النقد الدولي: إصلاحات مصر بدأت تحقق تحسنا في الاقتصاد

خميس, 2015-02-12 13:30

قال صندوق النقد الدولي أمس الأربعاء ان الإصلاحات الهيكلية والنقدية التي اتخذتها السلطات المصرية بدأت تحقق تحسنا في الاقتصاد الذي تضرر جراء الاضطرابات التي تشهدها البلاد منذ 2011.
وألحقت الانتفاضة التي أطاحت بحسني مبارك من سدة الحكم قبل أربع سنوات ضررا بالغا بالاقتصاد، وتسببت في عزوف المستثمرين والسياح وتراجع النمو عن اثنين في المئة في 2010-2011.
غير أن مصر تلقت مساعدات بمليارات الدولارات من دول خليجية، منذ أن عزل عبد الفتاح السيسي – حين كان قائدا للجيش – الرئيس السابق محمد مرسي المنتمي لجماعة الإخوان المسلمين في يوليو/تموز 2013 بعد احتجاجات حاشدة على حكمه.
وشكلت هذه المساعدات طوق النجاة للاقتصاد، في حين شرعت الحكومة في إجراء إصلاحات ساعية لتحقيق التوازن بين استعادة النمو، والسيطرة على التضخم، وتقليص العجز في الموازنة.
وقال الصندوق في بيان صحافي في ختام مشاورات المادة الرابعة التي يقوم من خلالها خبراء من الصندوق بتقييم الأوضاع المالية والاقتصادية للدولة “الإجراءات التي جرى تنفيذها حتى الآن إلى جانب استعادة بعض الثقة بدأت تحقق تحسنا.”
ووفقا لصندوق النقد فإن مصر لم تجر مشاورات المادة الرابعة منذ مارس/آذار 2010 . لكن الحكومة طلبت إجراءها أملا بصدور تقرير إيجابي يعزز صورتها قبل المؤتمر الاقتصادي الدولي المقرر عقده في مارس/آذار في منتجع شرم الشيخ.
وأجرى صندوق النقد ومصر مباحثات متقطعة بخصوص قرض محتمل تصل قيمته إلى 4.8 مليار دولار لدعم الاقتصاد المتعثر، منذ أن أدت انتفاضة 2011 إلى عزوف السياح والمستثمرين الأجانب، وهما مصدران رئيسيان للعملة الصعبة.
وذكر الصندوق أنه يتوقع وصول النمو إلى 3.8 في المئة في 2014-2015، وارتفاعه إلى 5 في المئة في الأمد المتوسط.
ورغم حدوث تحسن، مقارنة مع المستويات المتدنية التي سجلتها البلاد بعد اندلاع الاضطرابات، ستظل مصر في ظل هذه المعدلات للنمو تواجه صعوبة في توفير فرص عمل كافية لمواطنيها في ظل النمو السريع للسكان.
وتوقع الصندوق أيضا أن تؤدي إجراءات ضبط الموازنة إلى نزول العجز عن 8 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي بحلول 2018-2019. وذكر أن خفض عجز الموازنة أيضا سوف “يدعم هدف خفض التضخم إلى 7 في المئة في الأمد المتوسط.”
وأشار مديرو صندوق النقد إلى ضرورة توسيع نطاق الإيرادات الضريبية، بما في ذلك فرض ضريبة القيمة المضافة. وقالوا إن هبوط أسعار النفط يوفر فرصة لتسريع وتيرة إصلاحات دعم الطاقة.
وفي يوليو/تموز الماضي قلصت مصر دعم الطاقة الذي طالما أثر سلبا على المالية العامة، ما أدى إلى ارتفاع الأسعار لكنه أظهر استعداد الحكومة لاتخاذ قرارات صعبة.
ورحب صندوق النقد بالتحركات التي شهدتها أسعار الصرف في الآونة الأخيرة، واصفا إياها بأنها “خطوة مهمة في الاتجاه الصحيح.” واتخذ البنك المركزي المصري عدة إجراءات لكبح السوق السوداء.
وسمحت مصر بانخفاض قيمة الجنيه بعد استقراره ستة أشهر، وأذنت للبنوك بتداول الجنيه في نطاق أوسع حول السعر الرسمي ووضعت، حدا لكمية الدولارات التي يمكن إيداعها في البنوك العامة والخاصة والبنك المركزي.
غير أن صندوق النقد قال في تقييمه لقطاع التصدير ان سعر صرف العملة المصرية يبدو مبالغا فيه وان “هناك مجالا واسعا كي تؤدي سياسات الاقتصاد الكلي والإصلاحات الهيكلية إلى تحسين التنافسية.”
