إن هذا السؤال وبعيدا عن النقشات السجالية، والمناورات السياسية والإلتواءات الطائفية والعنصرية، والنزعات القبلية. ليضع الإ نسان الطموح إزاء العديد من الجدليات والإشكاليات، ليس أقلها دلالة ومغزى جدلية المطلق والمحدد، وإشكالية الأصالة والمعاصرة. وإذاكان صحيحا أن دراسة حياة الأمم والشعوب تتأتى من خلال دراسة ظواهر الموسيقى وفنون الطبخ والتجميل والرقص. فإنه لايخفى على الكيس أن أغلبها محصلات وتقييدات اختزالية أحادية النظرة لاتفي بالمقصود. وعليه فلابد من اعتماد النظرة التحليلية التشخيصية التأملية الجادة. ذالك التاريخ هو علم الإنسان بالدرجة الأولى على حد تعبير المؤرخ الفرنسي المعاصر مارك ابلوخ في كتابه الصادر بتاريخ 1966. تمجيد التاريخ أو حرفه المؤرخ وهذه النظرة التحليلية التشخصية التأملية الجادة تستدعي مناالنظر في مايعمله الفكر في تصرفات البشر وسلوكياتهم ومواقفهم في الماضي والحاضر والمستقبل فتاريخنا والحالة هذه إنماهو تقلب الإنسان بين ظروفه ومصائره.
ولكن كيف السبيل إلى إدراك طبيعة هذه الظروف وتلكم المصائر كيف ?كيف يتسنى لنا استقصاء سائر جوانبها وأبعادها من حيث كونها حياة فكرية وثقافية وأخلاقية واقتصادية وسياسية ودينية وأبعادها الزمنية ?
لاشك أن هذا المستوى معقد وغامض وملتبس ولكن لكن الدرس المنهجي والتربوي الذي يتسنى لنااستخلاصه ومن هذا المستوى المعقد والمبهم والملتبس هو أن ماضي الكائن البشري يمكن أن يكون عاملا إجابيا يساعد المرأة على التحرر والتجاوز والإنعتاق كما يمكن أن يكون عاملا سلبيا يدفع بيه إلى الشلل والعجز والمرض إذ من هو الإنسان المريض حقيقة ?.
إن الإنسان المريض من وجهة نظر الطب النفسي هو ذالك الإنسان الذي يجهل ماضيه تماما وهل تختلف الأمم والشعوب عن الأفراد من حيث ارتباطها بماضها الذي هو حياتها وتقلباتها بين ظروفها ومصائرها . الواقع أن الأمم والشعوب مرتبطة بتاريخها وماضيها ذالك أن مشاكل التريخ والمجتمع
مشاكل معقدة وملتبسة ومبهمة وشائكة إلى حد كبير ولعل هذا ماحدا بالعديد من المفكرين والمؤرخين النقديين للعودة إلى دراسة تاريخ مجتمعاتهم وبلدانهم تخوفا من إحالة هذه المهمة للباحثين الأجانب فهذا المؤرخ المغربي عبد الله العروي يعبر عن هذا الهم
في مقدمة كتاب تاريخ المغرب العربي الكبير الصادر بباريس سنة 1970 وهو الكتاب الذي قدم في وجهة نظره كمثقف مغربي عضوي عن تاريخ وطنه وهذا أمر يستحق الجهد حتى وإن لم يكن عليه أن يختلف عن المؤرخين الأجانب إلا بتفسير بعض الوقائع والأحداث وهذا الهم المزدوج الذي عبر عنه الؤرخ عبد الله العري وهو خامرني شخصيا وحدا بي للعودة
إلى مدينة النعمة مسقط رأسي باحثا عن مخزونها المعرفي والحضاري وعطائها الفكري والثاقفي فهذه المدينة التى تأسست 1223 ه و1808 م قد احتضنت العديد من العلماء والأدباء
إذكر منهم عل سبيل المثال لاحصر.
بقلم الشريف الفقيه الدكتور. سيدنا عالي ولد مومن