تنادت فعاليات المعارضة الموريتانية بأحزابها ونقاباتها لتظاهرة مقررة مساء غد الجمعة في العاصمة نواكشوط احتجاجا على تلكؤ رد الحكومة كتابيا على ممهدات المعارضة التي جرى التفاهم حولها خلال اللقاء الذي جرى مؤخرا بين الوزير الأمين العام للرئاسة والرئيس الدوري للمنتدى المعارض.
وأكد بيان استنفاري نشرته المعارضة أمس «أن تظاهرة الجمعة منظمة ضد الفساد والظلم والتسريح التعسفي والغلاء والاعتقال والخوف والأحادية».
وأكدت الأحزاب الرافضة للقاء مع الحكومة والمنشقة عن المنتدى المعارض رفضها المشاركة في هذه التظاهرة بقادتها لكنها، حسب مصدر قيادي فيها، «أمرت قواعدها بالمشاركة في هذا النشاط نكاية بالنظام».
وتضم مجموعة الرفض حزب تكتل القوى الديموقراطية بزعامة أحمد ولد داداه، وحزب التناوب الديموقراطي، وحزب طلائع التغيير.
وحسب ما يراه المراقبون فإن المعارضة الموجودة منذ أكثر من عام في سبات شتوي والتي تعاني من انقسام قاتل، تستغل في تنظيمها لهذا النشاط، أجواء التوتر الناجمة عن التظاهرات الطلابية المشتعلة منذ أسبوع احتجاجا على أزمة النقل من جهة، ومن جهة أخرى عن حالة الامتعاض العام إزاء الانفلات الأمني المتمثل في قتل سيدة داخل السوق الكبير وفي عمليات سطو واختطاف متعددة هنا وهناك.
وتجري الاستعدادات لهذه التظاهرة فيما تواصلت أمس الصدامات بين طلاب جامعة نواكشوط وشرطة مكافحة الشغب.
وقامت الشرطة أمس بتفريق جموع الطلاب المحتشدين في ساحة دوار الجامعة التي التأمت أعداد منهم فيها أمس أثناء ساعات الصباح الأولى، كما تولت بسياراتها المصفحة، تأمين باصات الجامعة ملقية القبض على اثنين من الطلاب الذين واجهوها بشعارات نابية.
وردد الطلاب المتظاهرون أمس شعارات تخص مطالبهم وفي مقدمتها حل أزمة النقل وتحسين مركز الخدمات الجامعية. ويركز الطلاب على عرقلة باصات الجامعة التي يرون أن عددها قليل مقارنة مع أعداد الطلاب.
ونفى خطيب من الطلاب المتظاهرين خلال حشد نظم أمس أمام الجامعة ما تسعى له «الحكومة، حسب قوله، من تحميل مسؤولية التوتر لبعض الأطراف السياسية المحلية».
وأكد «أن الطلاب سيستمرون في حراكهم الرافض للطريقة التي تعاملت بها الحكومة مع مأساتهم»، مشددا على «أنهم لن يتوقفوا ما لم تجد الأزمة حلا حقيقيا».
وقال: «نرفض مماطلة وزارة التعليم العالي، وندعو لإيجاد حلول جوهرية وسريعة لمشكل المطعم والنقل من وإلى المركب الجامعي الجديد، حتى يتمكن الطلبة من الدراسة في ظروف ملائمة ومحترمة».
وتساهم التظاهرات الطلابية المتزامنة مع انتفاضة المعارضة المحتجة على ما تعتقد أنه «فشل نظام الرئيس محمد ولد عبد العزيز»، في إلهاب المشهد السياسي الموريتاني.
وأكدت صحيفة الأخبار إنفو الأسبوعية في تحليل لها أمس «أن المشهد السياسي الموريتاني غارق خلال الظرفية الحالية في الارتباك»، متحدثة «عن مخاض يعرفه هذا المشهد، رأت أن أبرز ملامحه انقسام منتدى المعارضة، وتصدع المعاهدة من أجل التناوب السلمي، وتحيز تكتل القوى الديمقراطية، ووجود مؤسسات ديمقراطية خارج الفعل السياسي، إضافة لحيرة الأغلبية، وتيه الشباب الموريتاني».
وأكدت الصحيفة «أن المشهد السياسي الموريتاني، مر قبل وصوله لمرحلته الحالية بمحطات عديدة، فشلت خلالها محاولات رأب صدعه، أو إعادة لحمته، أو حتى بناء علاقات أطرافه على أسس واضحة، وكان «الحوار» وإخراج البلد من وضع التأزم السياسي عنوان العديد من هذه المحاولات، حيث كانت محاولاته تتصاعد مع اقتراب السباق الانتخابي، قبل أن تنتكس قبيله بوقت وجيز، ليعود الحديث عنها مجددا، بعيد نهاية الاستحقاق الانتخابي نفسه».
ووصفت الصحيفة المشهد على ضفة المعارضة بأنه «يمتاز بالانقسام المتعدد داخل الكتل المعارضة، بل وحتى داخل الحزب المعارض الواحد»، معتبرة أنه «يتسم على ضفة الموالاة بارتباك الخطى بين سير الأغلبية وحدها، أو محاولة جر بعض الأحزاب المعارضة للتحاور معها، فضلا عن تنظيم بعض الأنشطة التشاورية بهدف «إطلاق الحوار بمن حضر» قبل أن يتم التراجع والعودة لنقطة البداية، كما لم يغب الصراع الداخلي بين الأقطاب عن مشهد الموالاة، وخصوصا داخل الدائرة القريبة من الرئيس الموريتاني محمد ولد عبد العزيز».
عبد الله مولود