الحكومة الهندية تسعى لزيادة أجور الملايين من عمالها المغتربين في الخليج

ثلاثاء, 2014-11-18 12:12

تضغط الهند على الدول الغنية في الخليج لزيادة أجور ملايين الهنود العاملين هناك، في مسعى قد يدر عليها دخلا جديدا بمليارات الدولارات، لكنه لا يخلو من مخاطرة إذ قد يخرج بعض مواطنيها من سوق العمل.
ويعتقد أن حوالي خمسة ملايين هندي يعملون في دول الخليج المصدرة للنفط، ليشكلوا أكبر تجمع وسط عمالة أجنبية تزيد على 20 مليون نسمة.
ويقوم المغتربون بكثير من المهن المحقرة والخطرة في المنطقة، في قطاعات شتى من الإنشاءات إلى النفط والنقل والخدمات. ويشكلون نحو نصف عدد سكان الدول الست الأعضاء في مجلس التعاون الخليجي البالغ زهاء 50 مليون نسمة.
لذا قد يكون لحملة الهند المطالبة بزيادة الأجور أثر على اقتصادات المنطقة، ولاسيما إذا أفضت إلى زيادة عامة لأجور العمال الوافدين من دول أخرى موردة للأيدي العاملة، مثل باكستان وبنغلادش.
وعلى مدى الأشهر السبعة الأخيرة عمد الدبلوماسيون الهنود في البحرينوالكويت وقطر وسلطنة عمان والسعودية والإمارات العربية المتحدة إلى إجراء زيادات حادة على الحد الأدنى للأجور الذي يوصون به للعمالة الهندية في شركات القطاعين العام والخاص في تلك الدول.
وقال ي.س. كاتاريا، المتحدث باسم وزارة الشؤون الخارجية الهندية في نيودلهي «نريد أن تحصل الأيدي العاملة الهندية على رواتب أعلى. التضخم وقيمة العملة الهندية وارتفاع تكاليف المعيشة في الخليج هي العوامل المفضية إلى القرار.»
لكن من غير الواضح مدى نجاح الاستراتيجية الهندية. فقد أبدى المسؤولون في بعض الدول الخليجية على الأقل استياء. وقد تؤدي المساعي الهندية إلى نتائج عكسية إذا انتهى الأمر بتلك الدول إلى استقدام العمالة من مناطق أخرى من العالم.
وقال محمد جندران، العضو المنتدب لشركة عبر البحار لتوريد العمال في الإمارات «بالتأكيد سيشجع ذلك الشركات على تفقد بنقلادش وباكستان كخيار أجدى لاستقدام العمالة الأجنبية.»
ولا تستطيع الحكومة الهندية إملاء أجور مواطنيها في الخليج، فقرارات التعيين يأخذها أرباب العمل في كل دولة على حدة، ولا تفرض تلك الدول حدا أدنى للأجور، وغالبا ما تحظر أنشطة الاتحادات العمالية.
لكن أرباب العمل بحاجة إلى تعاون السلطات المحلية بخصوص مشاريعهم في الهند. وتقول مذكرة داخلية وضعتها وزارة الشؤون الخارجية الهندية الشهر الماضي وأطلعت عليها رويترز إنه في حالة حصول العمال على أجور دون الحد الأدنى المحدد فإن مسؤولي الوزارة «لن يصدروا تصاريح السفر».
وفي السعودية رفعت السفارة الهندية في وقت سابق هذا العام الحد الأدنى المنشور في موقعها على الإنترنت إلى 1200 ريـال (320 دولارا) في الشهر من 670 ريالا. وفي الإمارات قال جندران إن الحد الأدنى للعمالة اليدوية الهندية رُفع إلى 1500 درهم (409 دولارات) في الأسابيع الأخيرة من 1200 درهم العام الماضي.
وحتى عندما يوافق أرباب العمل الخليجيون على مستويات معينة للأجور، فإن تلك الأرقام لا تدوم بالضرورة. فبعض العمال يتلقون تعهدات بأجر محدد عندما يوقعون في بلدانهم، ثم يجبرون على القبول بأجور أقل عندما يصلون إلى الخليج.
ودور الهند كمصدر مهم للأيدي العاملة يعني أن أرباب العمل لا يستطيعون تجاهلها بشكل كامل، وهو ما قد يكون له آثار كبيرة في بعض الدول والقطاعات. لكن قد يحدث رد فعل عكسي.
وقال مسؤول آخر في وزارة الشؤون الخارجية الهندية ان طلبات الهند لزيادة الأجور لاقت مقاومة من دول الخليج الست، وإن بلدين هددا بخفض العمالة الهندية واستقدام المزيد من بنغلادش ونيبال.
كان أحمد الفهيد وكيل وزارة العمل السعودية للشؤون الدولية أبلغ قناة سكاي نيوز عربية الشهر الماضي «إذا كان القرار بالنسبة للهند على مستوى الهند كلها بمعني أن لا أحد يخرج من الهند إلا بهذا الحد فهذا قرار سيادي بالنسبة للدول لا نتدخل فيه».
وأضاف «أما إذا كان قرارا خاصا بالمملكة برفع أجور من يأتي إلى المملكة فنحن نعارضه ولا نقبل به، لأنه يكون هناك تمييز وهذا يعتبر حتى في الاتفاقات الدولية لا نقبله». ولم يصرح بأكثر من ذلك.
وإذا نجحت جهود الهند لزيادة الأجور فقد تعزز الاقتصاد لأن المغتربين يحولون جزءا كبيرا من أجورهم إلى أسرهم. وبلغت تحويلات الهنود في الخارج 69 مليار دولار في 2012. وخلصت دراسة للبنك المركزي عام 2010 إلى أن دول الخليج تسهم بنسبة 31 في المئة.
وقد تؤثر زيادة الأجور على شركات عديدة أيضا. يقول فواز الخضري، الرئيس التنفيذي لشركة الإنشاءات السعودية عبد الله عبد المحسن الخضري، ان أرباح القطاع قد تتقلص جراء مطالب حكومات بعض الدول المصدرة للأيدي العاملة.
وقال «في بعض الحالات كانت الرواتب في نطاق 800 إلى 900 ريـال والآن نسمع عن 1500 ريـال كحد أدنى، وهي زيادة كبيرة جدا … قطعا ستكون تلك مشكلة كبرى في قطاع المقاولات».