أصدرت بعثة من صندوق النقد الدولي زارت موريتانيا خلال شهر فبراري الجاري تقريراً حذرت فيه من "صدمة عنيفة" تواجه الاقتصاد الموريتاني، مشيرة إلى تباطؤ كبير في أداء الاقتصاد خلال عام 2015 بسبب تراجع أسعار الحديد والنفط.
البعثة التي كانت ترأسها مرسيديس فيرا مارتين، وزارت موريتانيا خلال الفترة ما بين 06 إلى 22 فبراير الجاري، كانت تسعى إلى "فحص التطورات الاقتصادية الأخيرة، وآفاق الاقتصاد الموريتاني في إطار التشاور السنوي"، وأصدرت تقريراً مفصلاً بناء على ذلك نشره الصندوق عبر موقعه الإلكتروني.
وجاء في بداية التقرير أن "موريتانيا بعد سنوات من الأداء الاقتصادي القوي، تواجه صدمة عنيفة فيما يتعلق بمعدلات التبادل التجاري، بسبب انخفاض أسعار خام الحديد الذي تسبب في تراجع الأداء والتوقعات الاقتصادية".
وأوضح التقرير أن "السلطات الموريتانية وضعت سياسات لمواجهة التقلبات الدورية مستخدمة عوامل خارجية لامتصاص الصدمة، وأخرى من الميزانية التي تم جمعها خلال سنوات الطفرة"؛ ولكن التقرير أشار إلى أنه "بما أن الصدمة كانت أكثر قوة من المتوقع منذ البداية، قامت السلطات بتعديل سياساتها في 2015 مع السماح بسعر صرف أكثر مرونة، ومع اتخاذ إجراءات لتعزيز العائدات الضريبية".
ويضيف التقرير أن "انخفاض أسعار الحديد في الأسواق العالمية قلص بشكل كبير حجم الصادرات والعائدات الضريبية من قطاع المعادن. وبما أن أسعار خام الحديد ستبقى منخفضة على الأقل في المدى المتوسط، فإن ذلك يزيد مكامن الضعف الخارجية والضريبية"، وفق التقرير الدولي.
تباطؤ في الاقتصاد
التقرير الصادر عن بعثة صندوق النقد الدولي أورد جملة من الأرقام توضح حجم التباطؤ الاقتصادي الذي شهدته موريتانيا خلال العام الماضي (2015).
ويقول التقرير إن "النمو الاقتصادي تباطأ في العام 2015"، قبل أن يقدر نمو الناتج المحلي الإجمالي (PIB) في حدود 2 في المائة، بعد أن كان 6.6 في المائة في عام 2014، مشيراً إلى أن "جزءً من السبب يعود إلى ضعف إنتاج الحديد".
من جهة أخرى أشار التقرير إلى أن التقديرات تشير إلى تراجع نمو الناتج المحلي الإجمالي (غير الاستخراجي) ليصبح في حدود 3.1 في المائة بعد أن كان 6.6 في المائة خلال عام 2014.
أما متوسط معدل التضخم في مؤشر أسعار المستهلكين السنوي فقد تراجع بحوالي 0.5 في المائة عام 2015، بسبب انخفاض أسعار المواد الغذائية في الأسواق العالمية والتغير في أسعار الصرف؛ بينما يقدر عجز الحساب الجاري الخارجي، الذي استفاد من تراجع أسعار النفط عالمياً، بحوالي 19 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي في 2015.
عجز في الميزانية
يتحدث التقرير الدولي عن تأثير كبير خلفه تراجع العائدات المعدنية على الميزانية التي سجلت زيادة في نسبة العجز.
وفي هذا السياق قال التقرير: "مع تراجع العائدات المعدنية، توسع العجز الكلي للموازنة (باستثناء المنح) ليصل إلى 5.6 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي، بعد أن كان 4.1 في المائة عام 2014".
ولكن التقرير أشار إلى أن زيادة العجز تأتي "على الرغم من ارتفاع إيرادات تعزى إلى عائدات النفط المحلية والإجراءات الاستباقية التي اتخذتها السلطات من أجل التحكم في الإنفاق"، وفق نص التقرير.
أما فيما يتعلق بالدين العام المضمون من قبل الحكومة، فيشير التقرير إلى أنه بسبب التوجهات المالية والخارجية وصل إلى 93 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي في نهاية 2015.
تحسن في الأفق
وعلى الرغم من أن التقرير تحدث عن تباطؤ كبير للاقتصاد الموريتاني خلال العام الماضي، إلا أنه عاد في نهايته ليتحدث عن تحسن "طفيف" في العام الجاري (2016)، وقال: "بفضل السياسات الاقتصادية الحذرة التي اعتمدتها السلطات، فإن نمو الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي سيرتفع إلى 4.2 في المائة خلال عام 2016، مستفيداً من طفرة في الإنتاج المعدني".
أما فيما يتعلق بالنشاط الاقتصادي في القطاع غير الاستخراجي فيقول التقرير إنه من المتوقع أن "يبقى معتدلاً، مع نمو خفيف التباطؤ عند حدود 2.9 في المائة خلال عام 2016"، بينما توقع أن يكون التضخم بنسبة 3.6 في المائة.
وأثنى التقرير الدولي على السياسات التي اعتمدتها السلطات الموريتانية من أجل "زيادة العائدات والتحكم في المصاريف"، مشيراً إلى أنها ستمكن من تقليص عجز الحساب الجاري إلى 3 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي غير الاستخراجي.
وخلص التقرير إلى أن "التوقعات في المدى المتوسط تبقى تابعة لحركة أسعار الحديد والنقط، والتجاوب مع السياسات الحكومية ومرونة القطاع المالي"، فيما حذر من هشاشة القطاع المصرفي وعجزه عن الصمود أمام الصدمات.
للاطلاع على التقرير الأصلي