العنف والاجهاض وزواج القاصرات والتعدد.. مواضيع تؤرق النساء

أحد, 2015-03-08 15:00

كثيرة هي القضايا التي تؤرق بال المغربيات وتقض مضجعهن في بحثهن المستمر عن العيش بكرامة في بلد نصت وثيقته الدستورية على المساواة والسعي نحو المناصفة.. ومع كل 8 من مارس، بمناسبة اليوم العالمي للمرأة، تتجدد مطالب النساء المغربيات بالقضاء كل الممارسات التي يرين فيها حطا من كرامتهن.

هسبريس نقلت جزء من الأسئلة الحارقة التي انتجتها نقاشات مجتمعية طفت على سطح الساحة لمجموعة من المغربيات، وهي نفسها المواضيع التي كرست الحركة النسائية مجهوداتها للتوعية بمخاطرها كالإجهاض والعنف، أو الحث على تعديل القوانين التي تسمح بها كزواج القاصرات، أو التضييق عليها أكثر كالتعدد.

العنف الزوجي

وراء الأبواب المقفلة هناك الألاف من المغربيات تعانين في صمت، والسبب أزواجهن الذين لم يروا في تعنيفهن حرجا، بعضهن استطعن أن يخرجن سوء المعاملة من خلف الجدران، والكثيرات لم تجرؤن لأسباب موضوعية مرتبطة بتعامل القانون معهن، وذاتية مرتبطة بتربيتهن في مجتمع يرى أنه في سبيل الأبناء وعش الزوجية يمكن للمرأة أن تصبر على التعنيف، و"تزراق العينين" وإن كان ذلك بشكل يومي.

الحقوقية فدوى الرجواني، عضو اللجنة الجهوية للمجلس الوطني لحقوق الانسان بأكادير، ترى أن "العنف الزوجي ظاهرة لا يمكن للقانون وحده استئصالها مهما بلغ من تشدد وحزم"، داعية إلى "النظر ومعالجة مسببته من خلال نشر ثقافة تجرمها وتزدريها ابتداء من المناهج التربوية"

ودعت عضو اللجنة الادارية لحزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، في تصريح لهسبريس إلى تنقية المناهج التعلمية من أي إشارة لإمكانية تعنيف النساء تحت أي ذريعة ولو دينية"، مبرزة أن "المطلوب من فقهاء الاسلام المعتدل والمتنور مراجعة كل التراث الديني الذي يرى في تعنيف النساء جزء من الدين".

وسجلت نفس المتحدثة أن هناك غياب للإرادة السياسية من طرف الدولة للقضاء على العنف الممارس ضد النساء، مؤكدة في هذا السياق غياب مراكز لاستقبال النساء المعنفات، بالإضافة إلى صعوبات إجراءات التبليغ عن العنف..وفي غياب معطيات رسمية حول الظاهرة، تشير جمعيات مغربية تنشط في مجال الدفاع عن حقوق المرأة، أن 62.8 في المائة من المغربيات تعرضن للاعتداء، من بينهن 55 بالمائة يعانين من العنف الزوجي، مع غياب المتابعة القضائية وغياب التكفل بالناجيات من العنف، وغياب قانون لمحاربة العنف.

التعدد ونفسية المرأة

أثارت الدعوات التي أطلقها الكاتب الأول لحزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، إدريس لشكر، بتجريم تعدد الزوجات ومنعه بمدونة الأسرة نقاشات حادة داخل الأوساط السياسية والمجتمعية المغربية، منها المؤيدة لها والرافضة، لكن يبقى الإجماع لدى النساء على صعوبة تقبل "الضرة".

ورغم ما يثيره التعدد من نقاش داخل المجتمع المغربي إلا أن الإحصائيات الرسمية تؤكد أن نسبته تبقى ضعيفة جدا مقارنة بعدد السكان، حيث كشفت معطيات وزارة العدل والحريات أن هذه النسبة لم تتجاوز 0.25 من عدد المغاربة، حيث استقبلت النساء المغربيات 787 "ضرة" فقط.. وتشير الإحصائيات المذكورة، إلى تراجع معدل تعدد الزوجات الذي انتقل من 0.35 في المائة من مجمل عقود الزواج المسجلة سنة 2011 إلى 0.26 سنة 2012، و0.25 في المائة سنة 2013، وهو ما يمثل 787عقد سنة 2013 مقابل 806 عقد سنة 2012.

وفي هذا الاتجاه يكاد يتشكل إجماع لدى المغربيات بصعوبة قبول العيش مع رجل له زوجة أولى، حيث سجلت حليمة الابراهيمي ربة بيت في مدينة سلا، استحالة موافقتها على أن يتزوجه زوجها امرأة ثانية، مؤكدة في تصريح لهسبريس، أنه لا يمكن أن قبل بمشاركة زوجي مع أخرى بعد أزيد من 15 سنة من العشرة.. وأوضحت حليمة المرأة الأربعينية، أن مبررات الرجال في مسألة التعدد غالبا ما تكون لأسباب واهية ومرتبطة بشهواتهم فقط، داعية إلى مزيد من تضييق الخناق القانوني على الرجال الطامحين في الارتباط بأكثر من امراة.

