شاعر عراقي؛ يعتبر من أبرز القمم الشعرية العربية في العصر الحديث، وصاحب قصائد بليغة وصوت جهوري. ترجمت أعماله الشعرية إلى عدة لغات، وفاز بجوائز عربية وعالمية. ومن أشهر أبيات شعره قوله:
تهب كل رياح الأرض عاصفة
والنخل لا تنحني إلا ذوائبه
المولد والنشأة
ولد في بغداد عام 1930 ثم انتقل مع عائلته وعمره ثلاث سنوات إلى محافظة ميسان، وفيها قضى طفولته وصباه المبكر متنقلا.
عاد إلى مسقط رأسه بغداد التي أكمل فيها دراسته الثانوية والجامعية. ثم أقام سنوات عديدة في عمان.
أنجب بنتا وثلاثة أولاد.
الدراسة والتكوين
تخرج عام 1952 من قسم اللغة العربية في دار المعلمين العالية (صارت لاحقا كلية التربية في جامعة بغداد).
الوظائف والمسؤوليات
اشتغل عبد الواحد في التدريس سنوات ثم عمل معاونا للعميد في أكاديمية الفنون الجميلة ببغداد.
في عام 1970 انتقل إلى وزارة الثقافة والإعلام فعمل سكرتيرا لتحرير مجلة "الأقلام" ثم رئيسا لتحريرها، فمديرا في المركز الفولكلوري. وعُين بعد ذلك مديرا لمعهد الدراسات الموسيقية٬ ثم صار عميدا لمعهد الوثائقيين العرب.
تقلد بعد ذلك مناصب عدة، فبعد إدارته للمكتبة الوطنية ببغداد عُين مديرا عاما لثقافة الأطفال فمستشارا ثقافيا لوزارة الثقافة والإعلام.
وخلال تجربته، شغل عضوية كل من اللجنة الوطنية العراقية للموسيقى واللجنة المركزية لتعضيد النشر، بالإضافة إلى هيئات عراقية أخرى. كما كان من المؤسسين الأوائل لاتحاد الأدباء في العراق.
التجربة الشعرية
يرى عبد الواحد -الذي شارك في معظم دورات المربد الشعري العراقي- أن الشعر يتجلى في كل شيء، وحتى المعاناة التي يشهدها بلده الذي مزقته الصراعات الطائفية "تجري شعرا"، وراهن على الشعر الذي رأى أنه "الحلم كله".
وصف النص الشعري- بأنه "حالة نفسية مستمرة أبدا لا تنقطع، غير أن أوضاعها متغيرة بين الحزن والفرح، وهي تبحث دائما عن إيقاع موسيقي تنسجم معه".
علاقته مع القصائد الشعرية فريدة، فهو يرى أن "الشعر حالة تعاش في اللحظة التي تفرق بين الإلهام ولحظة تسجيلها على ورق"، ووصف هذه العلاقة -في تصريح صحفي- بقوله: "كتبتُ بعض قصائدي على مخدّتي بسبب نقصان الورق في فترة من الفترات".
كتب عبد الرزاق عبد الواحد الشعر الحر لكنه كان يميل أكثر إلى كتابة القصيدة العمودية العربية بضوابطها. ومن قصائده "سلاما أيها الوطن الجريح"، "هي حرب صليبية يا محمد"، "نافورة العسل" و"في رحاب النجف الأشرف".
كان زميلا لرواد الشعر الحر بدر شاكر السياب ونازك الملائكة وشاذل طاقة عندما كانوا طلابا في دار المعلمين نهاية أربعينيات من القرن العشرين.
وعن تجربته خلال هذه الفترة قال في حوار مع الجزيرة نت "كنت واحدا من مجموعة الشعراء الشباب الأولى آنذاك، وهم السياب ورشيد ياسين وأكرم الوتري ومحمود البريكان وشاذل طاقة وبلند الحيدري، وكنا نلتقي في مقهى حسن عجمي ونتعاطى الشعر ونعقد جلسات نقد".
