دلالات رغبة السجناء السلفيين في موريتانيا بالحوار

جمعة, 2015-08-21 10:53

مطالبة سجناء سلفيين بالحوار مع الحكومة الموريتانية لحل "قضايا مستعصية" تأتي ثمرة مراجعات فكرية استمرت على مدى أعوام، وتعكس من جهة أخرى نجاعة التعاطي العلمي مع أبناء هذا التيار، وفق بعض المراقبين.

 

أعلن السجناء السلفيون في موريتانيارغبتهم في فتح حوار جديد مع الحكومة يشمل جميع المشمولين في ملفات الجهاديين في البلاد، وأكدوا التزامهم بخط الحوار ومنهجه والقبول بنتائجه، باعتباره الوسيلة لإنهاء "الأزمة وحلها" والقضاء على أسبابها.

الدعوة جاءت عبر رسالة موقعة من السجين السلفي التقي ولد يوسف بوصفه الناطق باسم الراغبين في الحوار، موجهة للعلماء المشاركين في ندوة دولية في نواكشوط تناقش دور ثقافة السلم في التصدي للإرهاب.

مضامين الرسالة بدت شديدة الوضوح في التعبير عن الرغبة في الحوار، رغم تشخيصها لسلبيات رافقت تطبيق نتائج النسخة التي بوشرت منه في 2010.

كما تضمنت رسائل طمأنة واضحة للسلطة، من خلال تثمين إدماج الحوار في المقاربة الموريتانية لمواجهة التطرف، والإشادة بقيام المعهد الموريتاني للدراسات الإستراتيجية (هيئة حكومية) بطرح "الموضوع للنقاش على طاولة البحث".

واعتبرت الرسالة أن ذلك يندرج في سياق "السعي الجاد لإصلاح حال البلاد عبر الرأي السديد والفكر الرشيد وإشاعة السلم والتراحم".

أبو المعالي: الدعوة تؤكد أهمية التعاطي الفكري مع هؤلاء الشباب(الجزيرة نت)

المصالح الكلية
لكنها طالبت الدولة بالنظر إلى المصالح الكلية والسلم الاجتماعي، والتسامي عن "شخصنة الموضوع"، ودعت إلى "قطع السبل على كل ما يوغر الصدور ويذكي الثارات ولا يزيد الأزمة إلا أوارا ولا المشكلة إلا استعارا".

اختيار توقيت الرسالة والجهة المرسلة إليها بدا ملفتا، فقد جاءت في وقت تداعت فيه "النخبة" -بقرار من الحكومة- لدراسة موضوع التطرف ومراجعة المقاربة الموريتانية لمواجهته.

وكانت الجهة التي وجهت لها الرسالة هي العلماء الذين أشرفوا على الحوار الأول سنة 2010، وهم الوسيط أو "المسهِّل" الأكثر قبولا من الطرفين.

موقف التيار السلفي المعلن بوضوح في هذا الرسالة جاء نتيجة مراجعات فكرية داخله غيرت بعض القناعات، حيث "كانت لدى الشباب أفكار انبنت على أقوال وفتاوى فقهية مكنت هذه المراجعات من تصحيحها، وتراجع الكثير من الشباب المطالبين بالحوار اليوم عنها"، بحسب ما قال السجين السلفي التقي ولد يوسف للجزيرة نت.

وأضاف ولد يوسف في حديث من داخل سجن نواكشوط أن هنالك قناعات تولدت لدى الكثير من الشباب مؤداها أن الحوار يمكن أن يحل بعض القضايا التي لا يمكن حلها بغيره، "وهذه القناعة ناتجة عن سابقتها المبنية على المراجعات".

ولد عبد الحق: الدعوة تتعلق بمصلحة الجميع ولا ينبغي تفويتها(الجزيرة نت)

التعاطي الفكري
ويعتقد الباحث المتخصص في الجماعات الإسلامية محمد محمود أبو المعالي، أن "هذه الدعوة تعكس نجاح النسخة الأولى من الحوار، وتؤكد أهمية التعاطي العلمي والفكري مع هؤلاء الشباب، وأسبقية هذا النوع من العلاج على غيره".

ويضيف أبو المعالي في حديث للجزيرة نت أن الرسالة تؤكد تأثير الآراء الفقهية التي طرحها العلماء أثناء الحوار، ودورها في المراجعة على مستوى التيار عموما حتى على أولئك الذين اعتقلوا بعد الحوار، "وهي تعبر عن رأي بدأ يبرز منذ بعض الوقت داخل التيار السلفي".

ورغم الرغبة التي عبر عنها السلفيون، فإن الحكومة لم تعلن موقفا رسميا حتى الآن، وإن كان الارتياح للخطوة ملحوظا في أوساط المشاركين في الندوة التي وجهت لها الرسالة.

ورحب مسؤولون في تعليقات غير رسمية بالخطوة. ويقول أحدهم -طلب عدم ذكر اسمه- إنه إذا كانت الحكومة هي التي بادرت أصلا بالحوار وأدمجته في مقاربتها لمواجهة التطرف، فسترحب بخطوة كهذه وستتجاوب معها.

من جانبه، يرى الشيخ أحمد مزيد ولد عبد الحق -وهو أحد العلماء الذين كان دورهم كبيرا في الحوار السابق- أن هذه الدعوة يجب ألا تفوت وينبغي اغتنامها.

ويرى أن الحوار يجب أن يشكل المنهج الذي يحكم هذه القضايا. وطالب بالاستجابة للرسالة "لأن ذلك هو مصلحة الجميع".

المصدر : الجزيرة