موريتانيا: حرب بين الحكومة و«الإخوان» حول إغلاق معاهد القرآن

أربعاء, 2015-12-30 14:50

«مجلس الشورى» انتقد النظام وأحاديث عن وجود حزبهم في مختبر الحل

 

 عاد إلى الواجهة أمس، التناقض المزمن القائم منذ فترة بين نظام الرئيس الموريتاني محمد ولد عبد العزيز وحزب إخوان موريتانيا المنضوين في حزب التجمع «تواصل». ذلك ما أكدته انتقادات لاذعة وجهها مجلس شورى حزب التجمع للنظام الحاكم في موريتانيا.
وتزامنت انتقادات شورى التجمع مع تسريبات تحدثت عن حرب مستعرة بين النظام الحاكم في موريتانيا وجماعة الإخوان حول المعاهد القرآنية التي أغلقتها الحكومة لعدم حصول مسيريها على تراخيص رسمية. واستنكر مجلس شورى حزب التجمع بشدة في بيان لدورته العادية الخامسة «إغلاق بعض المحاظر والمعاهد القرآنية». وأكد في بيان تلقت «القدس العربي» نسخة منه «أن إغلاق هذه المعاهد، تصرف مرفوض يستفز الشعب الموريتاني المسلم»، داعيا إلى «التراجع الفوري عنه، والوقوف في وجه سياسات الإقصاء والتهميش والدفاع عن هوية هذا الشعب ورفض المساس بقيمه وثوابته».
وطالب المجلس «الحكومة باتخاذ إجراءات سريعة لحماية القوة الشرائية للمواطن الموريتاني والحد من الارتفاع المذهل في الأسعار وبخاصة أسعار البنزين التي بقيت على حالها رغم انخفاض أسعاره عالمياً بقرابة الثلثين».
وندد المجلس «بانتشار البطالة في صفوف الشباب وعدم وجود مشاريع جادة تستهدف العمود الفقري للمجتمع»، معبرا «عن انشغاله البالغ بالوضعية المأساوية التي يعيشها طلاب المركب الجامعي وانعدام الظروف المناسبة لدراسة جامعية ملائمة».
وندد» باستمرار معاناة المواطنين وانعدام الأمن في ظل انتشار الجريمة الذي أدى إلى أن يتعايش الموريتانيون مع الخوف على الأرواح والممتلكات حيث أضحى سكان نواكشوط، يضيف المجلس، يطاردهم شبح الجريمة المنظمة في الأعراض والبيوت والأحياء والأسواق».
وجدد المجلس «التأكيد على موقف الحزب الثابت من الحوار بين الحكومة والمعارضة باعتباره الأسلوب الأمثل لإخراج البلاد من الأزمة السياسية التي تعيشها على أن يكون حواراً جاداً وشاملاً». وعبر «عن تمسكه بمواقف المنتدى الوطني للديمقراطية والوحدة في هذا المجال».
وتزامنت دورة مجلس شورى حزب التجمع مع أحاديث عن حرب مستعرة بين الحكومة والإخوان حول مواضيع عدة بينها إغلاق عدد من المدارس والمعاهد الدينية والقرآنية التي يؤطرها فقهاء وعلماء محسوبون على جماعة الإخوان.
وسربت إشاعات كثيرة عبر المواقع الإخبارية المقربة من الحكومة وعبر تدوينات لمقربين منها، حول تفكير الحكومة في حل حزب التجمع الوطني بسبب شعبيته القوية المزعجة للنظام، وبسبب ضغوط تمارسها دول خليجية نابذة للإخوان.
وتحدث موقع «نوافذ» الاستقصائي المستقل أمس عما سماها «حرباً لا هوادة فيها تدور فيها هذه الأيام بين الحكومة الموريتانية وحزب «تواصل» ذي التوجهات الإسلامية، حرباً سلاحها المحاظر والفقهاء والزكاة». وأكد الموقع نقلاً عن مصادر مطلعة «أن الحكومة الموريتانية ماضية في قرارها تجفيف منابع حزب «تواصل»، ومعرفة موارده المالية وهو توجه تقول الحكومة إنه عربي وإسلامي فضلاً عن كونه عالمياً».
ويضيف الموقع أنه «وفي الطريق إلى الهدف المنشود، اتخذت الحكومة من وزارة الشؤون الإسلامية درعاً وقائياً من هجمات «تواصل» ، وكلفتها بالمهمة الصعبة التي لا يستبعد مراقبون أن تصل في بعض مراحلها إلى حظر الحزب، إذا لم تستطع جهود التجفيف المساهمة في انحسار مده الشعبي».
