موريتانيا: التمهيد للحوار السياسي يتزامن مع تحارب إعلامي بين النظام والمعارضة

رسالة الخطأ

Deprecated function: preg_match(): Passing null to parameter #2 ($subject) of type string is deprecated in rename_admin_paths_url_outbound_alter() (line 82 of /home/amicinf1/public_html/sites/all/modules/rename_admin_paths/rename_admin_paths.module).
خميس, 2015-09-10 07:55

 القدس العربي: تزامنت الجلسات الممهدة للحوار السياسي التي تواصلت أمس في يومها الثاني في نواكشوط بإشراف السلطات وبحضور ممثلين عن الأغلبية والمعارضة المقربة منها، مع شيء آخر أهم، هو التحارب السياسي والإعلامي المحتدم حول الحوار نفسه بين الآلة السياسية والإعلامية لنظام الرئيس محمد ولد عبد العزيز ومعارضته المتشددة المنضوية في منتدى الوحدة.

فقد ركزت تدخلات المشاركين في الجلسات، في جانب كبير منها، على انتقاد مقاطعة منتدى المعارضة للحوار ووصفها بأنها «خيانة الوطن في ظرف يحتاج فيه الوطن لجميع أبنائه».
وفي السياق نفسه أكد الوزير الأول الموريتاني يحيى ولد حدامين في مداخلته أمام الجلسات «أن الحوار مرهون بوعي نخبنا السياسية والنقابية بأن النهج الأنجع لتدبير شؤون الوطن وبناء المستقبل الزاهر هو نهج الحوار والشراكة المقام على مرجعية توافقية».
ووجه رئيس الوزراء ما سماه «دعوة صادقة لا لبس فيها لكل الفاعلين السياسيين، للمشاركة في حوار وطني شامل، من دون شروط مسبقة، توفر له الحكومة كل فرص النجاح».
وركز الإعلام الحكومي على الدفاع المستميت عن أجندة الحوار، ولذلك استضافت التلفزة والإذاعة الحكوميتان على مدى ليلة كاملة، وجوها سياسية معروفة في المعارضة فضلت الانشقاق عن مواقف أحزابها الرافضة للحوار والالتحاق بأجندة الحوار التي قررتها السلطات.
وفي المقابل واصل قادة المعارضة في حوارات متلفزة ومذاعة انتقاداتها لجلسات التمهيد للحوار، فيما غادر رمزها أحمد ولد داداه رئيس أكبر أحزابها أمس إلى الأراضي المقدسة لأداء فريضة الحج بعيدا عن أجواء الحوار.
وأكد مصطفى بدر الدين في تصريحات لقناة الساحل «استغراب المعارضة لتوقيف التفاوض معها من طرف السلطات والتحول إلى حوار أحادي ليست له مصداقية».
واعتبر محفوظ ولد بتاح رئيس حزب اللقاء الديمقراطي الوطني رئيس القطب السياسي بمنتدى المعارضة في تصريح صحافي أمس «أن افتتاح ما تطلق عليه السلطة الجلسات التمهيدية للحوار الوطني يؤكد أنها فشلت فشلا ذريعا في تسويق دعايتها وبالتالي ستجلس لتحاور نفسها»، حسب قوله.
ومع أن المعارضة قد كسبت نقاطا داخل الفئة الساخطة على النظام، فإن الجانب الحكومي قد كسب نقاطا هامة حيث نقلت وسائل الإعلام الحضور الكبير والمتنوع لأكثر من ألف مشارك من مختلف الأطياف ومن الطيف المعارض أيضا.
وقد كسن النظام نقاطا كثيرة من وراء مشاركة وجوه لها مصداقيتها الكبيرة في الساحة وبالذات في حزب التكتل المعارض من بينها محفوظ ولد إبراهيم الناطق الرسمي باسم زعيم المعارضة أحمد ولد داداه وعضو وفد المعارضة المفاوض في داكار 2009، ومن بينها السفير بلال ولد ورزك الذي ناضل في حزب التكتل والذي يحتل مكانة بارزة في الخط المعتدل للمعارضة، إضافة لعالي ولد عبد الله عضو اللجنة الدائمة لحزب التكتل ومستشار الرئيس، ومحمد ولد غدور فيدرالي حزب التكتل في نواكشوط، واماه بنت سمته البرلمانية السابقة عن حزب التكتل أيضا.
وإذا دققنا النظر في حضور المعارضة لهذه الجلسات نجد أن منتدى المعارضة المتشددة قد تغيب بشكل إجماعي، كما نجد أن معاهدة التناوب وهي معارضة الوسط قد شاركت لتعلن موقفها الداعي لإرجاء الحوار.
