فكرة  المطار تذكرني  بشبيهات توجد اليوم واقعا ملموسا يلامس شغاف قلب كل مواطن في هذالبلد ,فقبل سنوت معدودة لم يكن هذا البلد على ماحباه الله به من الثروات يتوفر على مستشفى للأمومة والطفولة ,وفجأة وبينما كانت أسرة واحدة لايتجاوز أفرادها عدد أصابع اليد تحتل أكبر عمارة حكومية في وسط المدينة , اصبحت نفس العمارة قبلة للآف من أطفالنا وأمهاتنا ,وبكلمة واحدة أصبحت موريتانيا لها مستشفى للأمومة والطفولة ولأول مرة في تاريخنا المعاصر , وكذلك وبعد إنفاقنا بل هدرنا لعشرات الملائين من العملات الصعبة وتشريد أبنائنا في الخارج اصبح لدينا مستشفى للأمرض السرطانية , واصبحت لدينا كلية للطب وللهندسة ومعاهد في مختلف التخصصات العلمية والفنية...وكذلك وبعد أن حرمنا من مكان مناسب للتدريس وعشنا لعقود ندرس داخل عنابر مأجورة كانت مخصصة لتخزين القمح , اصبحت لدينا جامعة بل مركب عملاق يضاهي جامعات العالم...

هناك فعل حضاري رائد وهناك تخطصط من عقل سليم يبحت عما ينفع الناس ويمكث في الأرض ,وقد آن لنا ونحن القادمون من أنشودة الكتاب ودار الكتاب وما أسخفها من قصة بهرت بها العقول أن نقبح القبيح ونحسن الحسن..ألسنا نحن من كان يعيش في أرض الله الواسعة التي منحنا مكدسين كقطيع من الحيوانات السائمة في أكواخ خاوية على عروشها ؟ وها نحن اليوم نملك الأرض ونعمرها على شكل أحياء راقية ؟ ألا يغزو التخطيط المنظم والتعمير كافة مدننا الداخلية ؟

لقد سقت كل هذه الأمثلة الملموسة لأخلص إلى حقيقة نعيشها اليوم وهي أن المطار الجديد ليس حالة استثنائية بل هو جزء من كل . فلربما يكون مايميزه من المعالم الحضارية التي عرفتها البلاد في السنوات الأخيرة أنه يبقى في نهاية المطاف فكرة رائعة تجسدت على أرض الواقع دون أن تأخذ من عائداتنا فلسا واحدا ,...ولا اعتقد أن هناك احدا مهما كان غزارة دموعه يمكن أن يذرفها على المطار القديم ,المطار المسخرة ,صدقوني ففي 15 أكتوبر سنة 2008 كنت أشارك في بيروت في مؤتمر لإتحاد وكالات الأنباء العربية وعلى هامش دعوة اقامتها لنا وزيرة الإعلام اللبنانية كنت أناقش مع مسؤول خليجي فرص الإستثمار في بلدي ,فاجئني صديقي الخليجي كيف نستثمر في بلد لايوجد فيه مطار دولي وسلطات أمنية؟ وتابع حديثه قائلا لدي أخ شقيق كان ينوي الإستثمارفي موريتانيا لكنه لما حل بالمطار فاجأه شكله وشكل معاملة سلطات الأمن بداخله وقد زار موريتانيا سنة 2003 فهل تغير الوضع عندكم ؟؟

وبما ان هذا الجواب بلغ في نفسي مابلغ من التأثير فقد عقدت العزم على تقوية العلاقات مع صديقي هذا وكنا دائما طيلة هذه السنوات على اتصال مستمر ولما انتهى المطارأهديت إليه صورة منه مرفوقة بالكثير من المعلومات حوله فكان جوابه كالتالي "إنني أتابع مايجري ياصديقي الوفي في آخرنقطة من وطننا وأقول لك صراحة أنا مندهش من التحولات الحضارية السريعة التي يعيشها بلدكم لقد وجدتم حاكما يستحقه الشناقطة الفضلاء " هذه شهادة أعتز بها لأنها تصدرمن رجل على مستوى عال من الثقافة والفكر والحضورفي صنع القرار في ذلك البلد الخليجي الذي يعتبر شريكا استراتيجيا لموريتانيا .ونظرا لرجاحة عقله ولغزارة معلوماته المتعلقة بحركة الطيران العالمي قال لي بهذه العبارة إن مطاركم الجديد سيكون بإذن الله محطة عالمية للطيران وسيشل الحركة في الكثير من مطارات الدول المجاورة........عندها تسىآلت ؛لماذا يعارض البعض منا مثل هذا المكسب الحضاري الكبير ؟؟؟؟