قطعت موريتانيا الشك باليقين وبدأت استعداداتها لاستضافة القمة العربية السابعة والعشرين بعد أن اتفقت مع الجامعة العربية على ذلك وحددت بالتشاور معها منتصف حزيران يونيو المقبل موعداً لعقدها.
ونقلت وكالة الطوارئ الموريتانية المستقلة عن مصادرها «أن العمل جار حالياً في نواكشوط لتشكيل لجنة وزارية مكلفة بمهام التحضير للقمة يرأسها الوزير الأمين العام لرئاسة الجمهورية الدكتور مولاي ولد محمد الأغظف».
وذكرت الطوارئ «أن الرئيس الموريتاني محمد ولد عبد العزيز سيقوم بزيارة مهمة للمملكة العربية السعودية في الأيام المقبلة للتنسيق مع العاهل السعودي حول القمتين الإسلامية المقررة في تركيا والعربية المقررة في نواكشوط».
ويدخل هذا التنسيق ضمن التحسن الكبير الملاحظ في العلاقات السعودية الموريتانية والذي يتجسد في المشاركة السياسية والعسكرية الموريتانية النشطة في التحالف الذي تقوده السعودية في حربها على حوثيي اليمن.
وأكد مصدر مقرب من هذا الشأن «أن المملكة العربية السعودية شجعت موريتانيا على استضافة القمة ووعدت بتقديم دعم مالي وإسناد لوجستي لموريتانيا لتمكينها من السيطرة على استضافة هذه المناسبة». وأشار المصدر الذي فضل حجب اسمه إلى «أن هذا التشجيع والوعد الذي صاحبه، هو موضوع الرسالة التي بعث بها العاهل السعودي سلمان بن عبد العزيز للرئيس الموريتاني محمد ولد عبد العزيز الاثنين الماضي وسلمها السفير السعودي المعتمد في نواكشوط هزاع بن ضاوي المطيري».
واكتفى السفير المطيري في تصريح أدلى به بعد مقابلة الرئيس الموريتاني بتأكيده «أن رسالة العاهل السعودي تتعلق بتوثيق ودعم العلاقات الثنائية القوية القائمة بين البلدين الشقيقين». ويرى مراقبون متابعون لهذا الملف «أن حكومة الرياض وجدت في موريتانيا التي يطمح رئيسها لتولي رئاسة دورية للقمة العربية تنضاف لرئاسته السابقة للاتحاد الإفريقي، شريكا مناسبا يمكنها من السيطرة على توصيات ومجريات القمة التي تنعقد في جو عربي مشحون بالخلافات».
ولم يستبعد المراقبون «أن يكون للتحمس الموريتاني باستضافة القمة العربية، علاقة بالتوتر الذي ما يزال ملاحظاً في العلاقات بين الرباط ونواكشوط، حيث سارع الرئيس الموريتاني لتلقف المشعل الذي ترددت المغرب في أخذه ليكسب بذلك نقاطاً دبلوماسية وسياسية لبلده ولنظامه على المستويين المغاربي والمحلي». ويحرص المسؤولون الموريتانيون على التأكيد بأن قبول موريتانيا لاستضافة القمة العربية مجرد «حرص منها على ديمومة الانعقاد الدوري للقمة، وهو أمر تحرص عليه الحكومة السعودية التي اكتملت هيمنتها على الجامعة بعد سقوط واهتزاز أنظمة التحدي والتمنع العربي». وكان المغرب قد أرجأ، وفقا لما أبلغه وزير خارجيته صلاح الدين مزوار للأمانة العامة للجامعة العربية، «حقه في تنظيم دورة عادية للقمة العربية».
وجاء في بيان لوزارة الخارجية المغربية أن «هذا القرار اتخذ بناء على المشاورات التي تم إجراؤها مع عدد من الدول العربية الشقيقة، ونظرًا للتحديات التي يواجهها العالم العربي اليوم، مما يجعل القمة العربية لا يمكن أن تشكل غاية في حد ذاتها أو أن تتحول إلى مجرد اجتماع مناسباتي».
وبررت الخارجية المغربية اعتذارها عن عدم استضافة القمة العربية «بغياب قرارات هامة ومبادرات ملموسة يمكن عرضها على قادة الدول العربية».
وتوقعت حكومة المغرب «أن تكون القمة في هذه الظروف مجرد مناسبة للمصادقة على توصيات عادية، وإلقاء خطب تعطي الانطباع الخاطئ بالوحدة والتضامن بين دول العالم العربي». وأعرب أحمد بن حلي مساعد الأمين العام للجامعة العربية أمس «عن أمله في أن تكون القمة العربية المقبلة التي طلبت موريتانيا استضافتها في تموز/يوليو المقبل قمة فارقة وترقى إلى مستوى طموحات وآمال الشعوب العربية».
وبخصوص التأجيل أوضح في تصرحات نقلتها وكالة أنباء الشرق الاوسط «أنه لا يعتقد أن تأجيل القمة العربية مثير للإحباط، باعتبارها قمة سنوية عادية»، مشيراً إلى أن موضوع التأجيل ليس الأول من نوعه، فهناك دول عربية اعتذرت عن عدم استضافة القمة، معرباً عن اعتقاده أن إرجاء موعد انعقاد القمة لا يمس العمل العربي المشترك، لأنها أمور عادية.
وأشاد بن حلي بدور المغرب في دعم العمل العربي المشترك، وقال إنه «بلد مهم واستضاف سبع قمم عربية قبل ذلك، ويبقى دوره ومكانته مهمة جدًا في المنظومة العربية، ونحن نتفهم الدواعي التي قدمها وزير خارجية المغرب للأمين العام للجامعة العربية وعممت على الدول الأعضاء».
القدس العربي