بعد المفاجأة التي اثارها تخلي الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند عن الترشح لولاية ثانية، تتجه الانظار الجمعة الى رئيس الوزراء مانويل فالس الذي سيكون عليه اعلان ترشحه رسميا بسرعة للانتخابات التمهيدية لليسار المشتت.
ويمضي رئيس الوزراء نهاره بالكامل تقريبا في مدينة نانسي (شرق) بينما سيتوجه رئيس الجمهورية الى الامارات العربية ا
لمتحدة لحضور مؤتمر دولي.
وعنونت الصحف الفرنسية غداة هذا السيناريو غير المسبوق في الجمهورية الخامسة المتمثل في تخلي رئيس للدولة عن الترشح مجددا “النهاية” و”بدوني” و”وداعا ايها الرئيس″.
وقال هولاند (62 عاما) في كلمة متلفزة مساء الخميس من الإليزيه في باريس “قررت الا اترشح للانتخابات الرئاسية”، مؤكدا انه “مدرك للمخاطر التي يمكن أن تنجم عن خطوة من جانبي لن تلقى التفافا واسعا حولها”.
وبات هناك سؤالان مطروحان يتعلقان بفالس الوريث المرجح: متى يعلن ترشحه قبل انتهاء مهلة تسجيل المرشحين للانتخابات التمهيدية لليسار في 15 كانون الاول/ديسمبر؟ وهل سيكون عليه مغادرة منصب رئيس الحكومة؟
ومن غير المرجح ان يعلن فالس خلال رحلته الى نانسي ترشحه بعد وقت قصير جدا من “الموت” السياسي لهولاند.
وسيلقي رئيس الوزراء السبت — مبدئيا – خطابا في تجمع في باريس دعا اليه الحزب الاشتراكي. لكن اعلانا شخصيا في هذه المناسبة يمكن ان يؤدي الى توجيه انتقادات الى قيادة الحزب الاشتراكي من قبل المرشحين الآخرين مثل ارنو مونتيبور او بينوا آمون الوزيرين السابقين.
– شعبية في ادنى المستويات –
في الاليزيه، اعلن الرئيس انه لن يترشح للرئاسة بدون ان يوضح ما اذا كان يدعم رئيس وزرائه وحتى بدون ذكر اسمه. لكن مصادر قريبة من فالس قالت ان الرجلين تحادثا مرات عدة قبل الاعلان وبعده.
ومع فتح الطريق امامه، يفترض ان يواصل فالس عملية تجميع القوى التي بدأها قبل اسابيع. وقد سعى فالس الذي يثير الانقسام في معسكره في اغلب الاحيان، الى تخفيف حدة الخلافات لتحسين صورته الانتخابية.
الا انه يرث وضعا لا يحسد عليه كما تشير استطلاعات الرأي التي اجريت قبل اعلان هولاند. فهذه الارقام تفيد انه سيحصل على ما بين 9 و11 بالمئة من الاصوات فقط، ويتقدم عليه وزير الاقتصاد السابق ايمانويل ماكرون ومرشح يسار اليسار جان لوك ميلونشون.
لقي اعلان هولاند الذي تراجعت شعبيته الى مستويات قياسية اشادات حتى من اليمين. وقد وردت في معظم التعليقات عبارات “كرامة” و”احترام” و”شجاعة”… بما في ذلك من قبل الذين خانوا الرئيس او اضعفوه.
– “قرار حكيم” –
قال ارنو مونتيبور انه “قرار حكيم وواقعي ومحترم”، بينما اكد ايمانويل ماكرون انه “قرار شجاع″. واكد مانويل فالس انه “خيار رجل دولة”.
من جهتها، رأت كريستيان توبيرا وزيرة العدل السابقة التي انسحبت من الحكومة في اطار مشروع التجريد من الجنسية المثير للجدل “لحظة كرامة في السياسة التي باتت تبخل في ذلك”.
ويعمل البعض في اليسار على دفع وزيرة العدل السابقة التي تتبع خطا مختلفا تماما عن سياسة فالس، الى الترشح للانتخابات.
ورأى رئيس الوزراء الاسبق فرنسوا فيون مرشح اليمين للانتخابات الرئاسية في 2017 والمرشح الاوفر حظا للفوز فيها حسب استطلاعات الرأي الاخيرة، ان فرنسوا هولاند “اقر بفشله”.
في اليمين المتطرف، انتقد فلوريان فيليبو مساعدة زعيمة حزب الجبهة الوطنية مارين لوبن من قبل فيون وفالس معتبرا انهما “نسختان” عن رئيسيهما نيكولا ساركوزي وفرنسوا هولاند. وقال “رئيسان للجمهورية يخرجان خلال اسبوعين. ما فائدة ترشح نسختان عنهما؟”.
وفي كلمته، اتهم هولاند اليمين بأنه يريد التشكيك بالنموذج الاشتراكي الفرنسي، وحذر من اليمين المتطرف “الذي يدعونا الى الانطواء والخروج من أوروبا والعالم”. وتحدث عن “التحدي (الذي تمثله) الفترة المقبلة”، داعيا إلى “رد فعل جماعي”.
انتخب هولاند رئيسا عام 2012 بمواجهة نيكولا ساركوزي، وبات الرئيس الأول الذي يرفض الترشح لولاية ثانية منذ عام 1958.
وقال هولاند في خطابه الخميس “في الأشهر المقبلة، واجبي الوحيد سيكون مواصلة قيادة البلاد”.