كيف فر السجين 470 من أكثر السجون مراقبة بنواكشوط؟

أربعاء, 2016-01-06 16:50

كان من المقرر أن تأتيه زوجته في موعد "الخلوة الشرعية" عند الساعة الحادية عشرة وخمسة وأربعون دقيقة 45 :11H ..لكنها لم تأتي؟

الساعة تشير إلى الثانية عشرة توقيت ازدحام الزيارات المعتادة التي تبدء عادة من التاسعة صباحا حتى نهاية الدوام..

تخلفت زوجة الشيخ ولد السالك عن حضورها في التوقيت المعتاد للزيارة..   وهي التي لم تتخلف عن زيارته من يوم زواجها السجين المحكوم عليه بالإعدام قبل عامين ونصف فهل طلب منها ذلك دون علمها المسبق بتخطيطه لأمر ما؟

كان ولد السالك قد  تسلم مفاتيح غرفة الخلوة الشرعية انتظارا لزيارة زوجته، وقد  استبدل ملابسه في الغرفة المخصصة للزيارة العائلية بملابس سيدة.

المؤشرات التي سبقت ذلك تفيد جميعها بأنه كان يخطط لأن يخرج في زي امرأة، ولم يفكر في حفر خنادق تحت أسوار السجن كما فعل سجناء سابقون، حيث قام بحلق شعر رأسه حلاقة غير عادية تفاجأ منها الشرطي المسجون الذي يمارس وظيفة حلاق السجناء، حيث طلب منه " حلاقة شبابية تعرف ب "صولدا" .

تسامح السالك  صاحب الملف رقم 470/2011 في بعض الديون التي كان يطالب بها زملاء له في السجن، و دفع  بعض المطالبات ما يعني بأنه خطط حدد ساعة الصفر 31/12/2015.

 ويبدوا كذلك بأنه  حصل على مساعدة خارجية تؤمن له تنفيذ الجزء التالي من عملية الهروب .

حدد السالك بدقة مسار الهروب، الذي يبدء من غرف الزيارة التي تتوفر على منفذين، أولهما في الواجهة وهو المخصص للدخول وموالي لغرفة فرقة الحرس المشرفة علي الزيارة، لكنه خرج من الباب الخلفي المواجه لمطبخ السجن و بينهما زقاق ضيق ينتهي بالعنبر رقم 8.

يقيم في ذلك العنبر بعض المحاسبين العموميين رفقة مرشح الرئاسيات السابق بيرام ولد اعبيد، ويتميز هذا العنبر ـ الذي يسمى في السجن بجناح الخمسة نجوم ـ  بدخول الزيارات حتى غرف السجناء.

راقب ولد السالك زوار هذا العنبر حتى ساعة خروجهم وانضم لهم بعد ان كان قد خرج من الباب الخلفي وهو  يرتدي ملابس نسائية ونظارات شمسية مستفيدا من كثرة الزوار واختلاط السجناء وقلة الرقابة ، وهو ما تؤكد تسجيلات كمرات المراقبة الموجودة في السجن.

كان السجين الفار قد  لوحظ قبل الهروب مقنعا بلثام  وحواجبه مطلية بصباغة سوداء كما قام ب"تصفير" لحيته في تقليد غير اعتيادي، ودأب على ممارسة تمارين رياضية بشكل مكثف خلال الأشهر الأخيرة.

كل شيء في السجن يجرى على ما يرام، لم يكن أكثر المتشائمين يفكر في هروب سجين بهذا الحجم، أحد أخطر المطلوبين خارج قبضة العدالة.

يقال بأن جهات مخابراتية علمت بالأمر قبل إدارة السجن، وهو ما دل عليه صدور أوامر بحصر السجناء بشكل استعجالي ليفاجئ الجميع بخلو غرفة ولد السالك سوى من راية لتنظيم القاعدة وجملة خالد أبو العباس أمير كتيبة الموقعين بالدماء المتهمة بقتل جنود موريتانيين في لمغطي وغيرها.

 كان خبرا صادما لأجهزة الدولة بكافة مستوياتها القضائية والتنفيذية التي لا تستبعد أية فرضة بما فيها التواطئ، أو الإهمال من خلال التحقيق الموسع الذي يجريه الحرس حول الحادثة، والذي طال عدة شخصيات مسؤولة عن تأمين المؤسسة السجنية.

 

 

أدوار آخرى

لعب السجين الفار والانتحاري المفترض ـ الذي القي القبض عليه رفقة مجموعة انتحاريين كانت تستهدف مراكز حساسة في العاصمة نواكشوط في 2011 ـ  دورا بارزا في تذكية النزعات المتطرفة لدى عدد من سجناء التيار داخل السجن المركزي

وكانت قوة من كتيبة الامن الرئاسي قد فاجئت فرقة الانتحاريين و قامت بتدمير إحدى مركباتهم وتوقيف سيارة اخرى مع ركابها وهي تحمل كميات كبيرة من المتفجرات.

كما اصبح جناحه من "السلفية" حجر عثرة في وجه المؤمنين بالحوار مع الفقهاء، والمتراجعين عن الفكر التكفيري وهم الغالبية بين سجناء التيار داخل السجن المركزي بنواكشوط.

دأب الجناح المناوئ الذي قاده ولد السالك على تكفير تلك المجموعة ووصفهم بالمنبطحين، كما ربط ولد السالك علاقات ممتازة ببعض السجناء "القصارين" وكان يقدم لهم بعض الهدايا، وفي الجانب الموالي كان  المعتدلون يحصلون على مبالغ من جمعيات تدعم السجناء خاصة المتزوجين وبصفة عامة على سجناء التيار.

ورغم ان الأمر يبقى فرضية غير مؤكدة إلى أن ما يتفق عليه السجناء هو عدم إدخال محرمات بالزيارة حتى لا يكون لذلك ضرر على زيارة السجناء و أن لا يقحموا الأهالي بقضاياهم الداخلية، حيث كانت محاولة السجين سيدي ولد سيدنا إدخال هاتف عن طريق أحد الزوار في 2010 ماثلة أمامهم.

وقبلها حادثة هروب ولد سيدنا التي ساهم فيها شقيقه المتوفى الشيخاني ولد سيدنا الذي فارق الحياة داخل السجن في إبريل من سنة 2008.

المصدر الحرية نت