توقع زيارة محمد السادس إلى نواكشوط وتعيين سفير لها في الرباط
توقع مصدر صحافي موريتاني مطلع أمس أن تشهد العلاقات المغربية الموريتانية شبه المجمدة منذ فترة طويلة، تحسنا كبيرا في مستويات عدة.
فقد نقلت وكالة «الطوارئ» الموريتانية التي يديرها الإعلامي شنوف ولد مالكيف المقرب من الأوساط الرسمية العليا في موريتانيا، عن مصادر وصفتها بالمطلعة «أن يظهر تحسن كبير في العلاقات الموريتانية المغربية عما قريب، وذلك انعكاسا لزيارة أنهتها للتو حرم الرئيس الموريتاني تكبر منت أحمد واستقبلت خلالها بحفاوة كبيرة من طرف الرسميين المغاربة».
وتوقعت مصادر وكالة «الطوارئ «أن تعين موريتانيا خلال الأيام المقبلة سفيرا جديدا لها في الرباط ضمن هذا التوجه الجديد نحو إزاحة الجليد عن العلاقات».
ويعتبر المراقبون أن خلو منصب السفير في السفارة الموريتانية بالرباط منذ سنتين دال على جمود العلاقات بين نوكشوط والرباط.
كما توقعت مصادر «الطوارئ» أن يؤدي العاهل المغربي الملك محمد السادس زيارة لموريتانيا خلال شهر تشرين الثاني/نوفمبر المقبل لحضور احتفالات موريتانيا بالذكرى 55 لعيد الاستقلال الوطني المقرر إحياؤها هذا العام بزخم كبير بمدينة نواذيبو عاصمة موريتانيا الاقتصادية.
وإذا صحت المعلومات التي نقلتها وكالة «الطوارئ» التي يعتبرها الكثيرون مقربة من السلطة في موريتانيا، فإن تحسنا متسارعا ستشهده العلاقات الموريتانية المغربية عما قريب.
وكانت معلومات مماثلة لما نشرته «الطوارئ» أمس قد نشرت في الفترة نفسها من السنة الماضية من دون أن يتلوها تحسن في العلاقات الموريتانية المغربية.
وكانت أسبوعية «بلادي» الاستقصائية ذات الإطلاع الواسع قد تحدثت في ملف أخير لها عن انكماش الرئيس الموريتاني محمد ولد عبدالعزيز عن المغرب مؤكدة أنه يعود لسببين أولهما إقامة رجل الأعمال محمد ولد بوعماتو خصم الرئيس وابن عمه مكرما في المغرب، والثاني إقامة المعارض الموريتاني الشرس مصطفى ولد الإمام الشافعي معززا هو الآخر في المملكة المغربية».
وكان الاعتقاد السائد لدى الكثيرين في المغرب، كما في موريتانيا، هو أن وصول الرئيس الموريتاني محمد ولد عبدالعزيز للحكم سنة 2009، سيؤدي إلى تطور كبير في العلاقات الموريتانية المغربية بالنظر لأصوله المغربية ولكون زوجته ذات التأثير الكبير مغربية أيضا.
وقوى هذا الاعتقاد متابعة ولد عبدالعزيز ما بين 1977 و1980 لتدريبات في الأكاديمية العسكرية الملكية في مكناس، ثم عودته إلى المغرب سنة 1993 ليتابع لمدة سنتين تكوينا عسكريا عاليا آخر.
وتؤكد صحيفة «هسبرس» الألكترونية المغربية «أن سوء الفهم الكبير الذي وقع في طريق العلاقات بين الرباط ونواكشوط بدأ صغيرا ليكبر مع مرور الأيام مثل كرة ثلج متدحرجة»، فقد بدأت الحكاية، حسب «هسبرس» عندما طلب عبدالعزيز التوجه إلى المغرب كأول بلد يزوره بعد توليه الرئاسة في يوليو/تموز 2009، غير ان الرباط اعتذرت عن الموعد المحدد، وتكرس سوء الفهم بعدما تم تحديد موعد ثان لزيارة الرئيس الموريتاني للمغرب، لكن هذه المرة كانت نواكشوط هي من اعتذرت عن قيام الرئيس بالزيارة بحجة أن الوقت «غير مناسب» لأجندة الرئيس والأنكى أن عبدالعزيز زار الجزائر في التوقيت نفسه، الجارة الشقيقة اللدود للمغرب.
