عبد الباري عطوان/دمشق شكلت وفدها المفاوض وجلست تتفرج باستمتاع على “حرب القوائم” الدائرة بين معارضيها

رسالة الخطأ

Deprecated function: preg_match(): Passing null to parameter #2 ($subject) of type string is deprecated in rename_admin_paths_url_outbound_alter() (line 82 of /home/amicinf1/public_html/sites/all/modules/rename_admin_paths/rename_admin_paths.module).
سبت, 2016-01-23 01:42

.. لماذا يتهم ديمستورا السعودية بعرقلة المفاوضات؟ ولماذا يتم استبعاد الاكراد؟ وهل هناك اي فائدة من صيغة “جنيف الجديدة”؟

 

 

تتفاقم الخلافات بين فصائل المعارضة السورية حول تركيبة الوفد المفاوض بسبب تعدد المرجعيات الدولية والاقليمية التي تقف خلفها، الامر الذي لا يرجح تأجيل انعقاد الجلسة الاولى من الحوار المقررة في جنيف الاثنين المقبل فقط، وانما نسف هذا الحوار قبل ان يبدأ، في تكرار لصيغة جنيف الاولى.

الحكومة السورية لم تجد اي صعوبة في تشكيل وفدها، وهذا متوقع، وكان لافتا اختيارها السيد بشار الجعفري رئيسا للوفد، الذي يعتبر احد الصقور، وتكليف السيد فيصل مقداد نائب وزير الخارجية، وهو من “الحمائم”، مشرفا عاما، الامر الذي يعتبر تخفيضا لمستوى الوفد، بالمقارنة مع الجولة الثانية من مفاوضات مؤتمر جنيف التي رأس الوفد السوري فيها السيد وليد المعلم وزير الخارجية، مما يعكس تراجع حجم آمالها واهتماماتها، وربما نواياها تجاه هذه الجولة من المفاوضات التي جاءت تطبيقا لخريطة طريق اعتمدت بقرار مجلس الامن الدولي رقم 2254.

 

***

 

“الحكومة الموازية” التي يرأسها السيد رياض حجاب رئيس الوزراء المنشق، وتدعمها، وتستضيف مقرها، المملكة العربية السعودية في عاصمتها الرياض، اعلنت عن وفدها برئاسة العسكري اسعد الزعبي، واختارت عسكري آخر هو محمد علوش، وريث الراحل زهران علوش، زعيم “جيش الاسلام”، كبيرا للمفاوضين، وكان اول قرار اتخذته هذه “الحكومة” التهديد بمقاطعة المفاوضات في حالة اضافة اي عضو الى الوفد المفاوض، فأما قبوله كما هو، والاعتراف بشرعيته، او لا مشاركة، وهذا الموقف يتعارض كليا في نظر الكثيرين، مع صيغ التعايش الديمقراطي التي من المفترض انها من ابرز مبادىء المعارضة وقيمها.

هذا الموقف المتصلب دفع ستيفان ديمستورا المبعوث الاممي المسؤول عن الملف السوري الى الخروج عن طوره الدبلوماسي، واتهام السعودية بعرقلة مفاوضات جنيف، وروسيا الى الرد بإقتراح مشاركة وفدين يمثلان المعارضة السورية، واحد يمثل معارضة الرياض، والثاني المعارضات الاخرى، التي ابعدت او قاطعت مؤتمر الرياض، وهناك اقتراح بتكليف المبعوث الدولي ديمستورا بتشكيل وفد مناصفة برئاسة مشتركة، كمخرج من هذه الازمة، انطلاقا من مقولة “ان آخر العلاج الكي”.

