"قرآن أمريكا" دليل جديد على أن القرآن الكريم من تنزيل الحكيم العليم

رسالة الخطأ

Deprecated function: preg_match(): Passing null to parameter #2 ($subject) of type string is deprecated in rename_admin_paths_url_outbound_alter() (line 82 of /home/amicinf1/public_html/sites/all/modules/rename_admin_paths/rename_admin_paths.module).
أربعاء, 2017-02-15 15:23

..الفرقان الحق" عنوان كتاب ألفه مجموعة من الخبراء العرب المسيحيين - محاولة لمضاهاة القرآن الكريم - صدرت الطبعة الأولى منه سنة 2001 بأمريكا، وتم توزيعه على المكتبات الأمريكية والأوربية المشهورة، ويروج له في بعض البلاد العربية، يذهب أحد الباحثين إلى أن رئيس اللجنة التي أشرفت على إعداد "الفرقان الحق" هو الدكتور "أنيس الشروش" الفلسطيني الأصل، الأمريكي الجنسية، المسيحي الديانة، وأن أموالا طائلة قد رصدت لتأليف هذا الكتاب.

حاول مؤلفو هذا الكتاب توظيف الآيات القرآنية الكريمة بمفرداتها المعجمية ونسق بنائها اللغوي في محاكاة أسلوب القرآن الكريم شكلا، لتوليد معان مناقضة لمعاني القرآن الكريم، أساسها فكر إنجيلي همه الأكبر التبشير بعقيدة "التثليث" وأباطيل المستشرقين حول الإسلام ونبينا محمد عليه الصلاة والسلام؛ لإقناعهم باعتناق النصرانية المحرفة، وإلغاء القرآن الكريم واستبدال هذا الكتاب المنتحل به.

إلا أن هذا النص ذاته يعد دليلا جديدا على أن القرآن الكريم من تنزيل الحكيم العليم، فمع أن "قرآن أمريكا" من نتاج هذا العصر الذي بلغت فيه البشرية القمة في العلم و فهم أسرار الإنسان والكون والقدرة على تسخير الطبيعة بما لم يخطر ببال من عاشوا قبل قرنين من الزمن، أحرى من عاشوا قبل أربعة عشر قرنا، وهو عصر مغاير تماما للعصر الذي نزل فيه القرآن الكريم فكرا وثقافة وتصورا للإنسان والكون والمستقبل، إلا أن هذا الكتاب يظهر في مضمونه وأسلوبه متخلفا بسنوات ضوئية عن القرآن الكريم، ومنطق العصر الذي نعيشه؛ مما لا يدع مجالا للشك أن القرآن الكريم لم يكن من نتاج حقبة تاريخية أو إفراز واقع معين بل كان أعلى من الزمن وأكبر من المكان، حتى إن القارئ له في أي زمان أو مكان يشعر أنه يخاطبه كما يخاطب مجتمعه.

وسوف اختار من قرآن أمريكا " السورة الأولى منه وهي "البسملة" فهي أكثر انسجاما من غيرها من سور هذه الكتاب البالغة سبعا وسبعين حتى أبرهن على زيف هذا الكتاب:

نـــص السورة: "باسم الأب الكلمة الروح الإله الواحد الأوحد مثلث التوحيد، موحد التثليث ما تعدد، فهو أب لم يلد، كلمة لم يولد، روح لم يفرد، خلاق لم يخلق فسبحان مالك الملك والقوة والمجد، من أزل الأزل إلى أبد الأبد "

ترى أي تناقض علمي ، وخلط منهجي، يكمن في هذه السورة القصيرة التي تعد الباب الذي يدلف منه القارئ إلى باحة هذا الكتاب؛ إنها تصف الإله باثنتي عشرة صفة متتالية؛ ومع ذلك فإن القارئ لهذه الصفات لا يخرج بصورة واضحة عن هذا الإله وذلك للأسباب التالية:
1 - أن هذه الصفات لم تكشف حقيقة هذا الإله، أو تزيح عنه غطاء الغموض،  بل زادته غموضا على غموضه، مع أن الصفة إنما سميت صفة لأنها تقرب حقيقة الموصوف إلى الذهن.

2 - أن عشر صفات من هذه الصفات الاثنتي عشرة خالية من أي معنى للكمال أو مدلول للعظمة، أو إيحاء إلى الجمال يدل على تفرد هذا الإله بالربوبية في ملكوته، وتنزهه عن العجز والنقص اللازمين للمخلوق.

3 - أن أغلب هذه الصفات الاثنتي عشرة تكاد كل صفة منها تنسف معنى الصفة السابقة لها فهو: " أب" والأبوة لا يمكن تصورها بمعزل عن وظائفها البيولوجية، وما تقتضيه من اتصال جنسي، ورغبة في الاستكثار بالأبناء حتى يكثروه ويشدوا عضده، ولما كان مؤلف الكتاب يشعر- في قرارة نفسه - بهذه الحقيقة؛ فإنه اضطر إلى أن يصف "إلهه" بصفة أخرى تنفي عنه مدلول " الأبوة"، فقال إنه " أب لم يلد"، أي أنه أب "كاذب" انتحل صفة " الأبوة" لنفسه كذبا، وادعاها بهتانا.

4 - وهو "كلمة" والكلمة توحي أنه ليس قائما بذاته، ولا مستقلا بوجوده، إذ لا يمكن تصور وجود "كلمة" من دون متكلم؛ مما يعني أن هذا "الإله" ليس مستقلا بمفرده، بل يستمد وجوده من غيره، كما تستمد الكلمة وجودها من المتكلم، وهذا ما فرض على مؤلف الكتاب أن يقول بأنه " " كلمة لم يولد".

