من بيروت إلى سميح القاسم… تحية وفاء لصاحب «دخان البراكين»

أحد, 2014-12-14 18:16

شكّل معرض بيروت العربّي الدولي للكتاب في دورته 58″ فسحة أمل ثقافية مشرقة جمعت العديد من دور النشر من لبنانومن الدول العربية من بينها: فلسطين والسعودية والكويت وسلطنة عمانوإيران والمركز الثقافي العراقي، فضلا عن مشاركة منظمات عالمية أهمها: اللجنة الوطنية لليونسكو واللجنة الاقتصادية الاجتماعية لغرب آسيا (الإسكوا) واتحاد الناشرين العرب ونقابة اتحاد الناشرين في لبنان .
وتوّجت أعمال ونشاطات المعرض العربي الدولي للكتاب بتوجيه تحية وفاء إلى شاعر فلسطين الراحل سميح القاسم في ندوة خاصة تحدثّ فيها ميشال جحا والكاتب سلمان زين الدين وتخللتها قراءات شعرية مع الفنان اللبناني المبدع جهاد الأطرش، وتولّى تقديم الندوة الكاتب صقر أبو فخر، الذي أكدّ أن الشاعر سميح القاسم تحّول بشعره وعناده السياسّي إلى رمح للفلسطينيين ونايّ لأنفاسهم المكتومة وأضاف قائلاً: «أنه أكمل راوياً بعض مُلحه التي تُنير جانباً من شخصيته الأخاذة، فعندما ولد ابنه البكر سماه «وطن محمد».
ولّما ذهب إلى دوائر الأحوال الشخصية لتسجيله، سأله موظف يهودي عراقي لماذا وطن محمد؟ وأين موسى وعيسى؟ فأجابه سميح بتورية واضحة: لست وزارة استيعاب لتوطين الأنبياء والرسل في وطني. وحين وُلد ابنه الثاني اقترح على زوجته اسمين: «جليل» أو «جولان». فقالت له: «أخشى أن ننجب ابنة فتسميها «ضفة» أو «غزة». وعندما ولد ابنه الأصغر اتصل به ياسر عرفات مهنئاً، واقترح عليه اسم «علي» تيمناً بالشهيد علي أبو طوق، أو «أسامة» تيمناً بأسامة بن زيد أصغر قائد في الفتوحات العربية. وهنا تناولت والدة سميح الهاتف وقالت لأبو عمار إن اسم الولد سيكون «ياسر». وكان أعد لابنته التي لم تأتِ إلى هذه الدنيا اسم «هاجر» تحدياً للرواية اليهودية عن قصة سارة زوجة النبي إبراهيم .
وقد وصف ميشال جحا في مداخلته شعر الراحل سميح القاسم بالسهل وكلماته مألوفة وعاميّة أحياناً، وهو متأثر بالأناشيد الوطنية ولغته مباشرة ومفعمة بالتحديّ والغضب والتمسكّ بأرض فلسطين، ولقد حمل مع محمود درويش القضية الفلسطينية وحملتهما. وأكدّ أنّ الشاعر سميح القاسم سيبقى أحد فرسان الشعر الفلسطيني. 
وشدّد جحا أيضاً على النهج المقاومّي الذي خطّه الشاعر الراحل سميح القاسم من خلال شعره الذي حوّله من الندب والبكاء إلى شعر مقاوم حتى بات خير من يمثل شعر المقاومة… وأضاف:»لقد أصبح سميح القاسم في ديوانه « دخان البراكين» الشاعر الذي يحمل همّ الأجيال، فما عاد له همّ خاص إلا من خلال هموم الأجيال وما عادت له نوازع فردية إلاّ من خلال النوازع الجماعية. وهو شاعر درزي لم تستطع سلطات الاحتلال الإسرائيلي أن تكسر شوكته وتحدّ من صموده. وهو ثالث ثلاثة أقاموا للشعر العربي الحديث في الأرض المحتلة منارات مضيئة وهم: توفيق زياد وسميح القاسم ومحمود درويش».
أمّا الكاتب سلمان زين الدين فتحدّث عن أعمال الشاعر سميح القاسم التي بلغت حوالى السبعين كتاباً في حقول معرفية مختلفة، من بينها الشعر والرواية والمسرح والصحافة والنثر والتوثيق والترجمة والرسالة والسيرة وغيرها، إلاّ أن الشعر استأثر بحصة الأسد، إذ بلغ عدد مجموعاته ومطولاته الشعرية حوالى الخمسين، فمنحه الشعر هويته الإبداعية، وطغى لقب الشاعر على ما عداه، هو الذي لم يكد يبلغ الثلاثين من العمر حتى بلغ عدد مجموعاته الشعرية الست مجموعات. وإذا كانت الغزارة ليست مؤشراً مناسباً لقياس الشاعرية، فالشعر مسألة نوع لا مسألة كمّ، فإن شاعرية القاسم ليست متأتية عنها، بل من كونه: صدى الصوت الفلسطيني الصادح في برية العالم، وحادي درب الآلام الطويل، وصانع الهوية في تشكلاتها الدائمة. وهو يفعل ذلك بأدوات متنوعة. وتطرّق زين الدين إلى التهميش النقدي الذي تعرّض له القاسم «وكأنّه كُتب عليه أن يعيش حصار الاحتلال وحصار التهميش النقدي». وإزاء الواقع الفلسطيني الضاغط لم يفقد تقدميّته وتفاؤله بالمستقبل وتبشيره بالانتصار.
امّا مسك الختام في هذه الندوة الخاصة بالراحل سميح القاسم فكانت مع الفنان جهاد الأطرش الذي قدّم بصوته وبالقائه المميّز قراءات شعريّة من أعمال الشاعر الراحل.

ناديا الياس

القدس العربي