في خطوة جريئة وسابقة في نوعها؛أعلن نائب كرو عن إنجاز طريق يربط بين بلدية كرو وأدي إجريد؛الذي التزم بإنجازه إبان حملته في الانتخابات التشريعية الماضية.
وهي طريق جبلية وعرة؛تقاعست الحكومة عن إنجازها.
هذا الإنجاز يذكرنا بقصة هندي؛ يسكن في قرية نائية ومعزولة؛أصيبت فيها زوجته بوعكة مفاجئة؛وبسبب بعد المسافة بين المستشفى والقرية وطول الطريق المعوج؛ عجز عن إيصال سيارة الإسعاف في الوقت المناسب؛من أجل إسعافها؛وكانت المصيبة بموت رفيقة دربه.
طلب من الحكومة أن تشقّ طريقا في الجبل؛لاختصار الطريق من سبعين كلم إلى سبع؛لكنّها تجاهلت الطلب؛فقرر الفلاح أن يشقّ الطريق بنفسه؛حتى لا تتكرر نفس المصيبة؛فأحضر فأسا ومعولا؛وشرع في الحفر.
فسخرت منه القرية؛واتهمته بالجنون؛لكنّه بعد عشرين عاما؛أنجز المهمة بنفسه؛وصار يطلق عليه رجل الجبل.
السخرية من هذا الرجل المبدع؛الذي يحمل همّ قريته؛يشبه تماما نواب كرو فينا؛ فهم يبذلون وينفقون ويعملون بصمت؛ تارة في الصحة؛وتارة في التعليم؛وطورا يواسون المسكين؛والآن ينجزون هذا الطريق؛ الذي أهملته الحكومة.
شقّ هذا الطريق وإن كان متواضعا في شكله؛فهو يدلّ على معاني عظيمة و جمّة : منها استعداد هؤلاء النواب للبذل والتضحية في سبيل خدمة مقاطعتهم ؛التي منحتهم ثقتها ؛واصطفتهم من بين أبناءها الفضلاء في انتخاباتهم الماضية.
وبهذا الإنجاز يكون هؤلاء النواب ألقموا خصومهم حجرا؛وأرشدوهم إلى العمل الصالح؛الذي ينفع صاحبه؛ويمكث في الأرض عبر الزمن ؛ويحفر نبله في وجدان المريض والفقير؛ وحتى السائح الذي كان قبل الطريق يحجب عنه شموخ الجبال مناظر خلابة في تلك القرية المعزولة.
وبهذا الإنجاز تعلّمنا أنّ شتم النظام ونعته بأبشع الأوصاف السياسية؛وفضح فساده؛ومقارعته باللسان والبيان لا تكفي وحدها؛لمن يتخندق في صفّ معارضته؛ويحمل همّ تغيير مجتمعه ؛الذي يكنّ له العداء بسبب جهله وخداع نظامه.
فلا بدّ للمصلح أن يضحّي؛ببعض ماله ووقته؛ ويخالط المواطن المسكين في عشّه وبيته؛وأن يواسيه ببعض ما أنعم الله عليه من رغد في المعاش.
فهذا الإنجاز أيضا كان درسا بليغا للأغلبية؛التي لا يوجد لها من إنجاز طيلة مأموريتها؛سوى تأليه القائد الفذّ وإطراءه؛ الذي عجزت نساء العالم أن يلدن مثله؛هذا إن كانوا فاعلين سياسيين؛فإن كانوا شيوخ قبائل فأعظم إنجاز عندهم؛لا يكون من دون ريب مثل طريق كرو و أودي إجريد ؛وإنّما يضارع إحياء القبلية وإضرام نارها.
وبهذا الإنجاز يكون نواب كرو خرقوا الإجماع الضمني بين المعارضة والأغلبية؛فالمعارضة غالبا لا تنجز سوى قاموس من ألفاظ الشتم والقدح في حقّ النظام؛والأغلبية كذالك لا تنجز سوى موسوعة ضخمة من ألفاظ التزلف والمدح في حقّه.
أمّا عمل خيري يواسي المواطن من أموالهما الطائلة؛ فذاك أمر تأباه المعارضة والأغلبية؛ بقرار يحظى عندهما بشبه إجماع.