ضرورة التغيير و وهم الانقلابات

اثنين, 2021-02-08 22:16

بقلم عبد الفتاح ولد اعبيدن/

منذ أمس إثر أحداث "تيفيريت" المؤسفة و البعض يطبل لاحتمال حدوث انقلاب،و كأن الانقلاب فرجا.
قد ننتقد و نوجه و ننصح و نلح على ضرورة التغيير،لكن تهيئة الأجواء إعلاميا و سياسيا للانقلابات و الفوضى،فهذا مهما كان فى سياق التحليل المشروع و التحذير ضمنيا من الانقلابات،هذا الأسلوب قد لا يخدم ما هو موجود من استقرار.
ثم إن واقع المؤسسة العسكرية و الأجهزة الأمنية و مستوى الولاء لخدمة الدولة الجمهورية و استقرارها، لا يشجع على توقع أي انقلاب إطلاقا،مما يعنى أن توقع انقلاب قد لا يكون إلا فى حيز التبرم و الاستياء الشديد من الواقع القائم،المزعج فى بعض أوجهه،و الطريقة المثلى للتعبير عن الرغبة الجامحة فى التغيير الإيجابي،ليس سبيلها الأمثل الدعوة للانقلابات ضمنيا أو بشكل صريح.
ثم إننا عشنا و عايشنا الانقلابات،بمختلف صيغها،فماذا جلبت علينا غير الحكم الفردي و التحكم الاستحواذي على مقدرات الدولة المادية و المعنوية،و التلاعب بها على نطاق واسع، من قبل زمرة محدودة، من العسكريين و المدنيين،و غيرهم يدفع الثمن يوميا، من قوته و صحته و معنوياته المنهارة الممزقة!.
فكيف لعاقل خبر هذه الظروف تحت سطوة الانقلابيين يدعو لانقلاب أو فوضى أو تخلخل سلطة منتخبة،مهما كانت عيوب و نواقص انتخابها؟!.
و أنا أعرف و أدرك مرارة الواقع الحالي فى بعض أوجهه،لكن هذا لا يبرر الدعوة للانتحار الجماعي!.
فالانقلاب أقل ما يقال عنه، انتحار جماعي لا يبقى و لا يذر،لا قدر الله.
ليس أحدا منكم، يا معشر زملائي فى المهنة الصحفية أكثر جرأة منى، على قول و كتابة ما أريد،و لا أكثر معاناة منى فى هذا الصدد،فى زنزانات عزيز و بوعماتو،و لكن النظام الراهن،يساعد على الاستقرار و الأمن، مهما كانت عيوب و نواقص هذا الاستقرار،كما يدعم تماسك الحوزة الترابية،و نحن من بيننا انفصاليين و ينبغى أن يكون أول رهاناتنا،الرهان على بقاء الوطن متماسكا،مهما كانت عجره و بجره،و هذا يوفره،بإذن الله،هذا النظام المسنود بتماسك المؤسسة العسكرية و الأجهزة الأمنية،و ما بقي من مطالب التغيير و الإصلاح،ينبغى أن نسعى إليه، سلميا و حضاريا، و بعيدا عن الانقلابات و جميع صور زعزعة الأمن الوطني المقدس.
و من ناحية ثانية جيشنا فى طريقه تصاعديا للطابع الجمهوري،و الانفكاك المطلق عن أجواء الانقلابات و الفوضى و التلاعب بمصائر الدول،فلا تذكروه بالماضى المهجور المتجاوز،و لنحترم و لنكرس الدستور و المأموريات الانتخابية و القوانين المعمول بها.