"استيقظنا فجر الأربعاء لإعداد السحور، لكن تفاجأنا بهدير المياه والسيول التي اجتاحتنا وطوقتنا من كل الجهات، فشاهدنا المنازل تتهدم والسيول تجرف كل ما في طريقها مما أصابنا برعب شديد وعندما ارتفعت المياه في منازلنا إلى أكثر من متر بدأ الأطفال والنساء في النحيب والبكاء..ينشدون التعلق بأي براقة أمل للنجاة من موت غرقا".
السيول هدمت المنازل وهجرت السكان عن منازلهمهكذا تختصر أم الفضلي والدة إحدى الأسرة المنكوبة بمدينة امبود اللحظات الأولى لبداية المأساة التي حلت بسكان المدينة الواقعة في الجنوب الموريتاني، والتي تعاني منذ أيام كارثة حقيقية بفعل السيول التي هجرت مئات الأسر عن منازلها وأرغمتها على التحاف العراء ليل نهار.
في فجر يوم الأربعاء، وقبل أن يتبين الخيط الأبيض من الخيط الأسود، بدأ سكانها يحتسون كأس المعاناة وأعلنت المدينة مدينة منكوبة، دون تدخل حكومي رسمي يرضي السكان ويقلل من معاناتهم ووضعيتهم الكارثية، خلال أيام الكارثة الأولى على الأقل.
المدينة الصامدة
يبدو أن لمدينة امبود تاريخ طويل مع السيول، كما لسكانها تجارب مريرة في الصمود أمام صولة هذا المارد الغدار، ومع ذلك فقد مر مئات السنين على المدينة وهي صامدة في وجه السيول التي تجتاحها نهاية كل صيف، حتى ألفها السكان وتكيفوا مع منغصاتها وما أكثرها !!.
إلا أنه وفي هذه المرة يبدو أن السيول لم ترحم سكان المدينة ولم تأت بالطريقة التي عهدوها وألفوها، فقد كانت قوية وجارفة وخارقة للعادة، فاجتاحت السدّ الذي كان السكان يعولون عليه كثيرا ويحتمون به من خطر محقق كانوا يتوقعون أن يحل بهم خلال كل صيف. يقول الإمام ولد دفنه.
أسرة في العراءرغم قوة السيول وخطورتها - في الماضي إلا أن السكان لا يزالون يعبرون وفي أحلك الظروف التي يعيشونها عن تشبثهم بمدينهم الصامدة صمود نخيلها، شعارهم لا نبغي بدلا عن مدينتنا، رغم أن السيول تطوقنا من كل الجهات ومنعتنا من جميع الممتلكات.
كل ما يريده سكان المدينة وينتظرونه اليوم من الدولة هو المساعدة في بناء سد يحميهم من خطر السيول، ووضع خطة تنموية من أجل بناء المدنية من جديد، ليجد السكان منازل للسكن تؤمنهم في الحاضر والمستقبل، حتى ولو تحققت على المدى البعيد..نحن لا نريد مجرد خيام بالية وبعض كميات الأرز وتصريحات من طرف هذا المسؤول أو ذاك. تقول ياي بنت لقظف.
أسرٌ في العراء..
ولد فنه يحدث للسراج عن المدينة المنكوبة
عندما تدخل مدينة امبود لن تجد كبير عناء في التعرف على الواقع المرير الذي يعيشه سكان القرية، وحجم المعاناة والنكبة التي تعاني منها المدينة منذ أيام. فالأوضاع التي يعيشها السكان تعبر بشكل واضح عن حجم مأساة المدينة.
بابتساماتهم..أطفال المدينة يتطلعون إلى غد أفضلأقل هذه الأوضاع سخونة وأكثرها تعبيرا عن واقع المدينة المزري، هي تلك الحالة التي يعيشها أغلب السكان هذه الأيام، والتي تتمثل في كونهم لا يجدون منازل للسكن بعد أن هدمت السيول منازلهم فالتحفوا العراء مكرهين في انتظار أن تجود يد الحكومات أو الخيرين من أبناء الوطن لهم بما يخفف من معاناتهم التي يعيشونها منذ أيام.
أسرة ولد دفنه أسرة من بين أكثر من 750 أسرة تضررت من الكارثة التي حلت بالمدينة، وظلت تلحف العراء وتعاني الأمرين، بفعل السيول وعزلة المدينة المنكوبة، ورغم كل شيء فهي اليوم تعيش حياة ملؤها الإيمان بقضاء الله وقدره.
مساعدات غير مرضية
عيشة مواطنة من سكان امبود: الحكومة اعتمدت الولاء السياسي في توزيعها المساعدات
وفي الوقت الذي كان السكان يتوقعون أن لا تخلف السيول أي شخص على قيد الحياة، كانت الحكومة تتفرج على الوضع الكارثي الذي يعيشه السكان، حيث اكتفى الوالي بلقاء أفراد من السكان عند مدخل المدينة، أما الأوضاع التي تعيشها المدينة فبخل عليها بنظرة ولو لــ10 دقائق. يقول ولد إدريس حسين ساغو.
رغم أن بعض السكان وصفوا المساعدات التي قدمتها الدولة "بغير المرضية"، فإن فريقا آخر من سكان المدينة كان أكثر صراحة عندما قال إن الحكومة اعتمدت الولاء السياسي في توزيعها لهذه المساعدات حيث أصبحت الأسر المتضررة المعنية بالمساعدات، ضحية إقصاء الحكومة من هذه المساعدات حتى في أيام الكارثة التي تحل بالسكان، بعد أن كانت ضحية السيول والهدم.
فاطمة بنت سليمان تنتقد تأخر مساعدة السلطات عن المواطنينفاطمة بنت اسليمان قالت في تصريح للسراج إن على الدولة أن تفهم أن مدينة امبود مدينة موريتانية منكوبة، يجب التعامل مع سكانها كسكان يحتاجون المساعدة، لا أن يتعامل معهم على أساس اللون أو العرق أو الموقع الجغرافي.
نقلا عن السراج