زينب بنت سيديني/ منسقة شبكات و منظمات تنمية لعصابة بكيفة . ( C O R D A K )
كثر المراء وعمَّ الهُراء بعد تصريحات أدلت بها الناشطة الحقوقية آمنة بنت المختار، طالبت فيها بالمساواة بين الذكر والأنثى في جميع الحقوق والواجبات . وهو ما أثار ضجة إعلامية واسعة، ارتفع فيها اللغط وساد فيها الشطط، ما بين مُكفِر للمرأة دون البحث عن شبهة، ومن ينعق بما لا يسمع، يردد ما تناهى إلى علمه من كلام محرف ورأي مغلوطة ، لهذا أردت أن أدلي بدلوي في هذا النقاش المحتدم، بوصفي إحدى ناشطات المجتمع المدني المهتمة بحقوق الإنسان والدفاع عن القضايا العادلة، وذلك بالتركيز على ما يلي:
أولا: التمسك بحقنا كحقوقيين أن نكافح وننافح لمناصرة قضايا المستضعفين ونعمل من اجل القضاء على الممارسات الضارة بالمجتمع، وإظهار الأضرار الناجمة عن إلحاقها كذبا بالإسلام، مع العمَل الدءوب على توطيد السلم الأهلي، وتعزيز الديمقراطية... ولدينا كل الثقة أن الإسلام منزه عن الظلم والقسوة والمفسدة ، مهما تحجج المتحججون بألف تأويل، سلاحنا ووسيلتنا لهذا النضال: هو التعمق في دراسة هذا الدين الذي يعود له الفضل في عتق الإنسان وتكريمه وتحريم دمه وماله وعرضه، ذكرا كان أم أنثى، ومن أجل صيانة هذه الحقوق، لا بد من معرفتها والذوْد عنها بمقارعة الحجة بالحجة، وهو ما يُحتم علينا معرفة كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم ونحن نؤمن بكمال وتمام هذه الرسالة الخالدة، بوصفها شريعة ربانية ، جاءت لبناء دولة دستورها أعدَّه حكيم خبير قال تعالى: (وَلَا يُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِيرٍ).
ثانيا: نحن ندرك أن الملاحظات والتصورات الخاطئة التي ترد من هنا أو هناك، حول جميع القضايا بما فيها التمييز ضد المرأة، ناجمة عن فهمنا القاصر للدين، ورغبة بعضنا في التمسك بالعادات البائدة... ومن هنا يجب التعمق في دراسة الإسلام، . يقول صلي الله عليه وسلم طلب العلم فريضة على كل مسلم ومسلمة’وهذا يجعلنا قادرين علي عدم السماح لمن يفسر القران علي هواه من اجل تمكين العادات والتقاليد البائدة.
ثالثا: يجب أن نميز بين الإسلام والمسلمين وأن نتعلم الدين من ينابيعه، لا من روافده قال تعالى: (قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ) ’ وكلنا يدرك أن الكثير من المتعلمين يطوعون معرفتهم ويفسرون ويستنبطون الأحكام ويختزلون الآيات لتبرير غايتهم! متناسين أن الدين أتمه الله قبل المؤولين والمجتهدين قال تعالى (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِيناً) ومن نافلة القول أن التعسف وجميع أنواع الجرائم، كانت قبل الإسلام تعد مجدا يتغني به الشعراء.
رابعا: نحن لا يفوتها أن الموقف الظالم للمرأة له جذوره الضاربة في تاريخ البشرية، ويعلم ذلك المتطلع في تاريخ الفرس والصين واليابان والرومان والهند وعرب الجاهلية وفي العهد القديم التوراة المتداول حاليا لدى اليهود، جميع هؤلاء المجتمعات الذكورية والجاهلية ظالمون لأنفسهم، ولمن يقدرون عليه، ومن المؤكد أن بعضهم كان يشكك في أدمية المرأة والبعض يزعم أنها رأس كل خطيئة وهي التي أجبرت آدم على أكل الشجرة.
