يبدو المراقب للساحة السياسية الوطنية في حيرة من أمره لتحليل مسار الأمور لطبقة سياسية فقدت البوصلة واختارت البقاء في مكان واحد ودفعتها الارتكاسات وخيبات الأمل في المراحل السابقة إلى ما يشبه الرفض المطلق.. ففي الوقت الذي يصر فيه النظام –بحسن نية أو بسوئها- إلى إطلاق الحوار تبدو المعارضة مرتبكة ومشوشة التفكير، محشورة في برج عاجي لا تكاد تقدم رجلا حتى تؤخر الأخرى.
ففي 2011 وفي الوقت الذي كانت فيه المعاهدة تحاور لانتزاع بعض المكتسبات فضلت أحزاب المنسقية المقاطعة والإصرار على دعوة النظام للرحيل دون التفكير في الآليات ولا تحليل عميق للواقع وما هو متاح أو غير متاح.
لتعترف بعد فشل ماسمي بالربيع العربي بخطئها في ذلك النهج داعية في نفس الوقت لحوار كلما لاحت بشائر أنوائه حتي تنحسر دون نتيجة تذكر، وهكذا تضيع الفرصة تلو الأخرى دون أن نصل إلى الحوار المطلوب ونخرج من عنق الزجاجة ونهيئ البدائل لطبقة سياسية تجاوزت السن الدستورية ونظام في مأموريته الأخيرة .
لقد كان من الأجدر في نظر البعض أن تكون المعارضة مرنة من أجل جر النظام للحوار وهو ما حدث في عهد ولد الطائع، حيث دخل حزب اتحاد قوى التقدم في حوار أحادي مع النظام كما كانت المعارضة طرفا في التشاور الذي دعا إليه التجمع من أجل الديمقراطية والوحدة رغم ضعف الضمانات وقلة النقاط المدرجة في الحوار آنذاك .
واليوم تبدوالنتائج التي أسفرت عنها الأيام التشاورية، والتي أثارت أغلب النقاط التي طالب بها المنتدى في ممهداته للحوار، إذا ما حسنت النوايا ، أساسا لنقاش جاد ما بين الأطراف السياسية في المعارضة والموالاة من أجل التوصل إلى ما يرسخ دولة القانون ويضمن التناوب السلمي على السلطة، ويخرجنا من هذه الدوامة التي هي أشبه بالنظرة العدمية.
فكما يقول المثل الشعبي"اسحاب أسو امنين جات" فالمهم أن نجد ضوءا للخروج من هذا النفق، ولا يهمنا من أين أتي، إنها فرصة يجب أن لا نضيعها، فنحن بحاجة للتقدم خطوة للأمام ولمناقشة أوضاعنا السياسية بتأن، خاصة وأننا مجمعون على أن الحوار هو السبيل الأمثل لحلها..
وكالة المستقبل