وفد الرياض المفاوض يعترض، وبدعم من تركيا وقطر، على مشاركة حزب الاتحاد الديمقراطي الكردي الذي يرأسه السيد صالح مسلم، بحجة انه مقرب من النظام، ويضع “فيتو” على اي وجود للسيد قدري جميل من معارضة الداخل للسبب نفسه ولقربه من موسكو، ولا يريد هيثم مناع، رئيس تيار “قمح”، رغم انه دعي لمؤتمر الرياض واختار المقاطعة لاعتراضه على مشاركة منظمات ارهابية نسفك دماء الشعب السوري، اي انه (مؤتمر الرياض) يعتبر نفسه هو الذي يقرر من هو معارض شرعي، ومن هو غير شرعي، ومن يجب ان يشارك في مفاوضات جنيف او يستبعد منها.

الروس ومعهم الحكومة السورية والسيد مناع يقولون بدورهم انهم لا يقبلون وجود “مجرمي حرب” مثل السيد محمد علوش، في اي وفد مفاوض، لان جيش الاسلام الذي ينتمي اليه مارس اعمال القتل والقصف للشعب السوري، بينما تعترض هيئة التنسيق الممثلة في الوفد المفاوض المدعوم سعوديا على تعيين رئيس الوفد وكبير المفاوضين من المعارضة المسلحة.. متاهة ما بعدها متاهة.. وخلافات لها اول وليس لها آخر.

وهناك جبهة معارضة اقوى من الجميع لوجودها بقوة على الارض تتمثل في “جبهة النصرة”، وزعيمها ابو محمد الجولاني، الفرع الرسمي لتنظيم “القاعدة” في سورية، الذي وصف جميع المشاركين في مؤتمر المعارضة في الرياض بـ”الخونة”، وهدد بتصفيتهم، اما “الدولة الاسلامية” التي تسيطر على ثلث سورية، ان لم يكن اكثر، فقد تجاهلت الامر برمته، وكأن ما يجري لا يعنيها، ولا يستحق اي بيان ادانة او تخوين، ولعلها تعطي الاولوية لـ”تمددها” في ليبيا، ومحاولة الاستيلاء على “هلالها” النفطي في راس لانوف والبريقة والزويتينية.

مؤتمر جنيف سواء عقد في موعده او تأخر يومين او ثلاثة، او حتى شهر، ما هو الا محاولة من القوى العظمى لكسب الوقت، واشغال الاطراف السورية، اي مثل “خض الماء” او طحن الحصى”، لان هناك اتفاقا بين جميع الاطراف الاقليمية والدولية بأن الحل السياسي ما زال بعيدا، وان المسألة الاساسية هي كيفية ادارة الازمة السورية، وليس حلها.

المفارقة الغريبة ان مطالبات بعض فصائل المعارضة السورية السائدة طوال السنوات الخمس الماضية، والقوى الداعمة لها، في وضع “فيتو” على بقاء الرئيس بشار الاسد، تحولت الى “فيتو” على مشاركة هذا المعارض او ذاك، في مفاوضات مع حكومة هذا الرئيس، والوفد الذي يمثله.

 

***

 

اي طرف كان يتحدث، او يلمح الى “التفاوض” مع النظام السوري ورئيسه كان يعتبر خائنا يجب محاكمته، واصدار عقوبة الاعدام في حقه، الآن تغيرت المطالب والاولويات، وتغيرت الادبيات والمواقف، حسب املاءات الاطراف الداعمة، امريكية كانت او روسية وسبحان مغير الاحوال، وباتت فصائل وجبهات وشخصيات سورية تتنافس فيما بينها على عضوية الوفد المفاوض مع هذا النظام، وسبحان مغير الاحوال.

معظم الاطراف، او جميعها، تؤكد ان الحل السياسي هو المخرج الوحيد للازمة السورية، بينما تتبنى معظمها، او كلها، الحل العسكري الذي سيحدد الخرائط على الارض التي ستتبلور حدودها بعد تبدد غبار المواجهات في نهاية المطاف.

صمت السيد عادل الجبير هذه الايام، وعدم تكرار جملته الموسيقية الاثيرة الى قلبه “بأن الاسد يجب ان يرحل سلما او حربا” توحي بالكثير.