعد ساعة حاصرت سيارات الشرطة بيتنا ودخل أصحاب البزات المرعبة..يتكلمون ولا أحدد هل كلامهم بشع أم طيب لأنهم بلا أعين وبلامباسم وبلا أنوف..ركبنا السيارة وكان جسد خالتي ملتهبا فتحت ليدخل تيار بارد فالسيارة تشق الفيافي متجهة الى مجهول علم بعد دقائق واتضح انه الحي الجامعي..أدخلونا غرفة فسيحة بها تلفاز كبير وتكييف وخدمة انترنت قوية وشرفة تطل على اللاشيئ..بعد ساعات من الاهتمام بالخالة انسلخت الحمى من جسدها وجلست القرفصاء على سريرها ثم نظرت الي وذرفت دموعها: لماذا نحن؟

-لأننا خالطنا بدون تحفظ قريبك المصاب، ثم انه لاوجود للأعراض في أجسامنا والحمدلله.

دخل الطبيب الشاب مبتسما: الذعر يجب أن يموت بمجرد الدخول هنا فأنتم الآن تحت الرقابة ولاوجود والحمد لله لمايقلق في ملفكم..هي أيام ونعيد الفحص ونتأكد من انتصاركم على الفيروس وتنتهي التغريبة.

مطمئن فعلا كلام هذا الشاب..بعد صلاة الصبح بقليل أيقنت ان خالتي نائمة وبحالة جيدة فذهبت في اغفاءة تخللتها رنات واتساب مزعجة واتصالات من أقصى حدود البلاد تسأل عن حالنا ولاتترك لي المجال للرد..قطعت الانترنت وشغلت تسجيلا من عبدالله المطرود وسلمت نفسي للأحلام والكوابيس في أول يوم من أيام كوفيد المرعب.

* هذا ماحصل اليوم وفي الغد سأكتب لكم تفاصيل يومي حتى انتهاء المحنة.

م.ع.

*بعد الشفاء أعدكم بأن أكلمها على صفحتي باذن الله

من صفحة الزميل محمد الامين ولد محمودى على الفيسبوك