لماذا تلف وتدور صحيفة "لوموند" بتحقيقها الموجه حول "كينروس"؟ ألم يكن بإمكان الصحيفة التي عرفت بالرصانة أن تدخل في صلب الموضوع لتكشف الوجه القبيح للصحافة المأجورة..
وهل من الصدفة أن تكون الكلمة الفصل في هذا التقرير ـ الذي تفترض فيه الجدية ـ لأحد خصوم النظام، الصديق الشخصي والمحامي لرجل الأعمال محمد ولد بوعماتو، "وليام بوردون" الذي يتزعم منظمة" شربا" التي تحوم الشكوك حول مقاصدها في والتي يشتبه البعض في أنها متخصصة في ابتزاز الأنظمة الإفريقية بحجة مكافحة الفساد في إفريقيا.
كان على الصحيفة الفرنسية التي كنا ننتظر منها هذه الأيام بعضا من الحذر أن تبتعد عن "حمى الشبهات" حيث يقف عدد من الصحفيين الفرنسيين أمام القضاء بتهمة الابتزاز.
إن القارئ للتقرير، بناء على الترجمة التي قدمتها مواقع محلية، سيصاب لا محالة بحيرة من تصريحات "بورودون" والتي هي مربض الفرس في التقرير حيث أنها أقحمت بشكل مكشوف لحاجة في نفس القائمين على الصحيفة، فخلافا لتصريحات المحامي، من الطبيعي جدا أن تحقق مصالح القوى الكبرى في ما تقوم به الشركات المنجمية العالمية، ولا يمكن بالضرورة أن يكون كل تحقيق ـ إذا افترضنا صحة فتحه أصلا بالصيغة التي تروج لها الصحيفة ـ دليلا على الفساد؛ بقدر ما هو رقابة عادية يفترض أن تقوم بها الهيئات المختصة.
من الواضح أن التقرير الاقتصادي المحشو بالأرقام ـ المنشورة على موقع الشركة ـ والتي اعتمدتها الصحيفة يحمل رسالة سياسية واضحة، هنالك من يدفع لتشويه صورة النظام الموريتاني بحجج واهية.
مما يثير الاستغراب في هذه الورقة التي أعدت الصحيفة أن الهيئات الأمريكية تتهم قبل أن تشتبه خلافا لما هو متعارف عليه في ابجديات عمل الهيئات الرقابية، أن يكون استخراج الذهب حربا ضد البيئة كما يدل التباكي على الطبيعة الخلابة التي دمرها استخراج الذهب ، أن تفوح رائحة الشماتة من الشركة في التقرير بسب انهيار أسعار المعدن النفيس، الإيحاء بأن الاعتذار عن الرد من طرف السلطات الأمريكية يكشف صدق هلوسات الصحيفة حول علاقة الفساد التي تربط بين النظام والشركة، استخدام تقارير منظمة الشفافية الدولية والتي تزودها جهات معروفة بمعلومات خاطئة عن البلد كحجة على الفساد، إضافة إلى اعتماد تقارير ما قبل 2008 عن الوضع الأمني للبلد واختلاق علاقة للنظام بمافيا المخدرات والحركات الجهادية في الساحل فتلك شنشنة خبرناها، أما حكاية المقربون للرئيس فتبدو هزيلة حيث تم الحديث عن لائحة تعج بالأسماء كانت محصلتها حسب الصحيفة ولد التومي الذي عين على الملأ في الشركة، وتوظيف مواطنة موريتانية دون أن نفهم إن كان هذا التوظيف غير مستحق بناء على الكفاءة، وأخيرا إقحام رجل إعمال موريتاني شهير يتعامل مع الشركة في العلن.
أعتقد أن التقرير في مجمله كان حبة صنع منها تاريخ الصحيفة قبة، وستكشف الأيام القادمة أن الموضوع مجرد فقاعة إعلامية تعيد للأذهان الأزمة الأخلاقية التي تعصف ببعض الصحافة الفرنسية منذ أسابيع بدل أن تصيب النظام في مقتل.
لو كان الأمر بيدي لطلبت من الشركة رد الاعتبار لحكومة البلد برفع دعوى على الصحيفة، ولعضدت دعواها بدعوى ضد الصحافة الفرنسية التي ترتزق على حساب الأنظمة الإفريقية وأحيانا شعوبها..
أحمد ولد محمدو
اعلامي موريتاني