وسنجد أن السلطات قد حرصت على إظهار تغيب المعارضة رغم أنها الدعوة وجهت إليها، حيث صور التلفزيون الرسمي كراسي فارغة داخل القاعة أمامها يافطات تؤكد كتابيا أنها مخصصة لحزب تكتل القوى بزعامة أحمد ولد داداه واتحاد قوى التقدم بزعامة محمد ولد مولود، كما حرصت على ظهور شخصيات معارضة في الجلسة الافتتاحية بينها بلال ولد ورزك الذي قدم على أنه نائب لرئيس حزب التكتل أحمد ولد داداه، وبينها محمد ولد بربص الذي قدم على أنه رئيس حزب المستقبل.
وتحدث يوسف ولد حرمه رئيس حزب «تمام» مؤكدا أنه عضو في منتدى المعارضة الذي كان قد تبرأ منه في بيان خاص قبل افتتاح الجلسات. 
وعبر هذا التراشق وهذا التحارب السياسي والإعلامي يسعى كل من السلطة والمعارضة لحشر خصمه في الزاوية الضيقة.
وتتابع الصحافة المستقلة وصحافة التدوين والتغريد هذه التجاذبات بالتعليق الجاد الموالي أو المعارض حينا والساخر والناقد أحيانا أخرى.
يقول السعد بن بيه «بصراحة وللأمانة؛ ما حدث بالأمس في قصر المؤتمرات هو تظاهرة سياسية، ولا يمكن وصفه «بالحوار» وليس حتى تشاورا، وخطب عادية جدا – لا أريد أن أقول مرتبكة – ثم عموميات على الهامش». 
ويضيف «الحوار الحقيقي يحدث حين تشاهد على مستوى الصورة القادة السياسيين يتبادلون النكات أمام الكاميرا، ثم يتوارون خلف باب كبير ومغلق بإحكام، ليخرجوا بعد أسبوع بأجندة الحد الأدنى هنا الجدية والمصداقية، غير ذلك كرنفال وليس حوارا سياسيا».
ويقول أبو العباس ابرهام الكاتب الكبير والمدون البارز في تعليق له على جلسات الحوار «يحاول النظام خلق زعامات «معارضة» بديلة لتزوير إجماع وطني، هذا مشروع فشل في نوفمبر 2008 عندما تمّ سلخ جزء من حزب التكتل للإتيان به في أيام الجنرال عزيز التشاورية لتشريع ترشيحه للرئاسة».
ويقول عبد الله حرمة الله القيادي في الحزب الحاكم في تدوينة له «ليشهد منمي كوش ومزارع شمامه وكهل أمشتيل ويافع تيرس ومجلس الأمن والجيران ومراجع العلوم السياسية ومدرسي التاريخ، أنهم ( المعارضة) تغيبوا عن تدارس انشغالات الأمة الموريتانية».
وكتب محمد امبارك ولد محمد سعد «تمثل هذه الدعوة للتشاور حول تاريخ الحوار ومحتواه أكبر دليل على احترام السيد الرئيس للمعارضة، كما يعتبر امتحانا عادلا لجدية الأحزاب داخل المنتدى حيث أن من لم يحضر للتشاور فمعناه انه غير جاد في الحوار، أو أن لديه مصالح في بقاء الأمور على حالها».
ويجزم المدون جعفر محمود بأن «التاريخ سيشهد ومعه الأجيال أن اليد الممدودة بالحوار هي يد النظام، وأن الرافضين لهذه اليد والرافضين للحوار هم نخب المعارضة الديمقراطية، ونحن في النظام نعتبر كل خطوة هنا هي تعبير مقنع عن البحث والعمل من أجل مستقبل موريتانيا ومن أجل نهضة أبنائها ووحدة أرضهم وسيادتهم عليها».
ويقول المدون محمد الأمين ولد الفاضل وهو قيادي في المعارضة «لأول مرة نجد أنفسنا أمام «شيء مبهم وغير واضح» اختلف المشاركون حتى في تسميته، فهل هو حوار؟ أم تشاور؟ أم مشاورات؟ أم جلسات تمهيدية؟.. رسالة الوزير الأمين العام للرئاسة الداعية لهذا الشيء المبهم وغير الواضح حملت في طياتها كل تلك التسميات».
وحول الآفاق التي سيفتحها الحوار الحالي يقول «سنكون أمام واحد من احتمالين: إما أن تواصل السلطة مسرحيتها وأن تنهيها بلا شيء مع تجديد الدعوة لحوار جديد، وإما أن تأتي الأوامر للمشاركين بالخروج بتوصيات هامة تشكل جزءا مهما من مطالب المعارضة، وأن تعمل السلطة من بعد ذلك على جر المعارضة أو جزء منها للقبول بمخرجات «الشيء المبهم وغير الواضح»، وللمشاركة في الانتخابات التشريعية والبلدية التي قد تكون الدعوة لها هي من أهم مخرجات ذلك «الشيء المبهم وغير الواضح»، حسب تعبير المدون.
وتابع «هناك احتمال ثالث كنت قد استبعدته، حتى وإن كان ينسجم مع روح المخاطرة التي يمتلكها الرئيس، هذا الاحتمال الثالث يتمثل في أن تكون جلسات «الشيء المبهم وغير الواضح» بداية لتعديل الدستور.. إنه احتمال وارد، ولكن لا أعتقد أن الرئيس، رغم ميله للمخاطرة، سيتجرأ في مثل هذا الوقت لأن يفكر في تعديل الدستور». 

عبدالله مولود