بقلم : إسلمو ولد أحمد سالم
يعلن الرئيس استعداده "التام لحوار شامل" دون شروط مسبقة و دون خطوط حمراء ،و يتصدر الحوار العناوين الرئيسية للإعلام ، تبدأ الاتصالات و تتحرك الأطراف من الاتجاهين ، و يسود مناخ جديد في الساحة السياسية ، و حين نصل إلى مرحلة تحديد التواريخ و نقاط التشاور ، يخبو الحدث و يتعثر التفاهم و يبدأ تبادل الاتهامات ثم نعود إلى نقطة البداية .
سنة و تزيد منذ أعلن ولد عبد العزيز استعداده للحوار ، و الحوار يراوح مكانه متأرجحا بين نقطة الانطلاق و الطريق المسدود ، فلا هو بدأ حتى نتجاوز الأزمة السياسية ، و لا هو وصل الطريق المسدود حتى نتوقع حلا من شكل آخر .
تعتبر الأغلبية أنها تعاطت بإيجابية مع المعارضة، وقدمت تنازلات كبيرة منأجل انطلاق الحوار الذي يمثل قناعة راسخة لديها ، و تؤكد المعارضة أن موقف الحكومة دون المستوى ولم يستجيب لأهم مطالبها.
لا تستطيع الأغلبية و لا المعارضة معارضة الحوار لكن أي منهما لا تريده و ذلك لأسباب منها :
1) ليست الأغلبية على استعداد لخوض غمار انتخابات جديدة بعد أن أنهكتها الانتخابات الماضية ، و لا يمكنها أن تضمن فوزا كاسحا جديدا ، نظرا لتغير المعطيات و شعور المواطنين بالأزمة الاقتصادية التي يعيشها البلد في ظل انخفاض الموارد ، و ارتفاع الأسعار .
2) لم تعد المعارضة التقليدية في أغلبها مقنعة للرافضين للواقع ، و ترى بالتالي أن وضعها على المحك ربما يظهرها أصغر حجما و أقل تأثيرا .
3) يخشى السياسيون التقليديون من تنامي دور بعض الأوجه الشبابية على حسابهم ، و يفسرون أن أي انتخابات جديدة قد تدفع إلى خلق مناخ ينمو فيه التطرف و توسيع الشرخ بين فئات المجتمع .
4) عدم وضوح الرؤية لدى النخبة السياسية الوطنية إذ تنقسم بين موال يؤمن مصالحه الشخصية ، و ناقم على الحكومة يبحث عن مواقع التصدر
5) تنوع الخلفية الفكرية للمتعاطين مع السياسة في البلد ، فهم نتاج الحركات الأيديولوجية القومية العربية والزنجية، و الإسلاميين و اليساريين ، و حركات مكافحة العبودية و اللبراليين ، و و قل أن تجد حركة سياسية ذات بعد وطني من يث النشأة و الرؤية الفكرية .
6) الخلفية العسكرية لمركز القرار ، و تمكنها من السلطة و عملها على تقوية رجالات الجيش الكبار بالامتيازات و الصلاحيات ، و قد بات من الواضح أن البلد يتحول إلى كنتونات يخضع كل واحد منها لضابط ذو رتبة عالية في الجيش ، تكون له اليد الطولى في اختيار الأشخاص و توجيه المشاريع ، مما فرض على السياسيين في الأغلبية التعاطي مع هذا الواقع .
على الحوار أن ينطلق و يناقش مجمل القضايا الوطنية للخروج من الأزمة السياسية ، لكنه لن يبدأ لأن كلا الطرفين في الأغلبية و المعارضة لا يريد ذلك ، و لأن الواقع الاقتصادي للبلد لا يسمح بإتاحة الفرصة للمزيد من الحراك السياسي و الحملات الانتخابية التي قد تظهر للمواطن ما غاب عنده من مشاكل وطنه الاقتصادية و الاجتماعية .