وتعاطت نواكشوط باستياء مع الإلغاء الأول لزيارة الرئيس ولد عبدالعزيز إلى الرباط، وهو ما عززته وقائع أخرى، منها طرد موريتانيا لمراسل وكالة الأنباء المغربية عبد الحفيظ البقالي في ديسمبر/كانون الأول في 2011 واتهامه بممارسة أدوار خارجة عن مهامة الإعلامية.
وتحدث مراقبون لهذا الملف عن رفض موريتانيا لطلب من المملكة المغربية يتعلق بإقامة قنصلية موريتانية في مدينة العيون الصحراوية، ورغم ان هذا الرفض متفهم جدا بسبب حساسية المدينة، وباعتباره خروجا قويا على ما تعتبره موريتانيا الحياد الإيجابي من النزاع المغربي الصحراوي إلا انه قوبل بغضب شديد من المغرب. وفي المقابل أيضا وسعت موريتانيا دائرة علاقاتها مع الجزائر بشكل متزايد، وبشكل أعمق مع حركة البوليساريو، واستقبل الرئيس محمد ولد عبد العزيز مسؤولين صحراويين عدة مرات، كما تعزز التقارب الموريتاني الصحراوي بتقريب الرئيس ولد عبدالعزيز للرئيس الموريتاني السابق محمد خونه ولد هيداله ذي الأصول الصحراوية والمعروف بصداقته مع الجزائر مستشارا خاصا له.
والحقيقة، حسب متابعي هذا الشأن، فإن المغرب لن يفرط في موريتانيا التي تمثل خاصرته الجنوبية، رغم عجز موريتانيا عن خلق توازن في العلاقات بين المغرب والجزائر.
ولا تملك موريتانيا، حسب المراقبين، أوراق ضغط كبيرة على المغرب باستثناء ورقة الموقف من الصحراء الغربية، وهي ورقة قوية ومؤثرة، وخصوصا إذا لجأت موريتانيا إلى مسايرة أنشطة البوليساريو في مجالات التنقيب عن المعادن وفي مجال الاستثمار التجاري.
ويملك المغرب أوراق ضغط كبيرة على موريتانيا وإن كان الرئيس محمد ولد عبدالعزيز الذي يوصف بأنه «تلميذ الرئيس معاوية»، لا يخضع للضغوط.
أما المغرب فيملك أوراق ضغط كبيرة أبرزها العلاقات الاجتماعية الوطيدة جدا بين المغرب ومحيط الرئيس عزيز، وورقة الثقل الروحي الذي يمثله المغرب باعتبارها مركزا للطريقة التجانية ذات الأتباع الكثيرين في موريتانيا، ومن أوراق المغرب تأثيرها الكبير على دول الجوار وبخاصة السنغال ومالي المجاورتين اللتين تتبعان الإشارة المغربية في مواقفهما الإقليمية.
ويتوفر المغرب على ورقة المنح الدراسية المقدمة للطلاب الموريتانيين في المغرب وورقة التبادل التجاري مع المغرب الذي تعتمد سوق الفواكه والخضروات الموريتانية على منتوجاته الزراعية الرخيصة.
وإذا تأكدت زيارة العاهل المغربي المتوقعة لموريتانيا فإن ذلك سيزيل الجليد وسينهي الأزمة «الصامتة» بين المغرب وموريتانيا، حيث أن العاهل المغربي محمد السادس لم يزر موريتانيا منذ وصول ولد عبدالعزيز إلى الحكم، كما أن الرئيس الموريتاني محجم عن زيارة المغرب، بينما زار جميع دول المغرب العربي الأخرى.
نواكشوط- «القدس العربي»: