الإعلان عن وساطة بين النظام والمعارضة الجادة وتسريبات عن تأجيل الحوار
تعيش موريتانيا حاليا آلام مخاضات عسيرة لحوار سياسي مرتقب منذ عدة أشهر، تريده الحكومة شاملا بلا شروط مسبقة، وتريده المعارضة المتشددة «جادا بضمانات وشروط».
وقد حاول النظام الحاكم تجاوز عناد المعارضة الجادة الذي اتضح له بعد أن حاورها لفترة قصيرة، فنظم بموالاته أياما تشاورية في غياب كبار قادة المعارضة من أمثال أحمد ولد داداه ومسعود ولد بلخير ومحمد ولد مولود، وحدد الأسبوع الأول من شهر أكتوبر/تشرين الأول المقبل موعدا للحوار واستطاع جذب قياديين معارضين إلى صف الحوار، غير أن كل ذلك، رغم ما أحدثه من صدى كبير في أوساط الرأي العام، لم يغير من مواقف منتدى المعارضة الداعي للعودة للمفاوضات السابقة الممهدة للحوار والتي تخلت عنها الحكومة.
وبما أن الحوار لن يكتسي صفة الشمولية والإجماع من دون مشاركة منتدى المعارضة، فقد تدخل قادة معاهدة التناوب، وهي المعارضة المقربة من النظام، للتوسط كعادتها في مثل هذه الظروف، بين الرئيس محمد ولد عبدالعزيز ومعارضيه.
وأكد بيجل ولد هميد رئيس حزب الوئام الديمقراطي والقيادي في معاهدة التناوب في تصريح بثته الوكالة الموريتانية للأنباء (رسمية) أمس «أن قيادة المعاهدة التقت الرئيس محمد ولد عبدالعزيز وبحثت معه طرق إنجاح الحوار المرتقب».
وقال «كما تعلمون، كنا قد طلبنا لدى افتتاح الأيام التشاورية الأخيرة باسم هذه الكتلة، لقاء رئيس الجمهورية من أجل بحث سبل مواصلة مبادرة الرئيس مسعود ولد بالخير الذي لم يحضر هذا اللقاء، بسبب وجوده خارج نواكشوط في عطلة، وما نقوم به اليوم تم بعد موافقته وبالتشاور معه، وبعد انتهاء عطلة الرئيس مسعود سيلتقي رئيس الجمهورية في هذا الإطار، وسيؤكد له ذلك».
وأضاف «لمسنا لدى لقائنا مع رئيس الجمهورية انفتاحه على الحوار ووجدنا لديه كل التعاون في مهمتنا، معربا عن رغبته في حوار كل الموريتانيين تحت سقف واحد، وهي الإرادة التي تم في إطارها الحوار مع المعاهدة سنة 2011».
وأكد ولد هميد «أن الرئيس ولد عبدالعزيز عبر له عن رغبته في فتح المجال لكل من لم يشاركوا في ذلك الحوار، وهو ما نعكف عليه اليوم، وسنقوم بالاتصال بالمقاطعين رغم أن الدستور الموريتاني يحدد مدة معينة لإعادة تجديد مجلس الشيوخ، وهو ما ينبغي أخذه في الاعتبار».
وقال «إن الرئيس الدوري للمعاهدة الدكتور عبدالسلام ولد حرمة سيجري اتصالات بمنتدى المعارضة وسيطلب اللقاء معهم من أجل إيجاد حل لمختلف قضايا البلد.»
وفي تصريح آخر أكد الدكتور عبدالسلام ولد حرمة الرئيس الدوري لكتلة معاهدة التناوب «أن لقاء قادة المعاهدة مع الرئيس يدخل في إطار الجهود التي ما فتئت المعاهدة تقوم بها منذ بعض الوقت من أجل دخول البلاد في حوار شامل، تشارك فيه كل أطياف الساحة السياسية، وهذا ما ضمناه رسالتنا الماضية التي عرضت لدى افتتاح الأيام التشاورية الأخيرة».
