بقلم عثمان جدو
في الوقت الذي ينعم فيه المجتمع الموريتاني وينتشي بالاحتفالات المخلدة لذكرى الاستقلال المجيدة في ظروف استثنائية لهذا العام ؛مقارنة بجيراننا الذين أنهكتهم الحروب الأهلية ،ولانفلات الأمني الرهيب ، والتضييق على الحريات وانتشار الثقافة المعادية للإسلام الشيء الذي وصل في بعض هذه البلدان إلى حد التصفيات الجسدية لمجموعات ومجموعات بفعل الصراع السياسي والتنافر الفكري وانتشار ثقافة الكره وتنامي ظاهرة الإرهاب وربطها شططا بالمسلم إلى جانب استباحة عرض المسالم ..بالرغم من ذلك كله تعيش بلادنا هذه الذكرى استثناء ؛ حيث إذاعة القرآن يصل صداها إلى كل مواطن في كل مكان وقناة المحظرة يشع نورها في أصقاع العالم هذا بالإضافة إلى المصحف الموريتاني الذي كان إلى عهد قريب مجرد ذكره حلم لا يخامر النائم العادي ..
لا يتسع المقام لذكر ما تحقق على كل الصعد ولا يتسع أيضا للنقد وتقديم الملاحظات حول النواقص التي تفرض نفسها بإلحاح ، وما عرضنا لهذه الأمثلة التي تعتبر غيضا من فيض إلا تبيانا لبعض الأمور التي يحاول بعض المغالطين بثها في الناس وزع الفتنة باسم الدين والدين من أفكارهم هذه وحميتهم الموجهة براء ، والقرآن في غنى عن انتصارهم الموجه والمتكلف والمغلوط بصرفه الحقائق تبعا للمزاج السياسي الذي عادة ما يلبس به الباطل ثوب الحق ليوصل به إلى مايراد ..!
لقد انتهج صاحب المقال المعنون ب ( الوزير الأول والحرب على القرآن ..رقصة ديك مذبوح ) نهج التدليس والتشويه حين أعاض نقاء المسلم السليم بخبث السياسي الماكر وتفنن في كيل التهم والنيل من الأعراض ؛إذ لم تسلم منه زوجة هذا الرجل التي عرف عنها أنها مسلمة مسالمة لم تؤذ أحد بلسانها ولا بيدها ..!
إن الكذب باسم الدين لا يقرب إلى الله عز وجل ولا يحقق الانتصار للقرآن ولا يخدم الدين ، فالإساءة في هذا النوع من التصرفات واضحة لا تحتاج إلى تبيان ، وما تأليب الناس وتعمد خلط الأمور من أجل الوصول إلى الهدف الحقيقي الذي لا يتجاوز الإساءة إلى شخص *الوزير الأول* يمينا أو يسارا؛ لأغراض سياسية بحتة، فكما هو معروف لم يتم إغلاق أي محظرة قرآنية على عموم التراب الوطني خلافا لما أذيع وتفاعل معه المتفاعلون عندما وظفه المغالطون ..
يجب علينا أن نفرق بين *المحظرة* وبين *المعهد* فالمحظرة الموريتانية بطبيعتها التي عرفها الجميع وألفها تدرس القرآن وعلومه وتعطي *الإجازة* بصورتها التقليدية المعهودة .. وهذه لم تغلق منها واحدة ولم يتعرض لها كائن من كان بل *الوزير* الذي تم التحامل عليه واستعذاب عرضه وإلصاق التهم جزافا به هو أكبر الراعين لهذه المحاظر في المناطق التي ذكرت في هذا الحدث " جكني والنعمة " وهو أكبر المساهمين ماليا في دعمها بشهادة المواطنين..
أما بخصوص *المعاهد* التي يحاول أصحاب هذه الكتابات الموجه للنيل من عرض الآخر خلطها ب *المحاظر* فهي تختلف عنها كثيرا، فهذه *المعاهد* لها طبيعة *نظامية* ولا ينبغي أن توجد أصلا دون تراخيص لأنها ببساطة تعطي{ إفادات علمية} وتقدم [شهادات] .. وتخيل معي أخي القارئ لو أن الباب في هذا المجال فتح على مصراعية أمام كل من هب ودب دون تنظيم ولا تبعية إدارية .. طبعا ستوزع الشهادات حسب النزوات وستنفذ الأجندات وستغير الأفكار حسب الإملاءات وقد تنحرف العقيدة بفعل طاري الفكر والتمذهبات ..
علينا جميعا أن نكون أكثر وضوح وأكثر صراحة وعلينا أن نبتعد عن المغالطات وتزييف الحقائق فالمحظرة محظرة ولها طبيعتها وتوجهها وخصوصيتها العلمية والتراثية والمعهد معهد وله طبيعته وخصوصيته التي تلزمه بالتبعية الإدارية للجهات الوصية والاعتماد على مناهج تتماشى مع التوجه العام للدولة المسير من طرف وزارات خصصت لهذا المجال ورصدت لها ميزانيات وكلفت بالتنفيذ والمتابعات ..وعلينا أن نتسامى عن إقحام الدين باسترخاصه وجعله وقود للخلافات السياسية ..
إلى متى يستخدم الدين لبوسا لتحقيق أهداف سياسية ؟
أي مصلحة ترجى من إذكاء الفتنة الفكرية وصرف الحقائق عن طبيعتها ؟
بأي ذنب تسب زوجة مسلمة مسالمة ..؟!
إلى متى نستعذب البهتان للنيل من شرف الإنسان ؟ إلى متى تغوينا السياسة وتدفع بنا إلى خلط الأمور والمتاجرة بأعز وأطهر وأطيب الأمور