الحرب الداخلية للعالم الإسلامي وتجار الأسلحة

رسالة الخطأ

Deprecated function: preg_match(): Passing null to parameter #2 ($subject) of type string is deprecated in rename_admin_paths_url_outbound_alter() (line 82 of /home/amicinf1/public_html/sites/all/modules/rename_admin_paths/rename_admin_paths.module).
سبت, 2016-01-23 18:12

جوكهان باجيك|

إذا ألقينا نظرة فاحصة اليوم على منطقة الشرق الأوسط من الناحية الفنية على الأقل فيمكننا القول بأن العالم الإسلامي يموج بحرب أهلية.

إن دأب المسلمين على قتل بعضهم بعضًا يولِّد استخدام الأسلحة بأعداد كبيرة في مناطق الاشتباكات لهذه الحرب الأهلية مثل اليمن وسوريا والعراق. وبطبيعة الحال فعندما تتوق نفوس كل هذا الكم من المسلمين لقتل بعضهم البعض حينها تغدو الحرب الأهلية للإسلام "مجال فرصة" بالنسبة لتجار الأسلحة وشركات إنتاج السلاح.

وأظهرت حسابات مختلفة أن دول الشرق الأوسط أنفقت عام 2015 نحو 18 مليار دولار لشراء الأسلحة. ولا شك في أن إنفاق المسلمين كل هذا الكم الكبير من الأموال لقتل بعضهم البعض في منطقة الشرق الأوسط التي لم يجد فيها بعض الناس الماء ولم يحصلوا على تعليم سليم وعلت فيها أصوات المشكلات الاقتصادية لهو موقف صادم بالطبع.

وإن دولًا مثل السعودية والعراق وإيران والجزائر والإمارات تكاد تكون تحطم الأرقام القياسية في سباق شراء الأسلحة. على سبيل المثال؛ تبيع فرنسا الطائرات الحربية التي تصنعها بنفسها للإمارات، ويتم بيع الأسلحة الروسية المتطورة للمنطقة برمتها من العراق إلى إيران.

ولا شك في أن السعودية تأتي على قمة سباق الرقم القياسي هذا. فمثلا تداولت الصحف أخبارا حول قيام هذه الدولة التي دار الحديث عن دخولها في أزمة حرجة بسبب انخفاض أسعار النفط بتوقيع اتفاقية شراء أسلحة الأسبوع الماضي بقيمة 10 مليارات دولار مع روسيا.

وبحسب الخبر ترغب السعودية في شراء أسلحة بأعداد كبيرة من طراز (İskender-E) بداخله صناعات روسية.

لاتوجد أية نظرية سياسية لتفسير النشاط والرغبة التي أبدتها السعودية في موضوع صفقة الأسلحة. ومن الواضح أن النخبة السعودية تفكر في أن خطرًا كبيرًا قاب قوسين أو أدنى.

وفي حقيقة الأمر بسطت الدول الغربية بصفة عامة، وحلف شمال الأطلسي "الناتو" بصفة خاصة نفوذها على سوق الأسلحة في الشرق الأوسط. غير أن روسيا تزيد تأثيرا في الفترة الأخيرة. كما أن شركة (Almaz-Antey) إحدى أكبر مصنعي الأسلحة في روسيا التي تملك مئات آلاف العاملين تبدي اهتمامًا كبيرًا بسوق الشرق الأوسط على وجه الخصوص.

 

ونعرف أن الدول الأوروبية باعت في عام 2012 عقب اندلاع الثورات العربية أسلحة بقيمة 9.8 مليار دولار في المنطقة، وازداد هذا الرقم بنسبة 22 في المئة مقارنة بعام 2011. وإذا ما أردنا أن نكتب بـ "نكهة نظرية المؤامرة" قليلًا نجد أن إجمالي صفقات الأسلحة التي باعتها الدول الأوروبية للسعودية في عام 2010 فقط بلغ 3.3 مليار دولار. ولهذا السبب يقول بعضهم "لقد باعوا الأسلحة أولا والآن يجعلونهم يستخدمونها".

لقد أُسِّست العلاقات الدولية على مبادئ لا هوادة فيها. ولهذا فإن أحدًا لا يستغرب من صفقات البيع والشراء.

لكن ثمة نقاط هنا غريبة ومثيرة للانتباه: أولها؛ أن المسلمين يشترون الأسلحة من الغرب الذين ينتقدونهم ليل نهار ثم يقتلون بعضهم بعضًا بهذه الأسلحة. أما الأمر الدرامي فهو أن مجموعة من المسلمين الذين يسأمون قتل المسلمين بعضهم البعض يحاولون الاحتماء بالدول الغربية كلاجئين.

وأظهرت نتيجة إحصائيات أنه إذا كنتم تعيشون في دولة مسلمة فهناك احتمال قتلكم على يد مسلم آخر للأسف الشديد. أما إذا بقيتم أصلًا على قيد الحياة فهذا يعني أنكم على الأرجح رضيتم بالعيش موصومين باتهامات من قبيل "الخائن" و"العميل لإسرائيل".

وأود هنا أن أختم مقال السياسة الواقعية الخانق هذا بموضوع يخص علم تفسير القرآن: يرى القرآن الكريم أن أعظم الشر الذي يمكن أن يرتكبه الناس ضد آخرين هو "القتل"، ولذا يقول القرآن "مَنْ قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا" (المائدة: 32)

والآن تخيلوا أن المسلمين الذين يؤمنون بكتاب مقدس (مثل القرآن الكريم) يتضمن هذا الحكم الشديد قد تمادوا في قتل بعضهم بعضًا لدرجة أنهم غدوا العملاء الدائمين الرئيسيين لمصنعي الأسلحة الغربيين.

وهنا يحق لنا أن نتعجب من أمر المسلمين الذين يطلقون حملة "ختم القرآن 10 آلاف مرة، شارك معنا واختمه مرة" في الإنترنت.

ومن حقنا أن نتساءل؛ هل المشكلة تكمن في تجار الأسلحة أم في المسلمين الذين يقرأون القرآن آلاف المرات دون أن يفهموه أو يصغوا إليه؟