وأشار الصندوق إلى انخفاض العجز في ميزان المعاملات الجارية في الآونة الأخيرة، وهو ما يرجع في الأساس إلى التمويلات التي قدمتها دول خليجية تدعم بقوة الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي. لكن احتياطات النقد الأجنبي ما زالت منخفضة نسبيا.
وفي الأسبوع الماضي قال البنك المركزي ان احتياطيات مصر من النقد الأجنبي زادت إلى 15.43 مليار دولار في نهاية يناير/كانون الثاني من 15.33 مليار دولار في الشهر السابق. وكانت الاحتياطيات الأجنبية تبلغ 36 مليار دولار قبل انتفاضة 2011.
ورحب وزير المالية المصري، هاني قدري دميان، بتقرير الصندوق واصفا إياه بأنه “جاء إيجابيا ومحققا لأهدافه، من خلال تأكيد الثقة في البرنامج الاقتصادي المصري الذي صممته وتنفذه الحكومة، وفي قدرته على تحقيق الأهداف المرجوة والمعلنة، حول زيادة معدلات التشغيل وخفض معدلات البطالة، وتحقيق الاستدامة المالية والاستقرار الاقتصادي، وخفض معدلات التضخم على المدى المتوسط.”
وقال دميان في بيان صحافي “تقرير الصندوق جاء متوازنا من حيث الإشارة إلى مواطن القوة والفرص الواعدة في الاقتصاد المصري، وكذلك مدى التحديات والصعاب التي تواجه الاقتصاد خلال الفترة الحالية وعلى المدى المتوسط.”
واعتبر أن تقديرات الصندوق لقدرة السياسات الحكومية على تحقيق نمو قدره خمسة في المئة في المدى المتوسط “معدلات نمو جيدة نسبيا طبقا لما هو سائد حاليا على المستويات الدولية، على الرغم من أنها أقل من المعدلات التي تستهدفها الحكومة وتقع في حدود ستة في المئة لاحداث خفض سريع في معدلات البطالة”.
على صعيد آخر قال رئيس الوزراء المصري إبراهيم محلب، خلال كلمته في القمة الحكومية في دبي “تستهدف الحكومة أيضا تخفيض عجز الموازنة خلال العام المالي الحالي إلى 10٪ بدلا من 14٪ العام المالي الماضي”.
وأضاف “بدأنا خطة إصلاح اقتصادي تستهدف تنمية مستدامة لزيادة معدلات نمو عالية في الدخل القومي من خلال برامج زمنية واضحة بالإضافة إصلاحات إدارية واجتماعية أخرى”.
وأشار إلى أن خطة التنمية تعتمد على 3 ركائز أساسية، أولها إصلاح هيكلي للموازنة العامة للدولة برفع الدعم التدريجي، مع تصميم شبكة للحماية الاجتماعية لحماية الفقراء والمهمشين، وإصلاح ضريبي عادل وثابت وواضح المعايير، وتحقيق انضباط مالي طبقا للأسس والمعايير العالمية، بالإضافة إلى إدماج الاقتصاد غير الرسمي ليصبح رسمياً، فضلاً عن كفاءة استغلال الأصول المملوكة الدولة، ورفع كفاءة الإنتاج.
وأضاف أن الركيزة الثانية تتمثل في البدء في تنفيذ مشروعات عملاقة لدفع معدلات النمو الاقتصادي الحقيقي، وخلق فرص عمل تمثلت في مشروع حفر قناة السويس الجديدة ومشروع تنمية قناة السويس لتكون من أكبر المناطق الصناعية واللوجيستية والتجارية عالمياً، وتنفيذ شبكة من الطرق بأطوال تصل إلى 3400 كيلو متر تنتهي وفقا لجدول زمني خلال عام.
وأشار إلى أنه من بين تلك المشروعات بدء المرحلة الأولى لاستصلاح المليون فدان الجديد ضمن مشروع الدولة التنموي المستهدف منه اصلاح 4 ملايين فدان بالإضافة إلى مشروع التنمية العمرانية للساحل الشمالي، والعاصمة الإدارية الجديدة. وأوضح أن الركيزة الثالثة تتمثل في إصلاح تشريعي لتوفير مناخ جاذب للاستثمار، مشيراً إلى سعى الحكومة حالياً إقرار قانون للاستثمار الموحد الذى يفعل سياسية الشباك الواحد، ويوفر الأراضي لانطلاق المشروعات في أسرع وقت، ولا يسمح بالطعن على العقود ويسمح للخروج الأمن في حالة التصفية.
وأضاف رئيس الوزراء المصري أن الحكومة تعمل على حزمة قوانين منها تفضيل المنتج المصري والتمويل للمشروعات متناهية الصغر، مشيراً إلى أنها بصدد إصدار قانون خاص لمشروعات محور قناة السويس.