وتحدث «نوافذ» عن جهود بذلتها الحكومة الموريتانية على مستوى دول الخليج لتجفيف منابع إخوان موريتانيا. فأكد «أن الحكومة الموريتانية حظرت تحويل أموال الزكاة من الدول الإسلامية وبخاصة دول الخليج إلى موريتانيا بحجة توزيعها على مستحقيها، ورأت أن أي تحويلات من هذا النوع يجب أن تأتي بصفة رسمية تكون وزارة الشؤون الإسلامية في موريتانيا، عنوانها». وذكر «أن زير الشؤون الإسلامية الموريتاني حث في جولة أخيرة له دول الخليج على الالتزام بهذا القرار وبقرار آخر مواز له يحظر أيضا اكتتاب القضاة والأئمة الموريتانيين بطرق غير رسمية، حيث ترى الحكومة الموريتانية أن المكتتبين خارج نطاق رسمي كثيرا ما يستخدمون علاقاتهم الشخصية لجمع التبرعات لخدمة أجندات أيديولوجية».
وتوقف موقع «نوافذ» في معلوماته التي نشرها عن هذه القضية عند قرار آخر اتخذته الحكومة يقضي، حسب «نوافذ» بحظر الحديث في وسائل الإعلام الرسمية على خمسة وأربعين عالماً تتهمهم الحكومة بخدمة أجندات حزب «تواصل»، وهو القرار الذي أصدر به وزير الشؤون الإسلامية مذكرة خاصة سلمت لوزير الاتصال وإدارات المؤسسات المعنية».
ولم يتوقف الأمر عند إيقاف التعاون مع عدد كبير من الفقهاء المحسوبين على حزب «تواصل» الإخواني بل تجاوزه، حسب موقع «نوافذ» إلى قرار آخر يقضي بإغلاق نحو 200 محظرة ومعهد إسلامي، تتهمها الدولة بنشر آيديولوجية «تواصل»، وخدمة أجنداته، وقد شرعت الدولة بالفعل في إغلاق بعض هذه المؤسسات وهي في طريقها إلى إغلاق البقية».
وتحدث موقع «نوافذ» في معلوماته التي يبدو أن مصدرها شبه رسمي، عن تزامن هذه الإجراءات مع أزمة قيادة يمر بها حاليا حزب «تواصل» فأوضح «أنه في ظل قرب انتهاء مأمورية رئيس الحزب الحالي جميل ولد منصور لم يظهر في الأفق خليفة مناسب للرجل الذي عرف بدهائه السياسي وكاريزماه القيادية».
وأكد الموقع أن أزمة القيادة هذه التي يتعرض لها «تواصل» ازدادت حدتها مع تعالي الأصوات في الحزب المعارض الشاجبة لسلوك قياديين فيه متهمين بمهادنة السلطة بل والتحالف معها في الخفاء، رغم تصريحاتهم النارية في العلن».
يذكر أن حركة الإخوان المسلمين دخلت إلى موريتانيا منتصف سبعينيات القرن الماضي على يد طلاب درسوا في مصر وفي السعودية. والتزم تنظيم الإخوان في موريتانيا العمل السري منذ 1975 إلى 1991 حيث خرج نشطاؤه للعلن مع بدء دخول نظام الرئيس الأسبق معاوية ولد الطايع في تعددية سياسية وخروجه من النظام العسكري.
وحاول الإخوان عام 1994، تأسيس حزب سياسي سموه «حزب الأمة» غير أن نظام العقيد ولد الطايع وقف دون ذلك فاضطر الإخوان لممارسة العمل السياسي من داخل الأحزاب المعترف بها. ثم أسسوا عام 2001 مجموعة الإصلاحيين الوسطيين التي قدمت نفسها للرأي العام على أنها «مجموعة معتدلة في فكرها وسطية في رؤاها بعيدة عن العنف مؤمنة بالديموقراطية»، ولم يشفع كل ذلك لها.
وجددت الجماعة مساعي الحصول على الاعتراف بحزبها بعد سقوط نظام ولد الطايع في انقلاب عام 2005، غير أن المجلس العسكري الذي حكم بعده رفض ذلك. لكنها حصلت في عام 2007 وفي ظل حكم الرئيس الأسبق سيدي ولد الشيخ عبد الله على الاعتراف السياسي بحزبها حزب التجمع الوطني للإصلاح والتنمية.
وحقق هذا الحزب قفزات نوعية في التمدد على الساحة الموريتانية كما أثبت ذلك مؤتمره الثاني انعقد عام 2012، وكما أكدته نتائج الانتخابات البلدية والنيابية التي نظمت أواخر السنة الماضية التي حصل فيها على ستة عشر مقعداً نيابياً محتلاً موقع أولى كتلة معارضة في البرلمان.
ومرت علاقات حزب التجمع الناشط في منتدى المعارضة بالنظام الموريتاني بحالات مد وجزر، حيث سبق للحكومة أن أغلقت جمعية المستقبل الذراع العلمية والمالية للجماعة، كما أن العلاقات القوية بين موريتانيا ودولة الإمارات المعادية للإخوان، تجعل وضعية إخوان موريتانيا معرضة لكل احتمال.

عبد الله مولود نواكشوط ـ «القدس العربي»