النيران الصديقة..

أحد, 2021-02-14 16:59

لمرابط ولد محمد الأمين

لم يسجل التاريخ أن تغييرا طرق باب نظام في موريتانيا نتيجة ثورة شعبية ولا معارضة قوية ذات دوافع وطنية بل ظل العسكر وفلول عرابيه من حواريي الرؤساء هم أول من يضعون الخنجر بالنظام، وتختلف مبررات بيانات الإنقلابات حسب السياقات ومزاج المنقلبين، وكما كل شيء فإنه مع الديمقراطية وإرساء الحرية وارتفاع منسوب الطمع والجشع والبركماتية لدى كل موالاة وتحريم ثم تجريم الإنقلابات العسكرية والعناء الكبير الذي يتجشمه المنقلبون وهم يتزحلقون على جليد التشكيك والتخوين فإن مفردة الإنقلاب أخذت أشكالا جديدة ، فبينما يبدأ الرئيس يغازل ود الناخبين بحلحلة المتقادم من الملفات وإنجاز ما أمكن تبادر الموالاة إلى دق طبول الحرب بينها في نمو التشيع وتحاول كل شيعة الإستئثار بصاحب الفخامة ونظرا للتأثير الكبير الذي تحدثه السوشيول ميديا بالإعلام دور كبير في ترسيخ الجفاء بين أطياف الموالاة التي لم يكن بينها في الأصل من القواسم المشتركة سوى الحصول على مكان دافئ حول الرئيس!
وهكذا يلنهي المنتخبون والوزراء ورجال الأعمال في النزال عن واقع الشعب الذي جدد الحلم بالأمس في صلاح هذه الطبقة السياسية المتآكلة والخرفة ، تكثر المحن والسطو الليلي والنزاعات ويخرج الفقير عن صمته وكل إناء بالذي فيه يرشح، أناس يتسولون في الشوارع وآخرون في المكاتب ويتسلل الشك إلى قلب الأمة وأول من سيخضع للإستجواب على طاولة محكمة الرأي العام هو "الرئيس" ولو تأمل قليلا لأدرك أن بطانته وحرابي السياسيبن هم بيت الداء وأن الأخير لن يزول ما لم يتم القضاء على المسبب ومداواة العرض هي انصاف حلول! كل تلك العوامل وغيرها تساهم في شل رئة الوطن ليبدأ الإختناق، هنا يلتفت الزعيم على قومه فإذا عصاهم منشقة وشملهم مشتت ثم يستدير بنظره إلى المعارضة فيراها مستبشرة بوجه الموالاة المغبر (البحر من امامكم والعدو من ورائكم) ، الغرب والعرب والحلفاء والمستثمرون يعلقون التعامل مع اي رئيس حسب قدرته على الإبحار بكل طقس...
مع أن فخامة الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني يحمل على عاتقه موالاة سيئة ويصافي معارضة مفلسة وقد أصابها درد منذ زمن بعيد إلا أنني أرى أنه ما زال في بداية المشوار ويملك من مقومات القائد ما يجعله يفكك شفرة كل تلك الملفات لتستحيل عونا له ويعبر بحق إلى ضمير الشعب وتلك لعمري هي الورقة الرابحة التي يحلم كل رئيس مؤتمن على كسبها!
عليه أن يراجع بناء موالاته فيعرف سبب انزعاجها ويحذرها من مغبة الخروج عن قاعدة "تعهداتي" التي من أبجدياتها صون الوحدة الوطنية وترسيخ ثقافة الإستقرار والتشاور والتواد وقبول الرأي الآخر مع تنبيه قادة اللوبيات والفصائل بها إلى ضرورة التغيير في استراتيجيتها...على الرئيس أن يبتعد عن ما ارتكب سلفه من أخطاء حين داس على الثقافة والإعلام ، فالثقافة هي الهوية واحترام العلماء والكتاب والطبقات الهشة التي تتوكأ عليها وزارة الثقافة كلمعلمين والفنانين ينم عن بعد غور الشخص والإعلام سلاح ذو حدين إما لك أو عليك فلابد للمنجز من غطاء اعلامي موضوعي وجاد وإيجابي! عليه أن ينمي المواطنة ويركز على البنى التحتية وأن يجد حلا لمعضلة التعليم وأن يكتب التاريخ بأن يدمج أبناء الرؤساء والوزراء والسفراء والولاة في الفصول مع أبناء الفلاحين وسواق العربات والحدادين لتكوين جيل متناغم متحاب ولتضييق الهوة بين الغني والفقير ، هو الوحيد الذي يستطيع أن يؤسس المدرسة الجمهورية ويضع حدا لليبرالية المتوحشة للتعليم مهما سيكلف ذلك من موارد ووقت فهو الحل النهائي لمحنة التعليم أما الأيام التفكيرية والمجالس فتمويلها سيعود إلى الجيوب وتوصياتها ستدرج في الأدراج! عليه أن يوقف التدوير ويشرك الجميع في مشروعه...
كنت وما زلت أراهن على فخامة الرئيس فدوافعه وطنية وانسانية ولم لا ؟ فهو بار القوس ومن عرف بالتؤدة وبعد النظر والخلق الرفيع؟
بقلم لمرابط ولد محمد الأمين