ظلت هذه المزاعم والدعايات ضد النساء، إلى أن جاء الإسلام فنظر إلى الذكور والإناث نظرة موحدة، وخاطبهما خطابا موحدا، ولم نجد خطابا خاصا بالأنثى لوحدها على أنها ضعيفة أو مخطئة أو قاصرة، كما لم نجد خطابا خاصا بالرجل على أنه قوى أو مستقيم أو راشد، بل عاملتهما الشريعة الإسلامية على أنهما من أصل واحد ومن نفس واحدة، قال تعالى يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها... والخطاب "يا أيها الناس" يشمل جميع الأمم والأجناس، وإذا كانت اليهود حملت مسؤولية أكل الشجرة لحوى لوحدها، فإن القرآن الكريم لما تعرض لذكر هذا العصيان حملهما المسؤولية معافكلا من حيث شئتما ولا تقربا هذه الشجرة فتكونا من الظالمين فوسوس لهما الشيطان... الأعراف الآية 18*19 ففي الآية إباحة للأكل معا، والتحريم معا، "ولا تقربا" موجهة لهما معا، والإخبار بوسوسة الشيطان كان عنهما معا، ففي هذه الآية وغيرها من القرآن الكريم، لا فرق بين الذكر والأنثى.
وفي مجال التكليف من اعتقاد وآداب ومعاملة وأخلاق، قال تعالىإن المسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات والقانتين والقانتات والصادقين والصادقات والصابرين والصابرات والخاشعين والخاشعات والمتصدقين والمتصدقات والصائمين والصائمات والحافظين فرجهم والحافظات والذاكرين الله كثيرا والذاكرات أعد الله لهم مغفرة وأجرا عظيما الأحزاب الآية 35، وقال صلى الله عليه وسلم (إنما النساء شقائق الرجال ).
خامسا: ما يتعلق بقضية الميراث والمساجلات القائمة حولها، يجب معرفة ما يلي:
صحيح أن الله يقول في كتابه: يوصيكم الله في أولادكم للذكر مثل حظ الأنثيين ’هذه بعض الحالات وليست الوحيدة فهنالك حالات في الميراث كثيرة سنتعرض لها، مع علمنا بعدالة الولي القدير، إلا أننا لا بد من تبيان للمشككين المتحججين بذلك علي أنه استنقاص للمرأة وحجة علي دونيتها، ونحن نرى عكس ذلك، فإلزام أخيها الرجل الوارث معها بالإنفاق يجعلها أكثر حظا وامتيازا نظرا لإعفائها من متطلبات المعيشة هي وأولادها يقول تعالى: (وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ) وهذه حكمة إلهية قد لا ندركها في الزمان والمكان، ومع يقيننا بعدالة الرب، نعتبر أن النفقة على المرأة تفسر التفاوت بينها وأخيها الرجل وتجعلها أكثر حظا وتدليلا.
وفي يومنا هذا تدخر لنا الدولة بموجب القانون في صناديق الضمان الاجتماعي والتأمين الصحي، مبالغ مالية تخصم من رواتبنا، وذلك لأوقات نحتاجها وغالبا ما تتكلف هذه الصناديق بأضعاف تلك المبالغ، ولله المثل الأعلى.
يوجد جانب أخر من الورثة غالبا ما يكون نصيب المرأة هو الأكثر، أو متساو مع الرجل يقول تعالي:للرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالْأَقْرَبُونَ وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالْأَقْرَبُونَ مِمَّا قَلَّ مِنْهُ أَوْ كَثُرَ نَصِيباً مَفْرُوضاً. ومن المعلوم أن بنت المتوفى أكثر من ميراث والده، وهو رجل وقد يكن مصدر ثروة المتوفى، وهناك أربع حالات فقط ترث فيها المرأة نصف الرجل، وهنالك حالات أخري ترث فيها المرأة أكثر من الرجل، كما أن هنالك حالات ترث فيها المرأة، ولا يرث فيها الرجل.
