القدس العربي : تواجه الدولة الإسبانية خلال السنة المقبلة 2017 التي ستنتهي في ظرف يوم واحد تحديات كبرى وشائكة على رأسها قرار الحركات القومية في كتالونيا تنفيذ استفتاء تقرير المصير خلال هذه السنة لبدء انفصال حقيقي وتشكيل دولة جديدة. وتقول مدريد بمنعهم. وتعيش إسبانيا منذ عقود على إيقاع مطالب الحركات القومية في بعض الأقاليم التي تسمى «الأقاليم التاريخية» وهي بلد الباسك وكتالونيا وغاليسيا، إلا أن كتالونيا رفعت من إيقاع التحدي إلى مستويات لم تشهدها البلاد منذ الانتقال الديمقراطي مع رحيل الدكتاتور الجنرال فرانسيسكو فرانكو سنة 1975. وأقدمت الحركات السياسية القومية الكتالونية خلال سنة 2016 على سلسلة من القرارات التي تصب في بدء الاستقلال عن إسبانيا ومنها تهيئة مسودات دستور والضمان الاجتماعي ومصلحة الضرائب. وهي إجراءات مكملة لأخرى كانت قد اتخذتها سنة 2015 ومنها استفتاء تقرير المصير الذي جرى خلال تشرين الثاني/ نوفمبر 2015، وإن لم يكن رسميا، فقد استغلت الحركات نتائجه الداعية للاستقلال لكي تكتسب شرعية.
في هذا الصدد، وقع حزب «جميعا من أجل نعم» ويضم اليمين المحافظ الكتالوني واليسار الجمهوري الكتالوني وهو حزب حاكم مع حزب «ائتلاف وحدة الشعب» اليساري الراديكالي الذي يفور له في البرلمان النصاب القانوني للحكم أمس الخميس على وثيقة تسمى «قانون قطع التواصل مع إسبانيا» من أجل تشكيل الجمهورية الكتالونية خلال السنة الجديدة 2017.
وتنص الوثيقة في بندها الأول «كتالونيا تشكل جمهورية الحق والقانون، ديمقراطية واجتماعية» والعمل من أجل الضمانات القانونية للانتقال إلى الجمهورية في حالة الفوز في استفتاء تقرير المصير من أجل الاستقلال وبناء الجمهورية. وهذه الوثيقة هي تطبيق لقانون ملزم صادق عليه البرلمان الكتالوني يوم 10 أكتوبر/تشرين الأول الماضي يجبر حكومة الحكم الذاتي على إجرائ استفتاء تقرير المصير من جانب واحد دون الاعتماد على ترخيص من الحكومة المركزية في مدريد. وحددت للاستفتاء تاريخا لا يتعدى سبتمبر/أيلول المقبل.
وأوردت جريدة البيريوديكو دي كتالونيا الصادرة في برشلونة أنه جرى الاتفاق على هذه الوثيقة، لكنها لن تطرح للتصويت في البرلمان الآن بل بفترة وجيزة قبل إجراء الاستفتاء لتفادي قيام الحكومة الطعن فيها أمام المحكمة الدستورية. بمعنى لن يكون للحكومة الوقت الكافي للطعن أمام القضاء، وهذا يجر إلى سياسة فرض الأمر الواقع الذي تريد فرضه حكومة الحكم الذاتي في كتالونيا على حكومة مدريد المركزية.
ورفعت الأخيرة دعاوى ضد مسؤولين في كتالونيا ومنها رئيسة البرلمان الكتالوني بتهمة العصيان ومخالفة الدستور بسبب إجراءات سياسية سابقة تصب لصالح الاستقلال. لكن رغم توظيف مدريد للقضاء للجم الكتالونيين سياسيا، إلا أن هؤلاء يستمرون في التحدي، وسيجعلون سنة 2017 فارقة في المشهد السياسي الإسباني بمحاولتهم إنشاء الجمهورية الكتالونية التي يحلمون بها منذ زمن بعيد.