بدأت قوى المعارضة السياسية في السنغال، بدعم من جمعيات وهيئات من المجتمع المدتي حملة تعبئة واسعة بهدف التصويت بـ "لا" في الاستفتاء الشعبي الذي دعا إليه الرئيس ماكي صال بغية تعديل المادة الدستورية المتعلقة بمدة العهدة الرئاسية.
ويأتي تنظيم هذا الاستفتاء إثر رفض محكمة العدل السامية في السنغال رأيا استشاريا بالموافقة أصدره المجلس الدستوري يجيز تقليص مأمورية رئيس الجمهورية من 7 إلى 5 سنوات عن طريق البرلمان.
وقد أثار قرار اعلى محكمة دستورية في السنغال زوبعة عارمة من الجدل داخل الأوساط السياسية السنغالية؛ إذ اعتبرت الأغلبية اليسارية الحاكمة أن هذا القرار يعني عدم جواز مراجعة الترتيبات الدستورية الخاصة بتغيير فترة الولاية الرئاسية إلا عن طريق الإستفتاء الشعبي وهو ما تقيد به الرئيس صال؛ وفاء منه بتعهد قطعه للسنغاليين خلال الحملة الانتخابية.
أما المعارضة الليبيرالية بقيادة الحزب الديمقراطي حزب الرئيس السابق عبد الله واد) فاعتبرت أن الهدف غير المعلن من تقليص المأمورية الرئاسية هو ـ في حقيقة الأمر ـ تمكين ماكي صال من تمديد فترة حكمه عبر ما أسمتها "خديعة الاستفتاء"؛ إذ أنه عندما يتم إقرار التعديل الدستوري المرتقب، سيبقى الرجل في منصبه حتي يكمل 7 سنوات ثم يترشح لمأموريتيم أخريين مدة كل ممنهما 5 سنوات؛ لأن انتخابه أصلا كان على أساس الدستور في صيغته الحالية وليس للقانون أثر رجعي.
ويرد خبراء القانون الداعمون للرئيس ماكي صال على هذا الطرح بقولهم إنه "بلا معنى".. فالرئيس على أية حال سيكمل 7 سنوات هي فترة مأموريته الأولى، بينما إذا ترشح لعهدة ثانية وفاز فلن يمضي أكثر من 5 سنوات لا يحق له الترشح بعجها لأن الحيثيات الدستورية المتعلقة بعدد المأموريات الرئاسية غير معنية بالتعديل المرتقب؛ وبالتالي فأقصى ما يمكن أن يمضيه الرجل في السلطة هو 12 سنة بدلا من 14.
من جانبهم يعتبر أغلب المراقبين والمحللين السياسيين في السنغال أن موقف المعارضة إنما جاء بدوافع سياسية بحته وليس على أسس قانونية وجيهة؛ مذكرين بأن الرئيس السابق، عبد الله واد الذي يعتبر المحرك الأساسي لتيار مقاطعة الاستفتاء أو التصويت برفض التعديلات الدستورية، عمد ـ سنة 2001 ـ إلى تقليص فترة العهدة الرئاسية (عبر مؤتمر برلماني) فأمضى 7 سنوات في السلطة وأعيد انتخابه لعهدة ثامية مدتها 5 سنوات؛ لكنه عاد فأجرى تعديلا دستوريا آخر (في مؤتمر برلماني أيضا) ـ أعاد بموجبه الفترة الرئاسية لسابق عهدها (7 سنوات)؛ ثم اعتمد على تأويل القانون الدستوري الذي لا يأخذ في الحسبان مأوريته الأولى لأنها جاءت على أساس نص دستوري تم تغييره.. لكن الرجل واجه موجة رفض شعبي وسياسي عارمة أفضت بالسنغاليين إلى اعتماد التصويت العقابي ضده ومنح أغلبية الأصوات لأبرز خصومه يومها، الرئيس الحالي ماكي صال...
ويرجح المراقبون أن تشهد السنغال، خلال الأيام القادمة مزيدا من الغليان الشعبي وسط تصعيد لحراك المعارضة من خلال حملة مكثفة من أجل إفشال استفتاء 20 مارس المقبل..