بقلم: محمدو ولد البخاري عابدين
قال نائب رئيس حزب " تواصل " غلام ولد الحاج الشيخ إن اختيار رئيس الحزب محمد جميل منصور على رأس منتدى " العدالة والديمقراطية " يعد تتويجا لموريتانيا وكل السياسيين الموريتانيين. لم نرى ذلك التاج بعد على رؤوس السياسيين الموريتانيين لنعرف هل قبلوا به تاجا، فلم يصدر من أي منهم بيان أو يدلي بتصريح حول هذا " التتويج " حتى الآن، ولا يمكننا الحكم على السكوت هل هو رفض أم تجاهل أم قبول..؟
أما فيما يخص موريتانيا، فلا شك أن حضور أحد أبنائها في محفل أو هيئة إقليمية أو دولية أمر قد يكون مهما، حتى ولو كان ذلك بصفته الحزبية الشخصية بشرط أن لا يكون ذلك على حساب ولائه لوطنه لكنها، أي موريتانيا وبصفتها الرسمية، والشعبية أحيانا اختيرت مرات في السابق لرئاسة وإنابة رئاسة وعضوية العديد من المنظمات والهيئات والتجمعات الإقليمية والدولية والأممية، سياسيا واقتصاديا وإعلاميا وحقوقيا وثقافيا، لكن بعض سياسييها لم يعتبروا ذلك تتويجا، لا لها ولا لهم!
نتذكر أن رئيس الجمهورية محمد ولد عبد العزيز، الذي هو رئيس البلاد والممثل الشرعي لها الذي يتعامل العالم معها عن طريقه هو وحكومته، بغض النظر عمن يعترف بذلك أو من يشكك فيه، قد اختير قبل سنتين من طرف 53 رئيس دولة لرئاسة اتحاد قاري كبير وشريك رئيسي لكافة التجمعات الإقليمية والدولية، يرسم السياسات التنموية القارية، ويتخذ القرارات المصيرية على كافة الصعد، لكن ذلك تم التقليل من شأنه إلى أبعد الحدود، ورُوج له على أن الأفارقة تركوا رئاسة الاتحاد في القاعة مع مناديلهم وأعقاب سجائرهم لتأتي موريتانيا وتلتقطها..!
موريتانيا أيضا اختيرت لثلاث سنوات متتالية كأفضل بلد في المنطقة العربية من حيث حرية الصحافة والتعبير، وهو تاج على رؤوس كل الموريتانيين، لكنه بُحث له هو الآخر عن كل مسوغات التبخيس إلى أن وصل ذلك إلى أن الأمر بمجمله لا يعدوا كونه " تمالؤ " لمنظمة مراسلون بلا حدود مع السلطات الموريتانية لإصدار هذا الترتيب، ولا شك أن هناك بلدان كثيرة، من بينها بلد اختيار جميل منصور لرئاسة المنتدى العالمي للإخوان ( تركيا )، المنعوتة بالتضييق على الصحفيين والسياسيين، لديها ما تدفعه لمنظمة مراسلون بلا حدود أكثر مما لدى موريتانيا إذا كانت القضية قضية تمالؤ.
ثم إن الأحزاب القومية الموريتانية شاركت مرارا في المنتديات والمؤتمرات القومية، واختيرت لرئاسة وعضوية المؤتمر القومي العربي ولم يحسب الأمر تتويجا لموريتانيا، كما اختير رئيس حزب " تكتل القوى الديمقراطية " أحمد ولد داداه سابقا لرئاسة أو إنابة رئاسة منظمة الاشتراكية الأممية ولم يتم الحديث عن أيضا عن تتويج.
وفضلا عن كل ذلك، فإن أكبر تاج ازينت به موريتانيا عربيا وإسلاميا، هو قطعها لعلاقتها مع إسرائيل وهدمها لمقر سفارتها بالجرافات، وكان من " العاطي للمعنى " أن يكون من يحتفي و " يتزين " بذلك التاج أكثر من غيره هم الإخوان، لكن الأمر مر دون تعليق، ولأن الصمت والتجاهل إزاء هذا القرار كان بالغ الإحراج، تم البحث له عن صيغة تبخيس وتهوين وتم العثور عليها بسرعة: العلاقات مع إسرائيل غير شرعية ولا يحتاج قطعها لرئيس شرعي! علما بأن " الرئيس الشرعي " نكص عن تعهده الانتخابي بعرض قطع تلك العلاقات على البرلمان أو طرحها للاستفتاء، وهو النكوص الذي لم يمنع الجماعة من تلبية إشارته لها بأصبعه الصغير دون تردد ولا شروط، فقط حقيبة في الحكومة!
فما رأيكم في أن " نتقايض " ونقول لمن توجته بلاده في مناسبات عدة وبمواقف مشرفة، فبخل عليها بالاعتراف: هذه بتلك.. و ليُصغ ويُرصع ما شاء من التيجان، لكن لكيتف بقياسها على رأسه، فالرؤوس تختلف في أشكالها وأحجامها وفي ما بداخلها.. وبعضها تعلوه تيجان أخرى لا ينقص من بريق وقيمة مجوهراتها كونه لا يراها!
إذا كان هناك من تتويج في هذا الموضوع، فهو تتويج على أساس فكري لحزب موريتاني إسمه " تواصل " ليس بأكبر ولا أقدم الأحزاب ويعتنق فكره 4% من الموريتانيين على أقصى تقدير، أما موريتانيا كدولة فالأمر لا يمثلها ولا يمثل كل التوجهات السياسية بها، وبذلك " تغسلها منو تفونه ".
محمدو ولد البخاري عابدين