عمليات تأميمية لتجاوز الأزمة الاقتصادية في روسيا

ثلاثاء, 2014-12-23 11:02

 اعلن البنك المركزي الروسي الاثنين انه وضع بنك تراست الذي سيتم تمويله بثلاثين مليار روبل (430 مليون يورو) تحت وصايته لتجنيبه الافلاس في اوج مشاكل تشهدها البلاد مرتبطة بانخفاض الروبل.

ويحتل هذا البنك المرتبة الـ29 في البلاد على صعيد الموجودات والخامسة عشرة بودائع الافراد من اصل اكثر من 800 بنك، حسب تصنيف الموقع الالكتروني بانكي.رو.

ولم يوضح البنك المركزي ما اذا كانت الصعوبات التي يواجهها "تراست" مرتبطة بانخفاض سعر الروبل الذي يضعف النظام المالي.

واعلن البنك المركزي الروسي في بيان انه وافق خلال اجتماع استثنائي على خطة انقاذ اعدتها الوكالة المكلفة التأمين على الودائع وانشاء ادارة موقتة. واضاف انه "سيجري البحث عن مستثمر يفترض ان يكون مصرفا روسيا كبيرا" لشراء بنك "تراست".

وسيسمح اعتماد من المصرف المركزي بابقاء السيولة عند مستوى كاف لمواصلة العمليات بدون انعكاسات على الزبائن. وتواجه المصارف الروسية امتحانا صعبا مع التراجع التاريخي الذي سجله الروبل الاسبوع الماضي.

واعلنت الحكومة الروسية انها ستفرض قيودا جمركية لخفض صادرات الحبوب على امل زيادة الطلب وخفض الاسعار في السوق الداخلي التي ارتفعت بسبب تراجع الروبل.

وقال نائب رئيس الوزراء اركادي دفوكوفيتش في تصريحات ادلى بها خلال اجتماع حكومي وتناقلتها وكالات الانباء ان هذا الاجراء سيعد ويقدم من قبل رئيس الحكومة ديمتري مدفيديف خلال 24 ساعة.

وادى تراجع سعر الروبل الذي يعزز القدرة التنافسية لصادرات المزارعين، الى ارتفاع كبير في سعر القمح في روسيا على الرغم من وفرة الحصاد الذي كان الاكبر الذي يسجل وبلغ 104 ملايين طن من الحبوب.

وقال مدفيديف "لدينا حصاد جيد لكن في الوقت نفسه بسبب تقلب اسعار الروبل، اصبحت الاسعار مربحة جدا وسجلت الصادرات زيادة كبيرة".

واضاف "يجب ان يكون لدينا حد ادنى من الاحتياطات يؤمن الامن الغذائي لروسيا. في الوقت نفسه اعتقد انه حان الوقت للتفكير في قيود ادارية على الصادرات". وقال دفوركوفيتش ان روسيا صدرت منذ تموز/يوليو الماضي 21 مليون طن من تقديرات سنوية تبلغ 28 مليونا.

وسجل سعر القمح زيادة نسبتها اكثر من اربعة بالمئة الاسبوع الماضي في سوق المواد الاولية في شيكاغو حيث يخشى المستثمرون ان تفرض موسكو حظرا على الصادرات.

ونفت السلطات الروسية ان تكون تفكر في هذا الخيار الذي طبق في 2010 بعد موجة جفاف ادت الى حصاد سيئ.

لكن في الوقائع، اوقفت السلطات الصحية منح الاجازات اللازمة للتصدير. واكدت شركة سكك الحديد انها غير قادرة على نقل شحنات الحبوب الى المرافئ.

وبسبب الأزمة المالية المتفاقمة في روسيا يساور الشط العديد من الأجانب ويحفزهم لمغادرة موسكو، إذ يراقب اوليفييه الموظف الفرنسي في احدى المصارف الروسية الكبرى وجوي عاملة التنظيف الفيليبينية في موسكو منذ اسابيع اسعار صرف الروبل الذي ساهم انهياره الاسبوع الماضي في اقناعهم بضرورة الرحيل.

ولا تشكل هاتان الحالتان اشارة الى وجود ظاهرة برحيل مكثف للاجانب العاملين في روسيا ويتقاضون اجورهم بالروبل. لكن كثيرين يقولون على الاقل انهم يفكرون في الامر.

وتقول جوي "عندما اتيت في نيسان/ابريل كنت اتقاضى 1500 روبل اي 42 دولارا لقاء اربع ساعات في تنظيف المنازل. واليوم لا اتقاضى سوى 20 دولارا للعمل نفسه".

وتركت هذه الام الشابة اطفالها الثلاثة في مانيلا احدى افقر دول جنوب شرق اسيا بحثا عن مستوى حياة افضل في روسيا.

واضافت ان صديقاتها المقيمات في موسكو منذ سنوات اخبرنها عن ميزات روسيا وعن "الروبل المستقر وعدم وجود منافسة كبيرة كما في دول اخرى".

وكانت جوي ترسل كل اسبوعين 60 الى 70% من مواردها الى ذويها الذين يتولون تربية ابنائها.

وتابعت "لم اعد قادرة على ارسال ما يكفي لاعالة اسرتي واهلي لا يفهمون ويعتقدون انني اعمل لساعات اقل وانا اشعر بذنب كبير".

وفي الطرف الاخر للسلم الاجتماعي، يعبر الفرنسي اوليفييه (30 عاما) عن الندم لقراره الانتقال الى موسكو في اواخر ايلول/سبتمبر.

وتابع هذا الوسيط المالي "عرض علي راتب جيد ومكافاة كبيرة. كنت اعتقد انها فرصة للعمل في سوق تتسم بالحيوية وتشهد نموا منذ اربع سنوات، وبدا لي انه من الجيد مغادرة اوروبا التي تعاني من الركود".

الا انه وبعد اسبوعين فقط على وصوله، بدات خيبة امل اوليفييه الذي يتقاضى معاشه بالروبل. وقال انه "كان مستعدا لقبول تضخم تعوض عنه الزيادات المنتظمة للراتب لكنني لم اتصور انني ساعيش اثنين اسود كل يوم".

واضاف اوليفييه انه "من الواضح ان الروس يبيعون كل ما لديهم من الروبل وعندما يتخلى السكان المحليون عن عملتهم هذه اشارة للاجانب بالرحيل".