كان المتنبي الشاعر يمدح أميره ويتزلف له؛بروائع شعره؛ومع ذالك لا يرضى من أميره الإهانه ولا الدنية؛ويأبى أن يعده من بين شعرائه الذين يكفيهم الفتاة؛وإنّما كان يمدحه ويتذلل له؛ لنيل مكانته العالية التي يراها في نفسه؛والتواضع عند وقت الحاجة من الحكمة؛فالمتنبي لا يريد إتاوة ولا أعطية؛ وإنّما كان يريد ولاية وسيادة.
فيا ترى هل وجهاء ولاية لعصابه في الحزب الحاكم ؛عجزوا عن تحقيق همّة هذا الشاعر من خلال حزبهم الحاكم؟.
هذا الحزب الحاكم بدون شكّ؛له أنصاره الكثر؛الذين يتزلفون له في كلّ شيء؛ويهرعون له بسرعة الصاروخ من أجل تنفيذ أوامره؛ولديهم الطاعة العمياء والرغبة الجامحة؛وهذا لا غرابة فيه؛وخاصة من منهم في نعم سابغة جلبها عليه حزبه.
فمن حقّ إفديرك على سبيل المثال؛أن تفتخر وتردّ الجميل للحزب الحاكم؛وتشيد له خمس نجوم؛فهناك على الأقلّ وزيران لها في الحكومة.
ومن حقّ بوغي أن تبني برجا شاهقا للحزب الحاكم؛مكافأة على ما وجده من حقائب وزارية؛ بل الضفّة عموما عليها منّة من هذا الحزب الذي سعى من خلال حكومته في إنجاز اكبر المشاريع التنموية على أرضه.
وكذالك من حق الحوضين أن يصفقوا بأيديهم وأرجلهم؛ويتطاولون له في البنيان؛على ما أظهره من اعتبار لهما.
لكن أليس من الغرابة أن يصفق وجهاء ولاية لعصابه عامة؛و خاصة في مقاطعة كيفه للحزب الحاكم؛وهو الذي همشهم إلى درجة الازدراء؛وبخل عليهم ولو بوزير واحد.
إنّ عزيز وهو الأب الروحي لهذا الحزب؛يعرف أنّ في ولاية لعصابه متملقين؛لا يملكون إلا حناجرهم وأيديهم؛التي يصفقون بها؛ولهذا همشهم.
ومهما جمعوا من ملايين؛وبنوا من عمارات شاهقة وغرف مكيّفة لهذا الحزب الحاكم؛فهو يعرفهم بدون شكّ.
خبِرهم حين زارهم؛فوجد ألِفهم ليّنة؛ وهمزتهم لا تقطع إلا مطالب ضيّقة وأنانية؛فيها حظوظ النفس عارمة؛وهموم المواطن منها خاوية؛فأقصاهم من مناصب السيادة؛واسترضاهم بالكراع ؛والفضلة من المناصب السياسية.
بقيت جماهيرهم فقط؛هي التي تؤمن أنّ فيهم عظماء؛وإن كانوا قلّة؛استغلّ الحزب الحاكم صمتهم؛ووهج حساسياتهم.
هؤلاء الذين عند العامة عظماء ووجهاء في ولاية لعصابه؛وعند الرئيس وحزبه الحاكم خدما وأتباعا؛هم الذين نعاتبهم في هذه السطور؛ولهم أن يمارسوا هوايتهم في التصفيق والتهليل ما شاءوا؛ وهذا من حقّهم؛ولا نعاتبهم عليه.
لكن نقول لهم وبمرارة؛إنّ وجهاء عجزوا عن تحقيق همّة شاعر؛فماذا نستطيع أن نقول عنهم؟. أفيدونا أفادكم الله.
هذه ولايتكم؛هذه مدينتكم؛فلن نطيل عليكم بتعداد ما تعانيه من أزمات؛ومن أجل صحتكم فإنّ أحياءها الشمالية والجنوبية والشرقية تشرب المياه الملوثة؛فحنفياتها قد نضبت منذ زمن بعيد؛فلا تقربوها بمقراتكم؛هذا من اجل صحتكم فقط.
غالي بن الصغير