محمدُّ سالم ابن جدُّ
حدثني إطار كفء مختص بمجال المالية العامة أن في ميزانية بلادنا بندا سنويا ثابتا هو "الضريبة على واردات لحم الخنزير" وأن أخرى على واردات الخمر كانت توأما لها حتى سنة 1984 فأوقفت هذه بينما استمرت تلك إلى اليوم!
لا أدري هل اطلع البرلمانيون على هذا المصدر المالي القذر في نقاشاتهم الرامية إلى إجازة الميزانية السنوية أم أجازوه على طريقة "لم أحضر ولكن اكتب شهادتي" وإن كنت موقنا أنه يمر بالدوام دون اعتراض، ويتفقون في ذلك مهما اختلفت مواقفهم ومستوياتهم المعرفية وخلفياتهم السياسية، وأنهم يعلمون جميعا أن الله حرم الخنزير بنص القرآن، وأن أفرادا منهم يعلمون أن النبي - صلى الله عليه وسلم- قال: «قاتل الله اليهود حرمت عليهم الشحوم فباعوها وأكلوا أثمانها، وإن الله إذا حرم شيئا حرم ثمنه» (رواه ابن حبان وغيره، وصححه الألباني).
تسري الإيرادات الخنزيرية في الميزانية العامة فتنجسها كما يتنجس الطعام إذا اختلطت به قطعة من لحم الميتة، وتلج مواطن ما ينبغي أن تحوم حولها.
لنتصور عاملا أو موظفا يكد ويشقى للعيش الشريف وفي نهاية الشهر يطعم نفسه وعياله عرق جبينه مغموسا في لحم الخنزير!
لنتصور إماما يتلقى على انتصابه في المحراب عونا ملوثا بلحم الخنزير، وربما دخل هذا المال النجس في بناء المسجد ذاته!
لنتصور شيخ محظرة ورعا أو قارئا مجودا أو فقيها جهبذا أو قاضيا عادلا.. ينال عونا مشوبا بلحم الخنزير، وقد يكون من قطاع العدل أو التوجيه الإسلامي!
لنتصور مريضا على سريره يسرب عبر وريده دواء مشترى من لحم الخنزير. (وإن الله إذا حرم شيئا حرم ثمنه)!
.. إلى آخر الأمثلة؛ إن كان لها آخر.
متى يفيق المسؤولون فيفهموا من نحن وماذا يصلح لنا وما لا يليق بنا، أم ستظل أبدانهم هنا وعقولهم في الغرب مهما توالت الانقلابات والإقالات والانتخابات والتعيينات!
أشعر بقرف يمنعني من مواصلة الكتابة.