البنوك الإسلامية ستواجه تحدي كيفية تطبيق معايير «بازل3» على ودائعها

أربعاء, 2014-09-03 10:01

 في الوقت الذي تستعد فيه البنوك في أنحاء العالم لتلبية المعايير التنظيمية الصارمة المسماة «بازل3»، تواجه البنوك الإسلامية مصدرا لعدم التيقن قد يكون باهظ التكلفة، وهو كيف ستتعامل الجهات الرقابية مع ودائع تلك البنوك.
وتبدو البنوك الإسلامية قادرة على التأقلم مع قواعد اتفاقية «بازل3» التي ستطبق تدريجيا في أنحاء العالم على مدى الأعوام القليلة المقبلة. 
ولأن التمويل الإسلامي يستهجن المضاربة النقدية، فإن ميزانيات تلك البنوك نظيفة بدرجة كبيرة من المشتقات والاُصول المعقدة عالية المخاطر التي أغرقت بعض البنوك التقليدية في خضم الأزمة المالية العالمية. لذا يفترض ألا تواجه البنوك الإسلامية مشاكل تذكر في تلبية معايير «بازل3» بخصوص الحد الأدنى من رأس المال.
لكن الودائع قد تصبح مصدرا للمتاعب. فنظرا لحرمة مدفوعات الفائدة وفقا لمبادئ الشريعة تستقطب البنوك الإسلامية الودائع في الغالب عن طريق حسابات استثمار بنظام تقاسم الربح (المرابحة)، ويعتبر هذا النوع بوجه عام أقل استقرارا من الودائع التقليدية.
ومن المتوقع أن تكون البنوك الإسلامية مطالبة بموجب قواعد «بازل3» بتعويض أثر ذلك التقلب عن طريق زيادة حجم الاُصول السائلة عالية الجودة التي في حوزتها.
غير أن أسواق الأوراق المالية الإسلامية أصغر بكثير وأقل عمقا وتطورا من الأسواق التقليدية، مما يؤدي إلى نقص المعروض من الاُصول السائلة عالية الجودة المتوافقة مع الشريعة، وهو ما يضغط بدوره على البنوك الإسلامية من جهتين.
وقال محمد داماك، محلل الائتمان لدى «ستاندرد آند بورز» في باريس «هذان من أهم تحديات بازل 3 لقطاع التمويل الإسلامي».
أوزان
وبحسب دراسة لتومسون رويترز بلغت قيمة اُصول البنوك التجارية الإسلامية حوالي 1.2 تريليون دولار في نهاية العام الماضي. وهي تشكل نحو ربع الودائع في دول الخليج العربية وأكثر من الخمس في ماليزيا.
وتشترط «بازل3» على البنوك الاحتفاظ بقدر كاف من الاُصول السائلة عالية الجودة لتغطية صافي التدفقات الخارجة لفترة 30 يوما في حالة التعرض لضغوط شديدة. وتحسب التدفقات بإعطاء مصادر التمويل بما فيها حسابات الاستثمار أوزانا متنوعة. وكلما زادت المخاطر في مصدر التمويل كان حجم الاُصول السائلة عالية المخاطر اللازمة كبيرا.
لذا سيتوقف الأمر بدرجة كبيرة على الأوزان التي ستعطيها الهيئات الرقابية الوطنية في أنحاء العالم المخولة بتطبيق «بازل3» في مناطقها لذلك النوع من الحسابات.
ولم تصدر مؤشرات بعد عن المسؤولين للأوزان المتوقعة. وفي ضوء حرصهم على تطوير قطاعات البنوك الإسلامية لديهم، فمن المستبعد أن يحددوا أوزانا عقابية. لكن قد يعجزون عن معاملة حسابات الاستثمار على قدم المساواة مع ودائع البنوك التقليدية. 
وعلى سبيل المثال يقول تقرير لـ»ستاندرد آند بورز»، إن آجال استحقاق حسابات الاستثمار في البنوك الإسلامية تكون في العادة أقصر نسبيا.
وقال داماك ان معاملة حسابات الاستثمار ستعتمد أيضا على عوامل تخص قطاع البنوك الإسلامية في كل دولة، مثل كيف كان أداؤها في أزمات سابقة، وسجل البنوك الإسلامية في تمرير الخسائر إلى أصحاب الودائع بموجب العقود المبرمة معهم.
ومن المستبعد على ما يبدو أن تتضح الصورة قبل أوائل العام المقبل على الأقل، حيث من المتوقع أن يصدر مجلس الخدمات المالية الإسلامية في ماليزيا مذكرة إرشادية في الموضوع.
