الكاتب البشير عبد الرزاق
هناك مثل موريتاني شائع يقول إن المهم هو أن يهطل المطر، بغض النظر عن الجهة التي سيأتي منها، لكن ذلك لا يمنع من أن نتريث قليلا عند الرسائل الناعمة التي تبادلها مؤخرا المنتدى والأغلبية، لنحاول تحديد الجهة التي جاء منها المطر هذا المرة:
من الذي يقف وراء زمان الوصل الذي ولد فجأة بعد فترة من البين والجفاء بين الطرفين؟
هل هي مجرد صدفة كانت خيرا من ألف ميعاد؟
أم أن الأمر يتعلق بسيناريو تم ترتيبه و إخراجه بإحكام؟
إذا انطلقنا من مسلمة أن كلام الرئيس الدوري للمنتدى كان عفويا ولم يجر التحضير له في الكواليس، وأن الارتياح الذي عبرت عنه الأغلبية في بيانها جاء هو الآخر ردا طبيعيا على تلك التصريحات، فهذا يعني أننا سنجد أنفسنا في الأخير أمام خلاصة مضجرة مفادها أن ما حدث كان كله صدفة، وبالتالي فإن الطرفين بحاجة إلى ضربة حظ أخرى، لكي يتقدما خطوة جديدة على مسار الحوار.
وأما إذا انطلقنا من المسلمة الأخرى التي تقول إنه في السياسة لا تحدث الأشياء عادة بالصدفة، وأن ما جرى خلال الأيام الماضية لم يكن "خروجا عن النص"، بل هو سيناريو محكم أعد بدقة ثم قام كل طرف بأداء دوره فيه بإتقان، فسيبدو الأمر أكثر منطقية، خاصة إذا ما أخذنا بعين الاعتبار توقيت فعل المنتدى وردة فعل الأغلبية.
ولكن من الذي دفع العربتين إلى الأمام؟
هل هم رسل المعاهدة الذين قرعوا باب القصر الرئاسي وأبواب أحزاب المنتدى أكثر من مرة خلال الفترة الماضية، وظلوا متمسكين بوساطتهم رغم قلة حظوظ نجاحها؟
أم هي حمائم المنتدى والأغلبية التي سمعنا عنها كثيرا، استطاعت في اللحظة الأخيرة أن تمد جسور التواصل بين الطرفين؟
أم أن الأمر يتعلق بجهات أخرى خارج دائرة الضوء؟
مهما يكن من أمر، فإن ما حدث لا يمكن أن يكون صدفة جميلة أو مجرد قوس فتحه المنتدى وأغلقته الأغلبية، فكل المؤشرات تشي بأن هذا السيناريو تم طبخه على نار هادئة في الحدائق الخلفية، بحيث يتنازل كل طرف للآخر ويتم تدوير الزوايا الحادة دون غالب أو مغلوب.
وتلك خطوة هامة على طريق بناء الثقة وإعادة القطار إلى السكة.