صناعة النفط الليبية لا تزال عرضة لجولة اُخرى من الاحتجاجات المُعرقلة

خميس, 2014-07-10 23:22

تأمل صناعة النفط الليبية في عودة الاُمور إلى طبيعتها الآن بعد إنحسار موجة إحتجاجات، لكن تعزيز الإنتاج سيستغرق شهورا، ومن المحتمل تجدد الإضطرابات مع إنتشار الفوضى السياسية في البلد العضو في منظمة «اُوبك».
وفي الاُسبوع الماضي وافقت مجموعة من المسلحين في شرق البلاد على إعادة فتح مينائين رئيسيين سيطرت عليهما منذ عام تقريبا في محاولة للحصول على حكم ذاتي.
ومع إنتهاء حصار حقل الشرارة الجنوبي، فإن إستئناف العمل في الموانئ قد يعزز صادرات النفط بنحو 650 ألف برميل يوميا خلال الأسابيع القليلة المقبلة، ما يساعد في إستعادة معظم الإنتاج الليبي الذي كان يبلغ 1.4 مليون برميل يوميا قبل أن تصيب الإحتجاجات القطاع بالشلل.
ووافق المسلحون على إنهاء حصارهم بعد أن صوت الليبيون لإنتخاب برلمان جديد الشهر الماضي. أظهرت النتائج الأولية أن المرشحين، الذين قامت حملاتهم الإنتخابية على الدعوة إلى دولة إتحادية تتقاسم فيها كافة المناطق الثروة النفطية، حققوا نتائج طيبة في شرق البلاد الذي يعاني من الإهمال.
لكن إحتجاجات جديدة قد تتفجر في أي وقت مع عجز الحكومة عن السيطرة على الميليشيات، التي ساعدت في الإطاحة بمعمر القذافي عام 2011، والتي بوسعها السيطرة على المنشآت النفطية متى أرادت سعيا للحصول على النفوذ السياسي والعائدات النفطية.
وتضمن الإتفاق على إعادة فتح الموانئ الشرقية حصول المسلحين على مرتبات من الحكومة، الأمر الذي قد يشجع ميليشيات اُخرى للسيطرة على بنية تحتية نفطية لإغتنام مكاسب مماثلة.
وقال جيفري هوارد المحلل لدى «كونترول ريسك» ومقرها لندن والذي عاد لتوه من رحلة إلى ليبيا «ستظل اُصول الطاقة ورقة مساومة رئيسية في يد المجموعات الراغبة في الضغط على الساسة على المستوى الوطني.
من المرجح أن يستمر إغلاق المنشآت النفطية خلال العام المقبل على الأقل..العودة إلى مستويات التصدير الكاملة أمر مستبعد إلى حد كبير».
وقال حسني بي، رئيس واحدة من أكبر الشركات الخاصة في ليبيا، ان فرصة الإبتزاز المحتملة تتمثل في زيادة مرتبات عمال النفط بنسبة 70 في المئة، وهو ما وافقت عليه الحكومة في الخريف الماضي في محاولة فاشلة للسيطرة على الإحتجاجات.
وحذر مصرف ليبيا المركزي من المضي قدما في رفع الاُجور، نظرا لأنه قد يدمر المالية العامة التي تعاني بشدة بالفعل بعد عام من الإحتجاجات التي عصفت بقطاع النفط.
لكن في مؤشر على أن الحكومة قد ترضخ للضغوط، قالت حكومة رئيس الوزراء المنتهية ولايته عبد الله الثني ان لديها «تحفظات» على تجميد الزيادات في الرواتب.
في الوقت نفسه قالت الحكومة انها قد تضطر إلى بيع صكوك (سندات إسلامية) لتمويل الميزانية البالغ حجمها 47 مليار دولار، في خطوة غير معتادة بالنسبة للبلد المنتج للنفط، الذي كان يفيض عادة بالسيولة النقدية.
ومن بين المشكلات الرئيسية أن الإنتاج النفطي سيزيد تدريجيا، مما سيجبر البنك المركزي على إستهلاك المزيد من الإحتياطيات الأجنبية، التي تراجعت إلى 109 مليارات دولار من نحو 130 مليار قبل عام.
وباستطاعة ليبيا أن تبيع سريعا 7.5 مليون برميل من النفط المخزن في مرفأي راس لانوف والسدر اللذين أعيد فتحهما مؤخرا. لكن الأمر قد يستغرق بعض الوقت لاستئناف ربط الحقول بخطوط الأنابيب التي توقفت عن العمل لفترة أطول من الثمانية شهور التي توقفتها خلال الانتفاضة التي أطاحت بالقذافي عام 2011.
وذكرت المؤسسة الوطنية للنفط في ليبيا أن حقل الشرارة خسر 20 مضخة على الأقل بسبب الإغلاقات المتكررة، ويحتاج اصلاحها عدة شهور كي يتسنى استئناف طاقة الإنتاج بالكامل البالغة 340 ألف برميل يوميا.
وبينما يبذل مهندسو النفط ما بوسعهم لإستعادة الإنتاج، تواجه طرابلس مأزقا يتمثل في عدم قدرتها على خفض الميزانية، التي تنفق نحو 70 في المئة منها على القطاع العام ودعم الوقود والغذاء وعلى الميليشيات في محاولة لإبقاء الإحباط الشعبي تحت السيطرة.
ولم يجرؤ حكام ليبيا الجدد، في ظل ضعف الجيش والشرطة، على الإقتراب من أي نظام ينتمي لعهد القذافي، الذي كان يمنح المرتبات الحكومية أو البَدَلات السخية كوسيلة لشراء الولاء.
والاُسبوع الماضي قال الصديق عمر الكبير، محافظ مصرف ليبيا المركزي، ان الدولة خسرت 40 مليار دولار من العائدات النفطية بسبب الإحتجاجات.
وذكر حسني بي أنه حتى مع إرتفاع صادرات النفط إلى مليون برميل يوميا في نهاية سبتمبر/أيلول سيبقى العجز في الميزانية عند مستوى 50 في المئة.
وإنتهت الإحتجاجات في المنشآت النفطية بعد أن قدمت السلطات موعد الإنتخابات إلى 25 يونيو/حزيران لتتخلص من المؤتمر الوطني العام القديم (البرلمان) الذي يحمله كثيرون مسؤولية الصراع السياسي الذي تعاني منه ليبيا منذ سقوط القذافي.
ومن غير المتوقع أن تعلن النتائج النهائية قبل الاُسبوع المقبل، لكن عمليات الفرز الجزئية تظهر تقدما كبيرا للمرشحين الإتحاديين في الشرق الذين يؤيدون أجندة ابراهيم الجضران، زعيم الاحتجاجات في المرافئ النفطية.
لكن تظل التساؤلات حول شكل النظام السياسي الذي ستتبناه ليبيا في نهاية المطاف إذ لم تنته هيئة خاصة موكلة بوضع مسودة لدستور البلاد من عملها بعد.