وقال «سنواصل تلك المساعي في سبيل الحصول على مكاسب سياسية تتيح الدخول في حوار وطني، يعزز المكاسب الديمقراطية ويحصن البلاد من الأزمات السياسية بمشاركة الجميع ومن دون خطوط حمراء، ومن دون سقف، وأعتقد أن ذلك يمكن أن يتحقق إذا صدقت وأخلصت كل النوايا، وإذا كانت جميع الأطراف جادة باعتبار أن هذا الحوار يصب في مصلحة موريتانيا وحدها، وليس لصالح أي طرف بعينه لا حزبي ولا غير حزبي».
وفيما تتفاعل هذه الوساطة وسط حظوظ نجاح ضئيلة أكدت مصادر صحافية مقربة من السلطة أن «الحكومة تتجه لتأجيل موعد الحوار لفتح الفرصة أمام الوساطات المبذولة لجر المعارضة المتشددة إلى المشاركة.
وأكدت وكالة «الطوارئ» الإخبارية المستقلة «أن الحكومة الموريتانية متجهة نحو تأجيل الحوار الذي كان مقررا انطلاقه في الأسبوع الأول من شهر أكتوبر المقبل».
وأوضحت «أن هذا التطور الجديد جاء بعد لقاء وصف بالإيجابي، عقد بين رئيس الجمهورية محمد ولد عبدالعزيز ووفد من المعاهدة يضم كلا من الرئيس الدوري للمعاهدة الدكتور عبدالسلام ولد حرمة و رئيس حزب الوئام بيجل ولد هميد» .
وحسب معلومات «الطوارئ» «فإن الحكومة تتجه إلى تأجيل انعقاد الحوار لإفساح المجال لمبادرة ستقوم بها المعاهدة لإحياء مبادرة الرئيس مسعود مع إرسال وزراء إلى الداخل لشرح مضامين وأهمية الحوار» .
وأكدت نقلا عن مصادرها «أن الأسبوع المقبل سيكون حاسما في مسار هذه المبادرة الجديدة، مشيرة إلى «أن مصادرها تتوقع تذليل الصعاب التي تعترض مشاركة المنتدى الوطني للديمقراطية والوحدة حيث أبدى رئيس الجمهورية تعاطيه الإيجابي مع ما ستقترحه المعاهدة» .
«وإذا كللت المبادرة الجديدة، تضيف وكالة الطوارئ، وكل المعطيات تشير لذلك فإن الأسابيع المقبلة ستخصص للتحضير الحقيقي للحوار لينطلق ضمن إطار شامل» .
وحول توقعات المستقبل أكدت «الطوارئ» نقلا عن مصادرها «أن موريتانيا تتجه لتنظيم انتخابات برلمانية وبلدية توافقية سابقة لأوانها مطلع السنة المقبلة، وذلك بعد إجراء تغييرات كبيرة ستطال اللجنة المستقلة للانتخابات والسلطة العليا للصحافة والسمعيات البصرية والمجلس الدستوري» .
وكان جابيرا معروفا الرئيس الدوري لمنتدى المعارضة الموريتانية قد أكد في آخر رسالة يوجهها للحكومة حول الحوار «أن الدعوة لاجتماعات تحضيرية لحوار معد بصورة مسبقة وأحادية تشكل، بالنسبة لمنتدى المعارضة، رجوعا إلى الوراء، وبالتالي لا يمكن للمنتدى الوطني للديمقراطية والوحدة، بجميع مكوناته، القبول به».
ودعا «حكومة الرئيس محمد ولد عبدالعزيز إلى العودة لمسار التفاوض السابق حول الحوار، مع تقديم موقف مكتوب من كل النقاط الواردة في العريضة التي قدمها المنتدى للحكومة في وقت سابق».
«وبهذه العودة للمسار السابق» يضيف رئيس المنتدى في رسالته، «لا نبدو جميعا وكأننا ضيعنا عدة أشهر من العمل المخلص، وبالتالي عليكم أن تؤكدوا – كتابيا – الردود الشفهية التي قدمها وفدكم أثناء اللقاءات التي دارت بين الفريقين».
وقال «إن هذا الرد المكتوب هو الذي على أساسه سنتمكن من تقييم فرص التقدم نحو اتفاق يفتح الباب أمام حوار شامل وجامع هو وحده، في نظرنا، القادر على أن يشكل مخرجا من الأزمة الراهنة».
القدس العربي