5 - وهو " الواحد" " الأوحد" وهو كذلك " مثلث التوحيد و موحد التثليث" وهي صفات متناقضة تدل على أنه إله عبثي، سيء التدبير، متناقض في صفاته؛ فهو واحد أوحد وتلك صفة ذاتية لازمة له، إلا أنه لا يريد أن يبقى متفردا في وحدانيته، فيسعى إلى تثليث الواحد أي ذاته، و توحيد الثلاثة أي دمج بعض خلقه معه في كيان متنافر؛ يتألف من الأضداد حيث يندمج " الكامل" مع " الناقص" و" المطلق" مع النسبي" و"الخالق" مع " المخلوق" و"الرب" مع "المربوب"

يا له من إله مسكين تطارده عقدة التثليث، و تكبل فكره ووجدانه، ومن مؤلف مقيد بتراث كنسي تجاوزه العلم والعقل معا، فهل عجزت اللغة عن إنتاج معنى يناسب عظمة الخالق وتفرده في ربوبيته، أم أن مؤلفي الكتاب عقيمو الفكر كــإلههم الذي " لم يلد" رغم أنه "أب"

ولنقرأ السورة من جديد علنا نكتشف دلالتها في سياقها العام، ولنكرر التجربة مرات عديدة، ولا بأس أن نرتلها ترتيلا كما صنعت أنا: "باسم الأب الكلمة الروح الإله الواحد الأوحد، مثلث التوحيد، موحد التثليث ما تعدد، فهو أب لم يلد، كلمة لم يولد، روح لم يفرد، خلاق لم يخلق، فسبحان مالك الملك والقوة والمجد، من أزل الأزل إلى أبد الأبد "

إنها مكونة من تسع وعشرين كلمة، وقد أثبتت لهذا الإله اثنتي عشرة صفة، موزعة على النحو التالي:
- ثماني صفات منها معرفة
- أربع صفات موصوفة 
- ثلاث صفات مفسرة للصفات الثلاث التي جاءت قبلها على النحو التالي:
- صفة " الأب" المعرفة، فسرت بأنه" أب لم يلد" 
- وصفة " الكلمة" المعرفة فسرت بأنه: " كلمة لم يخلق"
- وصفة " الروح" المعرفة فسرت بأنه: " روح لم يفرد" 
 وجاءت صفة : "خلاق لم يخلق" على غير نسق الصفات الثلاث التي سبقتها.

- " فسبحان مالك الملك والقوة والمجد" هذه عبارة ختمت بها السورة للدلالة على عظمة هذا الإله، وأحقيته بأن ينزه، مع أن السورة لا تدل على أي وصف يدل على التفرد الذي يستحق صاحبه أن يسبح بحمده أو ينزه عن العجز والنقص الملازمين للمخلوق، لأن الصفات التي أثبتت له تشبه صفات المخلوقين.

لا شي ء في هذه الجمل المتناثرة سوى التعقيد اللفظي، فالكلمات لا يوجد بينها رابط منطقي، فضلا عن تناقضها من حيث الدلالات، وافتقارها إلى الانسجام الداخلي، رغم " الوحدة" الموضوعية الشكلية، وهو ما تعبر عنه كثافة التكرار دون تأكيد للمعنى السابق أو تأسيس لمعنى جديد.

الكلمات المكررة بلفظها أو مع مشتقاتها
- " أب" ------ كررت --------2
- " كلمة" ---- كررت --------2 
- " الروح" ---- كررت ------2 
- التوحيد" --- كررت -------4
- "التثليث" --- كررت ------ 2
- "الولادة" ---- كررت ------2 
- " الخلق" --- كررت -------2 
- " الملك" --- كررت ------- 2
- " الأزل" --- كررت -------2
- " الأبد" ---- كررت -------2 
- لم -------- كررت ---  4

مما يعني أن 26 ستا وعشرين كلمة/ مقطع صوتي كانت مكررة؛ وأن 18 ثمانية عشر كلمة فقط هي التي وردت دون تكرار، فضلا عن تكرار 
- حرف " الميم " 14 أربع عشرة مرة.
- وجرف الدال " 12 اثنتى عشرة مرة
- وحرف " الحاء" 77 سبع مرات

وهذا ما يجعل اللسان يتلعثم في قراءة هذه الجمل وكأنه يصعد في السماء.

ولم يكتف هذا "المؤلف/ الإله" بهذا الهذيان الذي يعبر عن عجزه وقصوره، بل وصف المؤمنين من أتباع الدين الإسلامي الحنيف في " سورة الثالوث" بأنهم مشركون " يا أيها الذين أشركوا من عبادنا ادعونا أو أدع الرحمن، أو ادع الرحيم، أي ما تدعوننا فلنا التجليات الحسنى جميعا .................

ترى هل أصيب هذا المؤلف/ الإله" بفقد الذاكرة فاختلطت عليه الأسماء واشتبه الخلق فظن أن أتباع محمد عليه الصلاة والسلام هم الذين قالوا بأن " الله" ثالث ثلاثة، أو أن محمدا رب أو ابن "الله" ؟

لقد عجز مؤلفو هذا الكتاب عن توليد فكرة، أو إيصال معنى معقول، أو إرسال إشارة هادية بإيحاءاتها البعيدة إلى معاني أوسع ودلالات أشمل، مع أنهم خبراء في هذا المجال ويتقنون البلاغة، وعلم اللسانيات وعلم النفسي اللغوي، وعلم الموسيقى وخاصة "موسيقى اللغة".
جزء من مقال نشرته سنة 2008 م