وقال داماك «سيؤول الأمر في النهاية إلى الجهة التنظيمية في كل دولة كي تبت في معاملة حسابات الاستثمار، وهنا تكمن أهمية المذكرة الإرشادية لمجلس الخدمات المالية في مساعدة المسؤولين الرقابيين على تحديد معاملة حسابات الاستثمار».
وقال مصدر مطلع على مشاورات مجلس الخدمات المالية ان المذكرة ستتناول قضايا مثل الحقوق التعاقدية للمودعين، وهل يستطيعون على سبيل المثال سحب أموالهم خلال أقل من 30 يوما دون غرامة كبيرة.
وأصدر البنك المركزي الماليزي بعض الإرشادات بخصوص حسابات الاستثمار، قائلا إنه سيصنفها إلى نوعين: حسابات استثمار عامة تعادل بوجه عام ودائع الأفراد التقليدية، وحسابات استثمار خاصة أو مقيدة تعتبر مماثلة لحسابات الاستثمار قيد الإدارة. وأعطى البنوك الإسلامية فترة انتقالية عامين للفصل بين النوعين.
لكن بينما حدد البنك المركزي بالفعل النسب والأوزان لقواعد «بازل3» بخصوص كفاية رأس المال، فإنه لم يعلنها بعد بالنسبة لمتطلبات الاُصول السائلة عالية الجودة لتغطية حسابات الاستثمار. وتعتقد البنوك التجارية أنها قد تعلن أوائل العام المقبل بعد صدور إرشادات مجلس الخدمات المالية الإسلامية.
ووفقا لـ»ستاندرد آند بورز» فإن قواعد «بازل3» تنص على ان بوسع الهيئات التنظيمية الوطنية في أنجاء العالم تحديد نسب تبلغ ثلاثة في المئة أو أعلى لودائع البنوك التقليدية، وما يصل إلى عشرة في المئة للودائع الأقل استقرارا.
وقد ينتهي المطاف بمعظم البنوك الإسلامية إلى أوزان في ذلك النطاق. ونظرا لحجم الودائع ذات الصلة فإن أي اختلاف بعدة نقاط مئوية قد يؤثر تأثيرا كبيرا في حجم الاُصول السائلة عالية الجودة التي سيتعين على البنوك أن تحتفظ بها.
اُصول
وقد تزيد مسألة حسابات الاستثمار الضغوط على البنوك المركزية والحكومات في العالم الإسلامي لمعالجة بعض المشاكل القديمة في القطاع.
وإحدى تلك المشاكل نقص معروض الاُصول السائلة عالية الجودة. فباستثناء ماليزيا والبحرين يقول داماك ان البنوك المركزية لا تصدر ما يكفي من الأدوات المصنفة كاُصول سائلة عالية المخاطر.
والصكوك الحكومية تصلح لهذا الغرض، لكن معظم الصكوك السيادية إما غير مدرج في الأسواق المتقدمة أو غير متداول تداولا نشطا، مما يجعل حصول البنوك الإسلامية عليها أمرا بالغ الصعوبة. 
ويتناقض ذلك مع الأسواق الضخمة للديون الحكومية عالية الجودة مثل سندات الخزانة الأمريكية والألمانية التي بوسع البنوك التقليدية أن تشتريها بسهولة.
وأشار داماك إلى أن بدائل مثل الصكوك قصيرة الأجل التي تصدرها المؤسسة الإسلامية الدولية لإدارة السيولة، التي أنشئت للنهوض بسوق عابرة للحدود في الأدوات الإسلامية، تظل صغيرة مقارنة مع حجم القطاع.
وفي إطار جهودها لكي تصبح مركزا للتمويل الإسلامي تعكف دبي على إدراج الصكوك في بورصاتها وتشجيع شركاتها شبه الحكومية على إصدار صكوك قابلة للتداول. لكن الأمر قد يستغرق سنوات قبل أن يستطيع المعروض مواكبة الطلب.
مشكلة أخرى هي التأمين على الودائع. فالحكم على الودائع بأنها مستقرة يستلزم أن تشملها الحماية التأمينية. لكن برامج التأمين الإسلامي نادرة لأسباب منها أن الدعم الحكومي للبنوك الإسلامية يعتبر أمرا مفهوما بشكل ضمني في كثير من دول الخليج.
كانت البحرين استحدثت تأمينا إسلاميا على الودائع في 1993. وفي مايو/أيار الماضي قالت قطر إنها ستطور برنامجا إسلاميا للتأمين على الودائع. وفي يونيو/حزيران قالت بنغلادش إن برنامجا قائما يديره البنك المركزي سيشمل الودائع الإسلامية.
وقال المصدر المطلع على مشاورات مجلس الخدمات المالية الإسلامية «سيكون الأمر صعبا للبنوك الإسلامية على صعيد أوزان حسابات الاستثمار، لكن هناك حلولا أو مسكنات كما يظهر النموذج القطري».