زواج القاصرات

تشير المعطيات الرسمية أن زواج القاصرين في المغرب في ارتفاع مستمر حيث انتقل من 18 ألفا و341 زواجا خلال سنة 2004 إلى 35 ألفا و152 زواجا خلال سنة 2013. وتتراوح نسبته من مجموع عقود الزواج بين 7,75 في المائة سنة 2004 و11,47 في المائة سنة 2013، سجلت منها سنة 2011 أكبر نسبة في هذا النوع من الزواج خلال 10 سنوات بمعدل وصل إلى 11,99 في المائة من مجموع عقود الزواج المبرمة خلال تلك السنة.

هذه المعطيات المخيفة التي تعتبر نوعا من الاغتصاب للطفولة، تعتبرها خديجة علمي طالبة بكلبة الحقوق بجامعة محمد الخامس بالرباط، أنها من "أهم الظواهر الذي تنخر الجسم المجتمعي وخصوصا المرأة لكون النسبة الأكبر من المعنيين بزواج القاصرين هن الفتيات".

الطالبة ذات الواحدة والعشرين سنة أشارت في تصريح لهسبريس إلى أن "زواج القاصرات مس فضيع بكينونة المرأة ووجودها وانتهاك صارخ لحقوقها الأساسية"، مضيفة أنه "اغتصاب لطفولة فتاة يجب أن تعيش مسارها الطفولي سليما، سيكولوجيا، وسوسيولوجيا داخل منظومة اجتماعية تؤطرها مختلف التشريعات والضوابط الحامية والضامنة".

"الفتاة القاصر في حاجة ماسة للرعاية خصوصا في هاته المرحلة العمرية لكونها مرتعا خصبا للاكتساب والتكوين والتأهيل العلمي، والمعرفي والاجتماعي"، تقول العلمي التي أكدت على ضرورة توفر الشروط الأساسية "من أجل انتاج نساء سويات ناجحات يشكلن النموذج في العطاء والانتاج التربوي والعلمي للمجتمع والتي يقف في وجها الزواج في سن مبكرة الذي يجعلها محطة للإقصاء و التعذيب النفسي والجنسي داخل مؤسسة بعيدة كل البعد عن مخيلتها وأحلامها الطفولية وذاتها التي لازالت تبحت وتكتشف".

تقنين الإجهاض

بالتزامن مع استعداد وزارة العدل والحريات لإخراج النسخة الجديدة من مشروع قانون حول القانون الجنائي، بعدما وضعت آخر اللمسات على المشروع، الذي يضم العديد من الإجراءات الجديدة لملاءمته مع الدستور المغربي لفاتح يوليوز 2011، طفا على السطح نقاش تقنين الاجهاض، وهو ما تعهدت الوزارة الوصية بفتح نقاش علمي وفقهي حوله عبر لجنة مشتركة يعهد إليها الحسم في الخلاف الذي أصبح يؤرق العديد من النساء المغربيات.

البرلمانية عن حزب العدالة والتنمية خديجة أبلاضي، وفي انتظار ما ستسفر عنه أشغال اللجنة المشتركة بين وزارة العدل والحريات ووزارة الصحة، لأن اخراج مشروع القانون الجنائي مرتبط بخلاصات هاته اللجنة، ترى في تصريح لهسبريس، أن "الإجهاض يتنافى وحق الإنسان في الحياة ويندرج في إطار القتل من الناحية الشرعية".

وأوضحت أبلاضي أن تجريم القتل من الناحية القانونية واضح، مؤكدة أن موقفها "من التحريم الصريح لقتل الإنسان بغير وجه حق لا يمكن اللجوء إليه إلا في حالة الضرورة القصوى التي تستوجب الحفاظ على حياة الأم وفي الحالات التي قد تندرج في الاجتهادات الفقهية كالحمل الناتج عن زنى المحارم".

وفي هذا السياق سبق أن اقترح سعد الدين العثماني رئيس المجلس الوطني لحزب العدالة والتنمية مقترح قانون بمادة فريدة تقضي بتعديل الفصل 453 من القانون الجنائي.. وينص المقترح أنه "لا عقاب على الإجهاض متى قام به علانية طبيب أو جراح خلال الأسابيع الستة الأولى من الحمل إذا ترتب الحمل عن اغتصاب أو زنى المحارم"، بالإضافة إلى "المائة والعشرين يوما الأولى من الحمل بناء على طلب من الوالدين إذا ثبت بواسطة الفحوص الطبية والوسائل الآلية أو المختبرية أن الجنين مصاب بأمراض جينية غير قابلة للعلاج أو مصاب بتشوهات خطيرة غير قابلة للعلاج وأن حياته في الحالتين ستكون سيئة وعالة عليه وعلى أهله".

ويرى العثماني الذي أكد أنه من الضروري على أبواب مراجعة القانون الجنائي المغربي إدخال تعديلات تأخذ بعين الاعتبار تطور ظاهرة الإجهاض، أن يسمح له "إذا استوجبته ضرورة المحافظة على صحة الأم بإذن من الزوج، ولا يطالب بهذا الإذن إذا ارتأى الطبيب أن حياة الأم في خطر".

هسبرس