يحمل الشاعر -الذي يطلق عليه البعض لقب "المتنبي الأخير"- تاريخ وطنه ويرتبط بانتصاراته وكبواته، واستمد من نخيل العراق وآثار سومر وبابل كل صور الشعر الجميلة.
وعُد عبد الرزاق عبد الواحد من الشعراء البارزين زمن الرئيس العراقي السابق صدام حسين، ولقب بـ"شاعر القادسية" و"شاعر أم المعارك". وكتب عن الحرب العراقية الإيرانية خلال 1980-1988، وكذلك عن الحرب التي شُنت على العراق عام 1991، وما تلاها من حصار اقتصادي، وعن محنة العراق بعد الغزو الأميركي في عام 2003.
علق على الأوضاع التي يعيشها العراق بقوله "كل شبر في العراق الآن يجري شعرا..، أطفال العراق الآن في ‘هوساتهم‘ الشعبية ينضحون شعرا..، الفلوجة بصمودها الأسطوري هي شعر..، العراق الراهن جراح نازفة وقتل واغتصاب في سجون الحكومة الطائفية، ورعب وقبور لجثث مغدورين يطوف بها العراقيون دون أن يعرفوا هوياتهم..، هذا المشهد المروع لخصته في إحدى قصائدي: أيها الوطن الجريح".
القصائد والمؤلفات
نشر عبد الرزاق عبد الواحد أولى قصائده عام 1945، وبعدها بعشر سنوات أصدر أول مجموعة شعرية ثم توالت قصائده الشعرية. وصدرت له في المحصلة حوالي 42 مجموعة شعرية، منها عشر مجموعات شعرية للأطفال هي أعز شعره عليه، ومسرحيتان شعريتان.
تخطت قصائده العالم العربي، فقد تـُرجمت مجموعة منها بعنوان "قصائد مختارة" للغة الإنجليزية، كما ترجم للغة اليوغسلافية أربعة آلاف بيت من الشعر. وترجم المستشرق الفرنسي جاك بيرك مجموعة من قصائده والقسمين الأول والثاني من ملحمته "الصوت" إلى الفرنسية.
نشرت له مجموعة قصائد مختارة في هلسنكي بعد ترجمتها إلى الفنلندية، كما ترجمت قصائد أخرى إلى لغات أخرى كالروسية والرومانية والألمانية. وكانت قصائده المتميزة موضوع عدد من رسائل الماجستير والدكتوراه.
من قصائده "حشود من الحب والكبرياء" التي تحكي قصة الدبابات العراقية التي صدت الغزو الإسرائيلي عن دمشق في حرب أكتوبر/تشرين الأول 1973.
وبعد أكثر من أربعين مجموعة شعرية، لخص -في حوار مع الجزيرة نت- تجربته في قصيدة سماها "يا سيدي المتنبي" يقول فيها:
موكّـــلٌ بكَ لا سفــــحٌ ولا قــــــممُ
ولا فَــــــنارٌ فأستــــــهدي ولا علمُ
وحدي وصوتكَ يطويني وينشرُني
للريحِ والعــــصبُ المشدودُ والقلمُ"
الأوسمة والجوائز
تقلد عبد الواحد خلال مساره العديد من الأوسمة والدروع والجوائز، فقد حصل على وسام بوشكين في مهرجان الشعر العالمي ببطرسبرغ عام 1976. وفاز بجائزة صدام للآداب في دورتها الأولى ببغداد عام 1987.
حصل عام 1986 على ميدالية "القصيدة الذهبية" في مهرجان ستروكا الشعري العالمي في يوغسلافيا التي شهدت أيضا فوزه بالجائزة الأولى في مهرجان الشعر العالمي عام 1999.
وبمناسبة اختيار دمشق عاصمة للثقافة العربية عام 2008، كُرم عبد الواحد ومُنح درع دمشق، كما كرم في مناسبات وفعاليات ثقافية أخرى.
الوفاة
بعد مرض عضال، توفي عبد الرزاق عبد الواحد في 8 نوفمبر/تشرين الثاني 2015 في أحد مستشفيات العاصمة الفرنسيةباريس.
المصدر : الجزيرة,مواقع إلكترونية