و الإسلام ذهب إلى أبعد من الإنفاق حيث حث الرجال على الإحسان على النساء وليس العكس، لقوله صلى الله عليه وسلم "مَنْ كَانَ لَهُ ثَلَاثُ بَنَاتٍ، أَوْ ثَلَاثُ أَخَوَاتٍ، أَوِ ابْنَتَانِ، أَوْ أُخْتَانِ، فَأَحْسَنَ صُحْبَتَهُنَّ، وَاتَّقَى اللَّهَ فِيهِنَّ فَلَهُ الْجَنَّةُ".
وفيما يخص الجانب السياسي والاجتماعي، لمشاركة المرأة، فإنه لا يختلف اثنان على أن الظروف التي تعيشها المرأة بعيدة كل البعد أن تكون عادلة لأن العقلية الاجتماعية وفكرة التقسيم الجنسي، وحب السيطرة لدى الرجال يحول دون ذلك، على الرغم من تواجد المرأة المميز في الحياة المهنية، فإنها لم تتوصل إلى إلغاء العوائق والعراقيل التي تستنقص من قيمتها وتصفها بأنها شخص غير منتج تنحصر مهامه في العمل بالمنزل ولا ينبغي أن يزاحم الرجال في الحقول الأساسية، والمبرر لديهم الاختلاف الشكلي بين المرأة والرجل ويحتجون بقوله تعالى )وَلَيْسَ الذَّكَرُ كَالْأُنْثَى.(
ومن وجهة نظري أن ظاهر هذه الآية الكريمة، يُبين بجلاء أن المسألة ليست مقصورة على الرجل والمرأة، بل تمتد إلى سائر المخلوقات وهذا، يجعلها فرق بين الجنسين لا بين الفردين، ومن المؤكد أن هناك فروقاً جسمية واضحةً بارزةً بين المرأة والرجل هذه الفروق خُلقت لتتناسب مع الوظيفة التي أناطها الله بكل منهما.
ومن وجهة نظري أن الفرق بين الجنسين من كافة المخلوقات حكمة إلهية تمكنهما من التفاعل والتكامل لا من التناقض والتنافر، ومن هنا يتبين ان اختلاف المرأة عن الرجل اختلاف تكامل، لا اختلاف تفاضل.
سادسا: مسألة القوامة،
انطلاقا مما سبق ذكره نري ان المرأة تحسنت ظروفها في ظل نظام الشريعة الإسلامية ، وأما قوامة الرجل على المرأة فهي تشريف للرجل، مقابل تكليف بأعباء، لقوله تعالى: (الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللهُ بَعْضَهُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ وَبِمَا أَنفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِم) وقوام صيغة مبالغة، من اسم فاعل قائم يعني هو قائمٌ على رعاية هذه الأسرة، ومسئول عنها، وهو المنفق الذي يعطي ماله، مع أن هذا التكليف لا يعطيه الحق بقهرها ولا بإذلالها، والظاهر أن الآية الكريمة قولِه تعالى: وَبِمَا أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ أنه متى عجَز آو امتنع عن نفقتها لم يكن قوّامًا عليها، وسقطَ ما له من قوامة، ولذلك نشاهد يوميا نسوة يفسخُون العقد الرابط بينهم مع الرجل بأمر من القاضي الشرعي؛ لأنه إذا خرجَ منْ كونه الراعي والمعيل والخادم الأمين فقد خرجَ عنِ الغرضِ من مهمته، فالقاعدة العامة للولاية أنها تمارس لصالح المولًى عليه. ومن هنا يمكن للمرأة ان تدعي أن الإسلام جعل منها أميرة لا أسيرة ، لها خادم وحاجب وجميع ممتلكاتها كنوز تخصها .
زينب بنت سيديني/ منسقة شبكات و منظمات تنمية لعصابة بكيفة . ( C O R D A K )