كشف تقرير كويتي الاثنين عن أن مصادر رفيعة المستوى في “الحرس الثوري” الإيراني وجهت انتقادات شديدة اللهجة للأوساط الإيرانية القريبة من الرئيس حسن روحاني على خلفية موافقته على البحث مع جهات سعودية مسؤولة, في سبل التعاون لإعادة الاستقرار في المنطقة، وخاصة في العراق وسورية ولبنان.
وذكرت صحيفة (السياسة) الكويتية في عددها الصادر الاثنين أن مصادر الحرس الثوري اعتبرت أن مجرد موافقة جهات رسمية ايرانية على التباحث بشأن الشروط السعودية المتعلقة بنشاط “حزب الله” اللبناني، أمر لا يمكن تفهمه أو التغاضي عنه، خاصة بعدما تبين أن الأمر يتعلق بإبداء إيران استعدادها للتعاون في مجال توقيف المتهمين بقضية اغتيال رئيس الوزراء الاسبق رفيق الحريري، شرط ان تتم محاكمتهم بصورة عادلة أمام المحكمة الدولية الخاصة بلبنان.
وحسب الصحيفة، ورغم أن إيران لم تبد حتى الآن بشكل رسمي استعدادها للتعاون في تسليم المتهمين باغتيال الحريري ولم توفر بعد للمحكمة أية معلومات يمكن ان تساهم في الوصول إلى المتهمين وفي مقدمهم المتهم الرئيسي مصطفى بدر الدين، فإن موافقة الجهات الايرانية على التباحث في هذا الأمر مع السلطات السعودية, تعتبر، بحسب الحرس الثوري، “تجاوزاً لجميع الخطوط الحمراء” لجهة تهاون إيران بأمن أحد أهم حلفائها في المنطقة.
ويعتبر الحرس الثوري أن ذلك لا يمكن تقبله حتى لو كان سيعطي إيران دفعة كبيرة الى الامام في ما يتعلق بجدية نواياها في المحادثات الجارية مع الدول الكبرى للتوصل الى اتفاق بشأن برنامجها النووي، وسيمكن أيضاً المفاوضين الايرانيين في فيينا من التوصل الى اتفاق في العشرين من تموز/ يوليو الجاري, بشروط مريحة لطهران.
وأشارت الصحيفة إلى انه رغم أن المصادر المطلعة على العلاقات الحميمة التي تربط “الحرس الثوري” الإيراني بـ”حزب الله” ترفض أي مس بحليفها اللبناني، إلا أنها لا تخفي امتعاضها الشديد من الاستكبار والاستهزاء اللذين يبديهما بدر الدين تجاه كبار ضباط “الحرس الثوري”، واصفة إياه بأنه “مصاب بجنون العظمة”, حيث أنه لا يتوانى عن عض اليد الايرانية التي توفر له كل ما يحتاجه من مال وعتاد.
وطبقا للصحيفة، ومع أن لديها ملاحظات كبيرة على بدر الدين وتصرفاته، لكن المصادر القريبة من الدوائر المتشددة في النظام الإيراني تعارض تسليم بدر الدين إلى المحكمة الدولية، لأن هذا التصرف سيؤكد تورط “حزب الله” في جريمة اغتيال الحريري، ومن شأنه أن يودي بكل انجازات الحزب على الساحة اللبنانية، ويمس المصالح الايرانية في لبنان التي تم بناؤها على مدى السنوات الثلاثين الأخيرة، التي حولته إلى مركز إيراني عسكري وأمني ولوجستي على شواطئ البحر الأبيض المتوسط.
ووضعت مصادر مراقبة الخلاف بين جناح “الحرس الثوري” وجناح روحاني في إيران في إطار التضارب في وجهات النظر بين الجانبين، لاسيما في ما يتعلق بالتعامل مع الولايات المتحدة والغرب من جهة ومع دول المنطقة وفي مقدمها المملكة العربية السعودية من جهة ثانية.
وأوضحت المصادر أن الجناح المتشدد يرفض تقديم طهران أي تنازلات للغرب في الملف النووي وللدول العربية في ملفات المنطقة، وهو يقف وراء تشدد رئيس الوزراء العراقى المنتهية ولايته نوري المالكي وتمسكه بولاية ثالثة، رغم مخاطر ذلك على وحدة العراق وإمكانية اندلاع حرب أهلية – مذهبية تؤدي إلى تقسيمه.
وتقول الصحيفة إن إدارة روحاني تميل إلى التوصل لتفاهمات مع الغرب بشأن الملف النووي ولو اقتضى ذلك تقديم بعض التنازلات، لاسيما في ما يتعلق بعدد أجهزة الطرد المركزي التي ستحتفظ بها طهران بعد أي اتفاق محتمل، كما أنها ترغب بالتوصل إلى تفاهمات مع دول المنطقة لكسر العزلة التي تعيشها الجمهورية الإسلامية وتحسين علاقاتها مع الجوار.
وختمت الصحيفة تقريرها بالقول “وما بين جناح الحرس الثوري وإدارة روحاني تبقى الكلمة الفصل للمرشد الأعلى علي خامنئي الذي له الكلمة الفصل في جميع الملفات الأساسية، وفي مقدمها الملف النووي، وسط مؤشرات على أنه بات يميل للتوصل إلى صفقات وتفاهمات مع خصوم إيران، بسبب تدهور الوضع الاقتصادي وتصاعد النقمة الشعبية على النظام”.
القدس العربي