لاجئون سوريون.. متجهون إلى أوروبا وتتقاذفهم فيافي موريتانيا ومالي

ثلاثاء, 2016-01-26 16:27

لا تكاد تخلو قرية موريتانية ولا مالية من مجموعة من اللاجئين السوريين الذين رمتهم صروف الدهر ودفع بهم طمع اللجوء إلى أوروبا، نحو فيافي الساحل الأفريقي.

في العاصمة الموريتانية نواكشوط يصل العشرات من هؤلاء في رحلات برية كما على متن طائرات الخطوط التركية. وبمجرد إكمال إجراءات الوصول في المطار يتوزع هؤلاء القادمون في شوارع العاصمة نواكشوط ليبدأوا السؤال والاستجداء بإرشاد ممن سبقوهم للأراضي الموريتانية.
ويعيش العشرات من اللاجئين السوريين في أحياء الصفيح في ضواحي نواكشوط، ويقضون نهارهم يستجدون أمام المصارف والمستشفيات وعند إشارات المرور. 
تحمل الأم الأبناء الصغار ويطارد الأب أصحاب السيارات في معركة سيزيفية يبدأونها بكور الطير ويواصلونها إلى أن يجن الليل.
يحمل المستجدون السوريون جوازات سفرهم ليؤكدوا أنهم بالفعل سوريون.
لقد أصبح اللاجئون السوريون مظهرا من مظاهر العاصمة نواكشوط بل «لنا وجودنا الكبير في مدن الداخل الموريتاني حيث التعاطف معنا أكبر»، كما أكد ذلك لـ»لقدس العربي» السيد «ع. ب.» وهو لاجىء سوري خمسيني طلب التكتم على اسمه.
أما في باماكو، عاصمة مالي المجاورة لموريتانيا، فإن السكان لا يميزون بين اللاجئين السوريين وباعة الهواتف الصينية من الباكستانيين الذين يحتلون أرصفة الشوارع منذ سنين خلت.
لقد بدأ اللاجئون السوريون، الذين تقطعت بهم السبل في باماكو وهم في رحلة البحث عن اللجوء في أوروبا، يشكلون مجموعة صغيرة تنظم شؤونها وتتوزع الأدوار لمواجهة إكراهات الحياة.
وتؤكد البيانات الرسمية لوزارة الداخلية المالية أن عدد اللاجئين السوريين المسجلين يصل إلى تسعين فردا. 
وقد تحصّل ربع هذا العدد على وضعية لاجىء لدى المفوضية السامية لشئون اللاجئين التابعة للأمم المتحدة. وتؤكد إيزابل ميشيل، مسؤولة العلاقات العامة بمكتب المفوضية السامية في باماكو: «هناك أرباب أسر سوريون هروبوا من نار الحرب في سوريا وهم يقيمون في مدن مالية وبخاصة في العاصمة باماكو». وفي باماكو يسعى سعيد غسان ليصيح بائعا متجولا للهواتف، ويقول: «أنا في باماكو أشعر بالأمن وأعيش بين ظهراني شعب مسالم».
وأضاف: «أسعى للحصول على رأسمال بسيط لإطلاق نشاط تجاري». ويتساءل سعيد: «هل سأحصل على رأس المال الذي أحلم به عند مفوضية اللاجئين أو عند الحكومة المالية أم أنني أحلم بالمستحيل»؟
أما اللاجىء سفر داغر، وهو وارث أسرة صناع تقليديين سوريين مهرة، فهو مقيم، حسب قوله، منذ عام 2011 في باماكو وقد تعلم كلمات قليلة من اللغة الفرنسية التي هي لغة التخاطب في مالي». 
ويتذكر سفر داغر، ذو الثلاثة والأربعين ربيعا، كيف «دمر القصف ممتلكاتنا وقتل أهلينا أمام أعيننا». «إنني»، يضيف، «أطمح لإعادة بناء ذاتي، وأنا أفضل التشرد هنا عن انعدام الأمن وعن العيش في ظل الخوف كما هى الحال في دمشق».
وفي قلب العاصمة المالية باماكو جمعت المحنة عشر أسر سورية تقطن في منزل واحد وتجري الاتصالات مع ممثلية اللاجئين للبحث عن عون ما.
ومن بين هذه المجموعة الشاب فؤاد عامر، الذي تمكن من الحصول على بطاقة لاجىء والذي، عكس زملائه المغرمين بأوروبا، يحلم بأن يعود إلى سوريا التي لا يبتغي عنها بديلا، حسب تأكيداته.
وفي الشمال المالي، حيث الوضعية الأمنية غير مستقرة، تصل كل أسبوع مجموعات من اللاجئين السوريين الذين يقيمون فترة في مدن غاوة وتيمبكتو وهم في طريقهم، إن لم تقض عليهم المجموعات المسلحة، إلى الجزائر ثم إلى أوروبا.
ويظل العائق الأكبر أمام هوؤلاء هو صرامة الجزائر في مراقبة حدودها مع مالي.
وإلى جانب المجموعات التي لا تريد إلا الحصول على مكان آمن للعيش، يسلم الكثيرون، وبخاصة من فئة الشباب، أنفسهم لمجموعات التهريب التي تنقلهم مقابل 1000 يورو لكل فرد، إلى الأراضي المغربية التي يصلون عبرها إلى أوروبا بشق الأنفس.

نواكشوط – «القدس العربي»